الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكتاب (حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) الآية.
إن لم يؤمنوا. وكذلك حديث بريدة - في أهل الأوثان خاصة -.
فالفرض فيمن دان وآباؤه دين أهل الأوثان - من المشركين -: أن يقاتلُوا
- إذا قُدِرَ عليهم - حتى يسلموا، ولا يحل أن يقبل منهم جزية، بكتاب الله
وسنة رسوله.
والفرض في أهل الكتاب، ومن دان قبل نزول القرآن - كله - دينهم: أن
يقاتلوا حتى يُعطوا الجزية، أو يسلموا، وسواء كانوا عرباً أو عجماً.
* * *
قال الله عز وجل: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا
يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (41)
الأم: الاختلاف - (في توزيع الفيء) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وإذا قسم اللَّه عز وجل الفيء فقال:
(وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ) الآية.
وسنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أربعة
أخماسه لمن أوجف على الغنيمة، للفارس من ذلك ثلاثة أسهم، وللراجل سهم، فلم نعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فضل الفارس ذاْ الغناء العظيم على الفارس الذي ليس
مثله، ولم نعلم المسلمين إلا سووا بين الفارسين، حتى قالوا: لو كان فارس
أعظم الناس غناء، وآخر جبان سووا بينهما، وكذلك قالوا في الرَّجَّالة.
الأم (أيضاً) : جماع سنن قَسْمِ الغنيمة والفيء:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال اللَّه عز وجل: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ) الآية.
وقال اللَّه تعالى: (مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى)
وقال تعالى: (وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ) .
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فالغنيمة والفيء يجتمعان في أن فيهما معاً الخمس
من جميعهما لمن سماه اللَّه تعالى له، ومن سماه اللَّه عز وجل له - في الآيتين معاً -
سواء مجتمعين غير متفرقين.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: ثم يتعرف الحكم في الأربعة الأخماس، بما بيَّن
الله عز وجل على لسان نبيه، وفي فعله، فإنه قسم أربعة أخماس الغنيمة.
والغنيمة: هي الموجف عليها بالخيل والركاب لمن حضر من غني وفقير.
والفيء: وهو ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب.
فكانت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في قرى عُرَينَة - التي أفاءها اللَّه عليه - أن أربعة أخماسها لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خاصة، دون المسلمين، يضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث
أراه اللَّه عز وجل.
الأم (أيضاً) : الأنفال:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وقلنا قد يحتمل أن يكون قول اللَّه تعالى: (فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ) الآية، على أكثر الغنيمة لا على كلها، فيكون السلَب مما لم يرد من
الغنيمة، وصفي النبي صلى الله عليه وسلم، وما غنم مأكولاً فأكله من غُنمِه، ويكون هذا بدلالة السنة، وما بقي تحتمله الآية، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أعطى السلَب من قتل، لم يجز عندي
- واللَّه أعلم - أن يخمس ويقسم، إذا كان اسم السلب يكون كئيراً وقليلاً، ولم يستثن النبي صلى الله عليه وسلم قليل السلب ولا كثيره، أن يقول يعطى القليل من السلب دون الكثير، ونقول دلَّت السنة أنه إنما أراد بما يخمس ما سوى السلَب من الغنيمة.
الأم (أيضاً) : سنَّ تفريق القسم:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال اللَّه تبارك اسمه: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ) .
قال الشَّافِعِي رحمه الله: أخبرنا مُطرِّف، عن مَعْمَر، عن الزهري، أن محمد
ابن جبير بن مطعم، أخبره عن أبيه قال: لما قسم النبي صلى الله عليه وسلم سهم ذي القربى بين بني هاشم وبني المطلب، أتيته أنا وعثمان بن عفان، فقلنا: يا رسول اللَّه، هؤلاء إخواننا من بني هاشم لا ينكر فضلهم، لمكانك الذي وضعك اللَّه به منهم، أرأيت إخواننا، من بني المطلب أعطيتهم وتركتنا - أو منعتنا - وإنَّما قرابتنا وقرابتهم واحدة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما بنو هاشم وينو المطلب شيء واحد هكذا.
وشبَّك بين أصابعه" الحديث.
أخبرنا الربيع قال:
أخبرنا الشَّافِعِي رحمه الله قال: أخبرنا - أحسبه - داود العطار، عن ابن
المبارك، عن يونس، عن ابن شهاب الأزهري، عن ابن المسيب، عن جبير بن مطعم، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل معناه
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وأخبرنا عن الزهري، عن ابن المسيب، جبير بن
مطعم قال: "قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم ذي القربى بين بنى هاشم وبني المطلب، ولم يعط منه أحداً من بني عبد شمس، ولا بنى نوفل شيئاً" الحديث.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قلت قول الله عز وجل: (وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى)
فهل تراه أعطاهم بغير اسم القرابة؛ قال: لا، وقد يحتمل أن يكون
أعطاهم باسم القرابة ومعنى الحاجة.
قلت: فإن وجدتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى من ذوي القربى غنياً لا دين عليه ولا حاجة به؛ بل يعول عامة أهل بيته، ويتفضل على غيره لكثرة ماله، وما من الله عز وجل به عليه من سعة خلقه، قال إذاً يبطل المعنى الذي ذهبتُ إليه، قلت: فقد
أعطى أبا الفضل العباس بن عبد الطلب وهو كما وصفت في كثرة المال، يعول عامة بني المطلب، ويتفضل على غيرهم. قال: فليس لما قلت من أن يعطوا على الحاجة معنى، إذا أعْطَيه الغني.
وقلت له: أرأيت لو عارضك معارض أيضاً.
فقال: قال الله عز وجل في الغنيمة: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ) الآية.
فاستدللنا: أن الأربعة الأخماس لغير أهل الخمس، فوجدنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها من حضر القتال.
فلو غزا قوم فغنموا غنائم كثيرة أعطيناهم بقَدرِ ما كانوا يأخذون في
زمان النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ليس ذلك له، قد علم الله أن يستغنموا القليل والكثير، فإذا بين النبي صلى الله عليه وسلم أن لهم أربعة أخماس فسواء قلَّت أو كثرت، أو قلوا أو كثروا، أو
استغنوا أو افتقروا.
قلتُ: فلم لا تقول هذا في سهم ذي القربى؟!.
الأم (أيضاً) : الخمس فيما لم يوجف عليه:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال لي قائل: قد احتججتَ بأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى سهم ذي القربى، عام خيبر ذوي القربى، وخيبر مما أوجف عليه، فكيف زعمت أن الخمس لهم مما لم يوجف عليه؟
فقلت له: وجدت المالين أخذا من المشركين.
وخولهما بعض أهل دين اللَّه عز وجل، ووجدتُ الله تبارك وتعالى اسمه، حكم في خمس الغنيمة بأنه على خمسة؛ لأن قول الله تبارك وتعالى:(لِلَّهِ) الآية، مفتاح كلام كل شيء، وله الأمر من قبل ومن بعد، فأنفذ رسول الله صلى الله عليه وسلم لذوي القربى حقهم، فلا يُشك أنه قد أنفذ لليتامى، والمساكين، وابن السبيل حقهم، وأنه قد
انتهى إلى كل ما أمره الله عز وجل به.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قلت: لما احتمل قول عمر أن يكون الكل
لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن تكون الأربعة الأخماس التي كانت تكون للمسلمين، فيما أوجف عليه لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم دون الخمس، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم فيها مقام
المسلمين، استدللنا بقول الله عز وجل في الحشر:
(فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى)
على أن لهم الخمس، وأن الخمس إذا كان لهم، ولا يشك أن
النبي صلى الله عليه وسلم سلمه لهم، فاستدللنا: إذا كان حكم الله عز وجل في الأنفال: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ) الآية، فاتفق الحكمان في سورة الحشر، وسورة
الأنفال لقوم موصوفين، وإنَّما لهم من ذلك الخمس لا غيره.
الأم (أيضاً) : بلاد العنوة:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وكل ما وصفت أنه يجب قَسمُه، فإن تركه الإمام، ولم يقسمه، فَوَقَفَه المسلمون، أو تركه لأهله، ردَّ حكم الإمام فيه؛ لأنه مخالف للكتاب ثم السنة معاً، فإن قيل: فأين ذكر ذلك في الكتاب؟
قيل: قال اللَّه عز وجل: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ) الآية، وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم الأربعة الأخماس على من أوجف عليه بالخيل والركاب، من كل ما أوجف عليه من أرض أو عمارة أو مال، وإن تركها لأهلها، أتبع أهلها بجميع ما كان في أيديهم من غلتها، فاستُخرج من أيديهم، وجعل لهم أجر مثلهم، فيما قاموا عليه فيها، وكان لأهلها
أن يتبعوا الإمام بكل ما فات فيها، لأنها أموالهم أفاتها.
الأم (أيضاً) : كتاب (سير الأوزاعي) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وإنما نزلت: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ) الآية، بعد غنيمة بدر، ولم يُعلم - أن - رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهم لخلق
لم يشهدوا الوقعة بعد نزول الآية، ومن أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم من المؤلفة وغيرهم.
فإنما من ماله أعطاهم، لا من شيء من أربعة الأخماس، وأما ما احتج به من
وقعة عبد الله بن جحش، وابن الحضرمي، فذلك قبل بدر، وقبل نزول الآية.
الأم (أيضاً) : سهم الفارس والراجل وتفضيل الخيل:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وإنما نزلت: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى) الآية.
بعد بدر على ما وصفتُ لك، يُرفع خمسها، وُيقسم أربعة أخماسها واقرأ على من حضر الحرب من المسلمين.
إلا السلَب: فإنه سُن أنه للقاتل في الإقبال، فكان السلب خارجاً منه.
وإلا الصِّفِيَ: فإنه قد اختلف فيه، فقيل: كان يأخذه صلى الله عليه وسلم من سهمه من الخمس.
وإلا البالغين من السبي:
فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم سَنَّ فيهم سنناً، ففتل بعضهم.
- وفادى بعضهم، ومَنَّ على بعضهم -، وفادى ببعضهم أسرى المسلمين.
فالإمام في البالغين من السبي مخير فيما حكيتُ أن النبي صلى الله عليه وسلم سَنَّه فيهم، فإن أخذ
من أحد منهم فدية، فسبيلها سبيل الغنيمة، وإن استرقَّ منهم أحداً، فسبيل
المرقوق سبيل الغنيمة، وإن فادى بهم بقتل أو فادى بهم أسيراً مسلماً، فقد
خرجوا من الغنيمة، وذلك كله كما وصفتُ.
الأم (أيضاً) : وطء السبابا بالمِلك:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: ثم نزل جمليه منصرفه من بدر: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ) الآية، فجعل الله له ولمن سَمِّي معه
الخمس، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن أوجف الأربعة الأخماس بالحضور، للفارس ثلاثة أسهم، وللراجل سهم.
مختصرالمزني: مختصرمن كتاب (قسم الفيء وقسم الغنائم) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: أصل ما يقوم به الولاة من جمل المال ثلاثة وجوه:
أحدها: ما أخِذ من مال مسلم تطهيراً له، فذلك لأهل الصدقات، لا لأهل الفيء.
والوجهان الآخران: ما أخِذ من مال مشرك، كلاهما مبين في كتاب الله
تعالى، وسُنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم وفعله.
فأحدهما: الغنيمة، قال الله تبارك وتعالى:(وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ) .
والوجه الثاني: هو الفيء، قال الله تعالى:(مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى) .
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فالغنيمة والفيء يجتمعان في أن فيهما معاً الخمس
من جميعهما لمن سماه اللَّه تعالى له في الآيتين معاً سواء. ..
أحكام القرآن: فصل (فيما يؤثر عنه - الشَّافِعِي - من التفسير والمعاني في الطهارات والصلوات) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: آل محمد صلى الله عليه وسلم: الذين حرم اللَّه عليهم الصدقة، وعوضهم منها الخمس، وقال اللَّه عز وجل:(وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى) فكانت هذه الآية في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم:
"إنَّ الصدقة لا تحلُّ لمحمدٍ، ولا لآل محمدٍ" الحديث.
وكان الدليل عليه: أن لا يوجد أمر يقطع العنت، وُيلزم أهل العلم - واللَّه أعلم - إلا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلما فرض اللَّه على نبيه صلى الله عليه وسلم أن يؤتي ذا القربى حقه، وأعلمه: أن لله خمسه وللرسول ولذي القربى، فأعطى سهم ذي القربى في بني هاشم وبني المطلب.
دلَّ ذلك على أن الذين أعطاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الخمس هم: آل محمد الذين أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالصلاة عليهم معه، والذين اصطفاهم من خلقه، بعد نبيه صلى الله عليه وسلم.
آداب الشَّافِعِي: ما في الزكاة والسيَر:
وقال يونس:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: إن غنائم بدر لم ثخَمَّس ألبَتَّة، وإنما نزلت آية
الخُمس بعد رجوعهم من بدر، وقَسْم الغنائم.