الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن قد جعل الله تبارك وتعالى لهم بالهجرة مخرجاً، وقال:(وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً) الآية.
وأمرهم ببلاد الحبشة فهاجرت إليها منهم طائفة، ثم دخل أهل المدينة في
الإسلام، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم طائفة فهاجرت إليهم غير محرّم على من بقي ترك الهجرة إليهم.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: ثم أذن الله تبارك وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم بالهجرة -
فهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، ولم يحرّم في هذا على من بقي بمكة المقام بها، وهي دار شرك - وقتئذ - وإن قفوا: بأن يفتنوا، ولم يأذن لهم بحهاد.
ثم أذن الله عز وجل لهم بالجهاد، ثم فرض بعد هذا عليهم أن يهاجروا من دار الشرك.
وهذا موضوع في غير هذا الموضع.
* * *
قال الله عز وجل: (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا (101)
الأم: باب (الحالَين اللذين يجوز فيهما استقبال غير القبلة) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله تعالى: الحالان اللذان يجوز فيهما استقبال غير القبلة
الأول: قال الله عز وجل: (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ) إلى: (فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ) .
فأمرهم الله خائفين محروسين بالصلاة، فدل ذلك على أنه أمرهم بالصلاة للجهة التي وجههم لها من القبلة.
الثاني: وقال الله عز وجل: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى) إلى: (رُكبَانًا) الآية، فدل إرخاصه في أن يصلوا رجالاً وركباناً، على أنَّ الحال التي أذن لهم فيها بأن يصلوا رجالاً وركباناً، من الخوف غير
الحال الأولى التي أمرهم فيها؛ أن يحرس بعضهم بعضاً، فعلمنا أن الخوفين مختلفان.
الأم (أيضاً) : باب (صلاة المسافر) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال الله عز وجل: (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) الآية، فكان بيَناً في كتاب اللَّه تعالى: أن قصر الصلاة في الضرب في الأرض، والخوف، تخفيف من اللَّه عز وجل عن خلقه، لا أنَّ فرضاً عليهم أن يقصروا.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: والقصر في الخوف والسفر في الكتاب، ثم بالسنة.
والقصر في السفر بلا خوف سنة، والكتاب يدل على أن القصر في السفر بلا خوف رخصة من اللَّه عز وجل لا أنَّ حتماً عليهم أن يقصروا كما كان ذلك في الخوف والسفر.
أخبرنا مسلم بن خالد وعبد المجيد، عن ابن جريج قال: أخبرني عبد الرحمن
بن عبد اللَّه بن أبي عمار، عن عبد اللَّه بن باباه، عن يعلى بن أمية، قال: قلت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: إنَّما قال اللَّه عز وجل: (أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) الآية.
فقد أمن الناس. فقال عمر رضي الله عنه لقد عجبت مما
عجبت منه، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
"صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته" الحديث.
أخبرنا إبراهيم بن محمد، عن طلحة بن عمرو، عن عطاء، عن عائشة
رضي الله عنها، قالت:
"كل ذلك قد فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قصر الصلاة في السفر، وأتم" الحديث.
أخبرنا إبراهيم عن ابن حرملة، عن ابن المسيب قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: " خياركم الذين إذا سافروا قصروا الصلاة وأفطروا"
أو قال: "الم يصوموا" الحديث.
فالاختيار والذي أفعل مسافراً، وأحبُّ أن يُفعل قصر الصلاة في الخوف
والسفر، وفي السفر بلا خوف، ومن أتم الصلاة فيهما لم تفسد عليه صلاته.
الأم (أيضاً) : رضاعة الكبير:
قال الشَّافِعِي رحمه الله تعالى: وما جعل اللَّه تعالى له غاية، فالحكم بعد
مضي الغاية فيه غيره قبل مضيها.
فإن قال قائل وما ذلك؟
قيل: قال اللَّه تعالى: (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ) الآية.
فكان لهم أن يقصروا مسافرين، وكان في شرط القصر لهم بحال موصوفة؛ دليل على أن حكمهم في غير تلك الصفة غير القصر.
اختلاف الحديث: الجزء الثاني: (باب الفطر والصوم في السفر) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال - أي: المحاور - فما تقول في قصر الصلاة في
السفر وإتمامها؟
فقلت: قصرها في السفر والخوف رخصة في الكتاب والسنة.
وقصرها في السفر بلا خوف رخصة في السنة، أختارها، وللمسافر إتمامها.
فقال الشَّافِعِي: أما قصر الصلاة فبين أن الله إنما جعله رخصة، لقول الله:
(وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) الآية.
فلما كان إنما جعل لهم أن يقصروا خائفين مسافرين، فهم إذا قصروا مسافرين - بما ذكرت من السنَّة - أولى أن يكون
القصر رخصة، لا حتماً أن يقصروا؛ لأن قول الله:(فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) الآية.
رخصة بينة.
أحكام القرآن: فصل فيما يؤثر عنه - الشَّافِعِي - من التفسير والمعاني في
الطهارات والصلوات:
أخبرنا أبو سعيد، أخبرنا أبو العباس، أخبرنا الربيع قال:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: التقصير لمن خرج غازياً خائفاً في كتاب اللَّه عز وجل.
قال اللَّه جلّ ثناؤه: (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا) .
قال الشَّافِعِي رحمه الله: والقصر لمن خرج في غير معصية: في السنة.