الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن قال قائل: كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم صالح أهل
الحديبية، ومن صالح من المشركين؟
قيل: كان صلحه لهم طاعة لله، إما عن أمر
الله عز وجل بما صنع نصا، وإما أن يكون اللَّه تبارك وتعالى جعل له أن يعقد لمن رأى كا رأى، ثم أنزل قضاءه عليه، فصاروا إلى قضاء اللَّه جل ثناؤه، ونسخ رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله بفعله، بأمر اللَّه، وكل كان طاعة لله في وقته.
فإن قال قائل، وهل لأحد أن يعقد عقداً منسوخاً ثم يفسخه؟
قيل له: ليس له أن يبتدئ عقداً منسوخاً، وإن كان ابتدأه فعليه أن ينقضه، كما ليس له أن يصلي إلى بيت المقدس، ثم يصلي إلى الكعبة؛ لأن قبلة بيت المقدس قد نسخت، ومن صلى إلى بيت المقدس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل نسخها فهو مطيع لله عز وجل، كالطاعة له حين
صلى إلى الكعبة.
* * *
قال الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ
إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (28)
الأم: باب (ممر الجنب والمأثمرك على الأرض ومشيهما عليهما) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: أخبرنا إبراهيم بن محمد، عن عثمان بن أبي سليمان.
أن مشركي قريش حين أتوا المدينة في فداء أسراهم، كانوا يبيتون في المسجد.
منهم جببر بن مطعم، قال جُبير: فكنت أسمع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم " الحديث.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: ولا بأس أن يبيت المشرك في كل مسجد إلا المسجد
الحرام، فإن اللَّه عز وجل يقول:(إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا) الآية، فلا ينبغي لمشرك أن يدخل الحرم بحال، وإذا بات المشرك في المساجد غير المسجد الحرام، فكذلك المسلم، فإن ابن عمر يروي أنه كان يبيت في المسجد زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أعزب، ومساكين الصفة.
الأم (أيضاً) : مسأله: إعطاء الجزية على سكنى بلدٍ ودخوله:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال اللَّه تبارك وتعالى: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ)
الآية، قال: فسمعت بعض أهل العلم يقول: المسجد الحرام: الحَرَمُ.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وبلغتي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا بنبغي لمسلم أن يؤدي الخراج، ولا لمشرك أن يدخل الحرم" الحديث، قال: وسمعت عدداً من أهل العلم بالمغازي، يروون أنه كان في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
"لا يجتمع مسلم ومشرك في الحرم بعد عامهم هذا".
فإن سأل أحد ممن تؤخذ منه الجزية أن يعطيها، ويجري
عليه الحكم، على أن يترك يدخل الحرم بحال، فليس للإمام أن يقبل منه على
ذلك شيئاً، ولا أن يدع مشركاً يطأ الحرم بحال من الحالات، طبيباً كان، أو
صانعاً بنياناً، أو غيره، لتحريم اللَّه عز وجل دخول المشركين المسجد الحرام، وبعده تحريم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، وإن سأل من تؤخذ منه الجزية أن يعطيها، ويجري عليه الحكم، على أن يسكن الحجاز، لم يكن ذلك له، والحجاز (مكة، والمدينة، واليمامة ومخالفيها كلها) ؛ لأن تركهم بسكنى الحجاز منسوخ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم -