الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فإذا ارتفع الزوجان المخوف شقاقهما إلى الحاكم.
فحق عليه أن يبعث حكماً من أهله، وحكماً من أهلها، من أهل القناعة والعقل ليكشفا أمرهما، ويصلحا بينهما إن قدرا، وليس له أن يأمرهما يفرقان إن رأيا إلا بأمر الزوج ولا يُعطيا من مال المرأة إلا بإذنها،. . . وذلك أن الله عز وجل إنما ذكر ألهما:(إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا)
ولم يذكر تفريقاً، وأختار للإمام أن يسأل الزوجين أن يتراضيا بالحكمين ويوكلاهما معاً، فيوكلهما الزوج، إن رأيا أن يفرقا بينهما، فرقا على ما رأيا من أخذ شيء، أو غير أخذه، إن اختبرا توليا من المرأة عنه. ..
ثم ذكر حديث علي رضي الله عنه المذكور في الفقرة السابقة.
* * *
قال الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا)
الأم: باب ما يوجب الغسل ولا يوجبه:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال الله تبارك وتعالى: (لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا) الآية.
فأوجب الله عز وجل الغسل من الجنابة، فكان معروفاً في لسان العرب، أن الجنابة: الجماع، وإن لم يكن مع الجماع ماء دافق، وكذلك ذلك في حد الزنا، وإيجاب المهر وغيره، وكل من خوطب بأن فلاناً أجنب من فلانة، عَقَل أله
أصابها، وإن لم يكن مقترفاً.
قال الربيع رحمه الله: يريد أنَّه لم ينزل.
ودلَّت السنَّة على أن الجنابة: أن يفضي الرجل من المرأة حتى يغيب فرجه
في فرجها، إلى أن يواري حشفته، أو أن يرمي الماء الدافق، وإن لم يكن جماعاً.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: أخبرنا ابن عيينة، عن علي بن زيد بن جدعان.
عن سعيد بن المسيب، أن أبا موسى الأشعري سأل عائشة رضي الله عنها عن
التقاء الختانين؛ فقالت عائشة رضي الله عنها: قال الرسول صلى الله عليه وسلم
"إذا التقى الختانان - أو مس الختانُ الختانَ - فقد وجب الغسل" الحديث.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: أخبرنا مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن
زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة قالت: جاءت أم سليم امرأة أبي طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن اللَّه لا يستحيي من الحق، هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟
فقال: "نعم إذا هي رأت الماء" الحديث.
الأم (أيضاً) : باب (ممر الجنب والمشرك على الأرض ومشيهما عليها) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال الله تبارك وتعالى: (لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا) الآية.
فقال بعض أهل العلم بالقرآن في قول الله عز وجل: (وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ) الآية، قال: لا تقربوا مواضع الصلاة، وما أشبه ما قال بما قال؛ لأنه
ليس في الصلاة عبور سبيل، إنما عبور السبيل في موضعها، وهو المسجد، فلا بأس أن يمرَّ الجنبُ في المسجد ماراً ولا يقيم فيه؛ لقول اللَّه عز وجل:(وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ) الآية.
وذكر ابن كثير: أنَّ هذا مذهب الشَّافِعِي، وأبي حنيفة، ومالك رحمهما
الله، لأنَّه يحرم على الجنب المكث في المسجد حتى يغتسل، أو يتيمم إن عدم الماء، أو لم يقدر على استعماله بطريقة.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: أخبرنا إبراهيم بن محمد، عن عثمان بن أبي
سليمان، أنَّ مشركي قريش حين أتوا المدينة في فداء أسراهم، كانوا يبيتون في المسجد - منهم: جبير بن مطعم، قال جبير: فكنت أسمع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الشَّافِعِي: ولا تنجس الأرض بممرِّ حائض، ولا جنب، ولا مشرك.
ولا ميتة؛ لأنَّه ليس في الأحياء من الآدميين نجاسة، وأكره للحائض تمر في
المسجد، وإن مرَّت به لم تنجِّسهُ.
الأم (أيضاً) : صلاة السكران والمغلوب على عقله:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ) الآية، يقال: نزلت قبل تحريم الخمر، وأيما كان نزولها قبل تحريم الخمر أو بعده، فمن صلى سكران لم تجز صلاته، لنهي الله عز وجل إيَّاه
عن الصلاة حتى يعلم ما يقول، وإن معقولاً أن الصلاة قول، وعمل، وإمساك في مواضع مختلفة، ولا يؤدي هذا إلا من أمر به ممن عَقَلَهُ، وعليه إذا صلى سكران، أن يعيد إذا صحا، ولو صلى شارب محرَّمٍ غير سكران، كان عاصياً في شرب المحرم، ولم يكن عليه إعادة صلاة؛ لأنه ممن يعقل ما يقول.
الأم (أيضاً) : باب (كيف الغسل) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال اللَّه تعالى: (وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا) الآية، فكان فرض الله الغسل مطلقا، لم يذكر فيه شيئاً يبدأ فيه قبل
شيء، فإذا جاء المغتسل بالغسل أجزأه - والله أعلم - كيفما جاء به، وكذلك لا وقت في الماء في الغسل إلا أن يأتي بغسل جميع بدنه.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: كذلك دلَّت السنَّة.
فإن قال قائل: فأين فى دلالة السنة؟
قيل: لما حكت عائشة رضي الله عنها: "أنها كانت تغتسل والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد " الحديث.
كان العلم يحيط أن أخذهما منه مختلف، لو كان فيه وقت
غير ما وصفت، ما أشبه أن يغتسل اثنان يفرغان من إناء واحد عليهما، وأكثر ما حكت عائشة رضي الله عنها: غسله صلى الله عليه وسلم وغسلها فَرَقٌ - والفرق: ثلاثة آصع -.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: ورُوي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر: فإذا وجدت الماء فاممسسه جلدك، ولم يَحْكِ أنَّه وصف له قدراً من الماء إلا إمساس الجلد -
والاختيار في الغسل من الجنابة ما حكت عائشة رضي الله عنها.
الأم (أيضاً) : باب (تقديم الوضوء ومتابعته) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وأصل مذهبنا لأنَّه يأتي بالغسل كيف شاء ولو
قطعه؛ لأن اللَّه عز وجل قال: (حَتَّى تَغْتَسِلُوا) الآية، فهذا مغتسل، وإن قطع الغسل، ولا أحسبه يجوز إذا قطع الوضوء إلا مثل هذا.
أخبرنا مالك عن نافع، عن ابن عمر أنَّه توضأ بالسوق فغسل وجهه ويديه
ومسح برأسه، ثم دُعي لجنازة، فدخل المسجد ليصلي عليها، فمسح على خفيه، ثم صلى عليها.
الأم (أيضاً) : باب (المدة التي يلزم فيها الحج ولا يلزم) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: ولو حج المغلوب على عقله، لم يجز عنه، ولا
يجزى عمل على البدن لا يعقل عامله، قياساً على قول اللَّه عز وجل:(لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى) الآية، ولو حج العاقل المغلوب بالمرض أجزأ عنه.
الأم (أيضاً) : الخلاف في اليمين مع الشاهد:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وجعلتَ - مخاطباً: المحاور - تيمُّمَ الجنبِ سُنة، ولم
تبطلها برد عمر رضي الله عنه، وخلاف ابن مسعود رضي الله عنه التيمم، وتأولهما قول اللَّه عز وجل:
(وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا) الآية، والطهور بالماء، قول اللَّه عز ذكره:
(وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا) الآية، قال: نعم.
الأم (أيضاً) : باب (كيف التيمم) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال الله عز وجل: (فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ) الآية.
أخبرنا إبراهيم بن محمد، عن أبي الحويرث (عبد الرحمن بن معاوية) ، عن الأعرج، عن ابن الصفة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"تيمم فمسح وجهه وذراعيه" الحديث.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: ومعقول: إذا كان التيمم بدلاً من الوضوء على
الوجه واليدين، أن يؤتى بالتيمم على ما يؤتى بالوضوء عليه فيهما، وأن الله عز وجل إذا ذكرهما فقد عفا في التيمم عما سواهما من أعضاء الوضوء والغسل.
ولا يجوز أن يتيمم الرجل إلا أن ييمِّمَ وجهه وذراعية إلى المرفقين، ويكون
المرفقان فيما يتيمم، فإن ترك شيئاً من هذا لم يمر عليه التراب قل أو كثر، كان عليه أن يتيممه، وإن صلى قبل أن يتيممه أعاد الصلاة.
الأم (أيضاً) : باب (التراب الذي يُتيمم به لا يُتيمم) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال المئه تبارك وتعالى: (فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا)
وكل وما وقع عليه اسم صعيد لم تخالطه نجاسة، فهو صعيد طيب يُتيمم
به، وكل ما حال عن اسم صعيد لم يُتيمم به، ولا يقع اسم الصعيد إلا على
تراب ذي غبار.
مختصر المزني: باب (الاستطابة) :
واحتج - الشَّافِعِي - في الملامسة بقول الله جل وعز: (أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ)
الآية، وبقول ابن عمر رضي الله عنهما: قُبْلَة الرجل امرأته، وجَسُّها بيده من الملامسة، وعن ابن مسعود قريب من معنى قول ابن عمر رضي الله عنهما.
مختصر المزني (أيضاً) : كتاب الظهار:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وكذلك طلاق السكران - أي: لا يقع -؛ لأنه لا
يعقل، قال الله تعالى:(لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ) الآية.
فلم تكن له صلاة حتى يعلمها ويريدها، وكذلك لا طلاق له ولا ظهار حتى
يعلمه ويريده، وهو قول عثمان بن عفان، وابن عباس رضي الله عنهم، وعمر بن عبد العزيز، ويحيى بن سعيد، والليث بن سعد وغيرهم رحمهم الله جميعاً.
الرسالةً: البيان الثاني:
قال الشَّافِعِي رحمه فه: قال اللَّه تبارك وتعالى: (وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ)
الآية، فاتى كتاب الله على البيان في الوضوء - دون الاستنجاء بالحجارة - وفي الغسل من الجنابة، ودل على أن أقل غسل الأعضاء يجزئ، وأن أقل الغسل واحدة.
ودلَّ النبي صلى الله عليه وسلم على ما يكون منه الوضوء، وما يكون منه الغسل.
الرسالة (أيضاً) : الفرائض المنصوصة التي سنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم معها:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وقال اللَّه ثبارك وتعالى: (وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا) الآية، فأبان أن طهارة الجنب الغسل دون الوضوء.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغسل من الجنابة، غسل
الفرج، والوضوء كوضوء الصلاة، ثم الغسل، فكذلك أحببنا أن نفعل.
ولم أعلم مخالفاً حفظت عنه من أهل العلم، في أنَّه كيف ما جاء بغسل.
وأتى على الإسباغ: أجزأه، وإن اختاروا غيره؛ لأن الفرض الغسل فيه، ولم
يحدد تحديد الوضوء.
وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يجب منه الوضوء، وما الجنابة التي يجب بها الغسل، إذ لم يكن بعض ذلك منصوصاً في الكتاب.
اختلاف الحديث: باب (الطهارة بالماء) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله تعالى: وقال سبحانه وتعالى في الطهارة -:
(فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا) الآية.
فدل على أن الطهارة بالماء كله.
اختلاف الحديث (أيضاً) : باب (غسل الجمعة) :
حدثنا الربيع رحمه الله قال:
قال الشَّافِعِي رحمه الله تعالى: وقال الله جل ثناؤه: (لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا) الآية، فكان الوضوء عامًّا في كتاب اللَّه من الأحداث، وكان أمر الله الجنب بالغسل من الجنابة دليلاً - والله أعلم - ألَّا يجب الغسل إلا من جنابة، إلا أن تدل السنة على غسل واجب، فنوجبه بالسنة، بطاعة اللَّه في الأخذ بها، ودلَّت على وجوب الغسل من الجنابة، ولم أعلم دليلاً بيناً على أن يجب غسل غير الجنابة الوجوب الذي لا يجزي غيره.
وقد رُوي في غسل يوم الجمعة شيء، فذهب ذاهب إلى غير ما قلنا، ولسان
العرب واسع.
حدثنا الربيع قال:
أخبرنا الشَّافِعِي: أخبرنا سفيان، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، أن
رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "من جاء منكم إلى الجمعة فليغتسل" الحديث.
أخبرنا مالك وسفيان، عن صفوان بن مسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي
سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم" الحديث.
اختلاف الحديث (أيضاً) : باب (الخلاف في أن الغسل لا يجب إلا بخروج الماء) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال الله جل ثناؤه: (لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى)
حتى قوله: (تَغتَسِلُوا) الآية، فكان الذي يعرفه من خوطب بالجنابة من العرب
أنها الجماع دون الإنزال، ولم تختلف العامة أن الزنا الذي يجب به الحد الجماع دون الإنزال، وإن غابت حشفته في فرج امرأة وجب عليه الحد. ..
وبعد أن ذكر معاني الالتقاء في لغة العرب قال -: فإنَّما يراد به أن تغيب
الحشفة في الفرج حتى يصير الختان الذي خلف الحشفة حذو ختان المرأة، وإنما يجهل هذا من جهل (لسان العرب) .