الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن الباطل أن يقول: اُحْزُز ما في بيتي وهو لك.
تفسير ابن كثير: في تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) الآية:
احتج الشَّافِعِي رحمه الله بهده الآية على: أنَّه لا يصح البيع إلا بالقبول.
لأنَّه يدلّ على التراضي نصاً بخلاف المعاطاة، فإنها قد لا تدلُّ على
الرضا ولا بد، وخالف الجمهور في ذلك (مالك وأبو حنيفة وأحمد) ، فرأوا أن الأقوال كما تدلُّ على التراضي فكذلك الأفعال تدلُّ في بعض المحالِّ قطعاً، فصححوا بيع المعاطاة، ومنهم من قال: يصحُّ في المحقرات، وفيما يعده الناس بيعاً، وهو احتياط نظر من محققي المذهب - والله أعلم -.
* * *
قال الله عز وجل: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ
وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34)
الأم: لا نكاح إلا بولي:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وقال عز وجل: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ)
وهذا أبين ما في القرآن من أنَّ للولي مع المرأة في نفسها حقاً، وأن على
الولي ألا يعضلها إذا رضيت أن تنكح بالمعروف.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وجاءت السنة - بمثل معنى كتاب الله عز وجل، أخبرنا مسلم، وسعيد، وعبد المجيد، عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها
باطل، فإن أصابها فلها الصداق بما استحل من فرجها" الحديث.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فأيّ امرأة نكحت بغير إذن وليها فلا نكاح لها.
لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فنكاحها باطل" الحديث.
وإن أصابها، فلها صداق مثلها بما أصاب منها، بما قضى لها به النبي صلى الله عليه وسلم.
الأم (أيضاً) : باب (نكاح الولاة والنكاح بالشهادة) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال الله تبارك وتعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍى) الآية.
وقال في الإماء: (فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ) الآية.
وقال تعالى: (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ) .
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فهذه الآية - وما قبلها - أبين آية في كناب الله عز وجل، دلالة على أن ليس للمرأة الحرة أن تنكح نفسها. ..
وفي هذه الآية الدلالة على أنّ النكاح يتمّ برضا الولي، والمنكَحة، والناكح، وعلى أن على الولي ألا يعضل، فإذا كان عليه ألا يعضل، فعلى السلطان التزويج إذا عضل؛ لأن من منع حقاً، فأمر السلطان جائز عليه أن يأخذه منه، وإعطاؤه عليه، والسنة تدلّ على ما دلَّ عليه القرآن، وما وصفنا من الأولياء والسلطان.
أخبرنا الربيع قال:
أخبرنا الشَّافِعِي قال: حدثنا سعيد بن سالم، عن ابن جريج، عن سلمان بن
موسى، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة رضي الله تعالى عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ثلاثاً، فإن أصابها فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له" الحديث.
الأم (أيضاً) : المدَّعي والمدَّعَى عليه:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وقال عز وجل: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ)
فقلنا: - بهذه الآية وغيرها - إن التحريم في غير النسب والرضاع، وما خصته سُنَّة - بهذه الآية وغيرها - إنَّما هو بالنكاح
ولا يحرّم الحلالُ الحرامَ، وكذلك قال ابن عباس رضي الله عنهما.
الأم (أيضاً) : جماع نقض العهد بلا خيانه:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قول الله عز وجل: (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ) الآية.
فكان معلوماً أن الرجل إذا عقد على المرأة النكاح ولم يرها، فقد يخطر على باله أن تنشز منه بدلالة، ومعقولاً عنده، أنه إذا أمره بالعظة والهجر والضرب، لم يؤمر به إلا عند دلالة النشوز، وما يجوز به من بعلها ما أبيح له فيها.
الأم (أيضاً) : نشوز الرجل على امرأته:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال الله تبارك وتعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) إلى قوله: (سَبِيلا) .
وقال اللَّه عز وجل: (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ) الآية.
يحتمل إذا رأى الدلالات في إيغال المرأة وإقبالها على النشوز، فكان
للخوف موضع أن يعظها، فإن أبدت نشوزاً هجرها، فإن أقامت عليه ضربها.
وذلك أنَّ العظة مباحة قبل الفعل المكروه - إذا رؤيت أسبابه - وأن لا
مؤنة فيها عليها تضرُّ بها، وأن العظة غير محرَّمة من المرء لأخيه، فكيف لامرأته؟
والهجرة لا تكون إلا بما في به الهجرة؛ لأن الهجرة محرّمة في غير هذا الموضع
فوق ثلاث، والضرب لا يكون إلا ببيان الفعل..
فالآية في العظة، والهجرة، والضرب على بيان الفعل، تدلُّ على أن حالات
المرأة في اختلاف ما تعاتب فيه وتعاقب: من العظة، والهجرة، والضرب مختلفة، فإذا اختلفت فلا يشبه معناها إلا ما وصفت.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وقد يحتمل قوله: (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّنَّ) :
إذا نشزن فخفتم لجاجتهن في النشوز، أن يكون لكم جمع العظة والهجرة والضرب.
وإذا رجعت الناشز عن النشوز، لم يكن لزوجها هجرتها ولا ضربها؛ لأنَّه
إنما أبيحا له بالنشوز، فإذا زايلته فقد زايلت المعنى الذي أبيحا له به.
الأم (أيضاً) : تفريع القَسْم والعدل بينهن:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وقد قال الله تبارك وتعالى: (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ) الآية، فإذا أذن
في هجرتها في المضجع لخوف نشوزها، كان مباحاً له أن يأتي غيرها من أزواجه في تلك الحال، وفيما كان مثلها.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وهكذا الأمَةُ إذا امتنعت بنفسها، أو منعها أهلها
منه، فلا نفقة ولا قَسْم لها حتى تعود إليه.
وكذلك إذا سافر بها أهلها بإذنه، أو غير إذنه فلا نفقة ولا قَسْم. لها. ..
الأم (أيضاً) : نشوز المرأة على الرجل:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال الله تبارك وتعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ) إلى قوله: (سَبِيلا) الآية.
أخبرنا ابن عيينة، عن الزهري، عن عبيد اللَّه بن عبد الله بن عمر، عن
إياسَ بن عبد اللَّه بن أبي ذباب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تضريوا إماء الله".
قال: فأتاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: يا رسول اللَّه ذئِرَ النساء على أزواجهن، فَأذِن في ضربهن، فأطاف بآل محمد نساء كثير كلهن يشتكين أزواجهن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
"لقد أطاف الليلة بآل محمد سبعون امرأة كلُّهن
يشتكين أزواجهن، ولا تجدون أولئك خياركم " الحديث.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: في نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ضرب النساء، ثم إذنه في ضربهن، وقوله:"لن يضرب خياركم"
يشبه أن يكون صلى الله عليه وسلم نهى عنه على اختيار
النهي، وأذن فيه بأن مباحاً لهم الضرب في الحق، واختار لهم ألَّا يضربوا، لقوله:" لن يضرب خياركم" الحديث.
ويحتمل أن يكون قبل نزول الآية بضربهن، ثم أذن لهم بعد نزولها بضربهن.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وفي قوله صلى الله عليه وسلم:
" لن يضرب خياركم" دلالة على أنَّ ضربهن مباح، لا فرض أن يضربن، وتحتار له من ذلك ما اختار رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحبُّ للرجل ألا يضرب امرأته في انبساط لسانها عليه، وما أشبه ذلك.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وأشبه ما سمعت - والله أعلم - في قوله تعالى:
(وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ) الآية، أن لخوف النشوز دلائل، فإذا كانت:1 - (فَعِظُوهُنَّ) : لأن العظة مباحة، فإن لججن فأظهرن نشوزاً بقول أو فعل.
2 -
(وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ) : فإن أقمن بذلك على ذلك.
3 -
(وَاضْرِبُوهُنَّ) : وذلك بين أنَّه لا يجوز هجرة في المضجع وهو منهي
عنه، ولا ضرب إلا بقول أو فعل، أو هما.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: ويحتمل في: (تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ) : إذا نشزن.
فَأَبنَّ النشوزَ فكنَّ عاصيات به، أن تجمعوا عليهن العظة والهجرة والضرب، ولا يبلغ في الضرب حداً، ولا يكون مبرحاً، ولا مدمياً، ويتوقى فيه الوجه.
ويهجرها في المضجع حتى ترجع عن النشوز، ولا يجاوز بها في هجرة
الكلام ثلاثاً؛ لأن الله عز وجل إنَّما أباح الهجرة في المضجع.
والهجرة في المضجع تكون بغير هجرة كلام، ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجاوَز بالهجرة في الكلام ثلاثاً.
ولا يجوز لأحد أن يضرب، ولا يهجر مضجعاً بغير بيان نشوزها.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وأصل ما ذهبنا إليه من أن لا قَسم للممتنعة من
زوجها، ولا نفقة ما كانت ممتنعة؛ لأن الله تبارك وتعالى أباح هجرة مضجعها، وضربها في النشوز. والامتناع نشوز، ومتى تركت النشوز لم تحل هجرتها، ولا ضربها وصارت على حقِّها، كما كانت قبل النشوز.
وفي قوله تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) الآية.
وهو ما ذكرنا مما لها عليه في بعض الأمور من مؤنتها، وله عليها مما ليس لها عليه، ولكل واحد منهما على صاحبه.
الأم (أيضاً) : باب (حكاية قول من ردَّ خبر الخاصة) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله تعالى: (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) الآية.
أرأيت إذا فعلت امرأتان فعلاً واحداً، وكان زوج إحداهما يخاف نشوزها.
وزوج الأخرى لا يخاف به نشوزها؟
قال: يسع الذي يخاف به النشوز العظة والهجرة والضرب، ولا يسع الآخر الضرب.
الأم (أيضاً) : ما جاء في حد الرجل أَمَتَهُ إذا زنت:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال اللَّه تبارك وتعالى: (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) الآية.
فقد أباح اللَّه عز وجل أن يضرب الرجل امرأته وهي حرة غير ملك
يمين قال: ليس هذا بحد.