المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[القول في رواية ميمون بن أبي شبيب عن عائشة] - الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر - جـ ١

[السخاوي]

فهرس الكتاب

- ‌[حديث: أمرنا أن ننزل الناس منازلهم]

- ‌[القول في رواية ميمون بن أبي شبيب عن عائشة]

- ‌[أقسام الكتاب]

- ‌المقدمة في التعريف بشيخ الإسلام والمحدث والحافظ

- ‌[شيخ الإسلام]

- ‌[من اشتهر بلقب شيخ الإسلام]

- ‌[تعريف المحدِّث]

- ‌[آداب المحدث]

- ‌[وصية الذهبي للمحدثين]

- ‌[أقسام علوم الحديث]

- ‌[مَنْ يُطلق عليه لقب المحدث]

- ‌[الحافظ]

- ‌[اختصاص العرب بسرعة الحفظ]

- ‌[سلسلة الحفاظ]

- ‌الباب الأولفي ذكر نسبه ومولده وبلدته، وبشارة أبيه به وشهرته ونبذة من تراجم من علمته مِنْ سلفه وإخوته الكرام، أسكنه اللَّه وإياهم دار السلام

- ‌[نسبه]

- ‌[كنيته ولقبه]

- ‌[التلقيب بالإضافة إلى الدين]

- ‌[نسبته]

- ‌[مولده]

- ‌[بشارة والده به]

- ‌[شهرته]

- ‌[أسلافه]

- ‌[والده]

- ‌[إخوته وأخواته]

- ‌الباب الثانيفي صفة مبدأ أمره، ونشأته، وذكر طلبه للعلم ورحلته، وتعيين من أخذ عنه دراية

- ‌[نشأته:]

- ‌[سماعه بمكة:]

- ‌[سرعة حفظه:]

- ‌[طلبه العلم:]

- ‌[دراسته الفقه:]

- ‌[سلسلة الفقه:]

- ‌[سلسلة أصول الفقة]

- ‌[دراسة النحو:]

- ‌[رحلاته]

- ‌رحلته إلى قوص:

- ‌[رحلته إلى الإسكندرية:]

- ‌[رحلته إلى الحجاز:]

- ‌[رحلته إلى اليمن:]

- ‌[اجتماعه بالفيروزآبادي:]

- ‌[رحلته الثانية إلى اليمن:]

- ‌[من لقيهم من العلماء بمكة والمدينة:]

- ‌[رحلته إلى الشام]

- ‌[الأمور المساعدة على طلب العلم]

- ‌[شرب ماء زمزم لقضاء الحوائج]

- ‌[سرعة الكتابة الحسنة:]

- ‌[الصحبة الطيبة من طلبة العلم:]

- ‌[عدم التردُّد إلى الكبراء:]

- ‌[استثمار الوقت]

- ‌[بركة ابن حجر]

- ‌[السفر إلى حلب وسماعه:]

- ‌[التواضع في طلب العلم:]

- ‌[ذكر الأماكن التي زارها الحافظ ابن حجر]

- ‌ذكر القائمة المشار إليها ونصها: "البلدانيات" لكاتبه

- ‌[الاعتناء بالبلدانيات]

- ‌شيوخه

- ‌القسم الأول

- ‌القسم الثاني

- ‌القسم الثالث

- ‌مروياته

- ‌صحيح البخاري

- ‌صحيح مسلم

- ‌السنن لأبي داود

- ‌الجامع للترمذي

- ‌السنن للنسائي

- ‌[السنن الكبرى للنسائي]

- ‌السنن لابن ماجه

- ‌الموطأ رواية يحيى بن يحيى عن مالك

- ‌الموطأ رواية أبي مصعب

- ‌مسند الشافعي

- ‌السُّنن له رواية المزني

- ‌[السنن للشافعي رواية ابن عبد الحكم]

- ‌واختلاف الحديث له

- ‌مسند الدارمي وهو على الأبواب

- ‌مسند عبد

- ‌مسند أحمد

- ‌مسند مسدد

- ‌مسند الطيالسي

- ‌مسند الشهاب للقضاعي

- ‌صحيح ابن خزيمة

- ‌صحيح ابن حبان

- ‌المستخرج على صحيح مسلم لأبي نعيم

- ‌السنن للدارقطني

- ‌السنن للبيهقي

- ‌الأدب المفرد للبخاري

- ‌بر الوالدين له

- ‌الأدب للبيهقي

- ‌السِّيرة تهذيب ابن هشام

- ‌عيون الأثر في فنون المغازي والسِّيَر لابن سيد الناس

- ‌بشرى اللَّبيب بذكرى الحبيب له

- ‌دلائل النبوة للبيهقي

- ‌الشمائل النبوية للترمذي

- ‌الشفاء للقاضي عياض

- ‌مكارم الأخلاق للخرائطي

- ‌مساوىء الأخلاق له

- ‌الزهد لابن المبارك

- ‌الحلية لأبي نعيم

- ‌الدُّعاء للطبراني

- ‌الترغيب للتَّيْمي

- ‌فضائل القرآن لأبي عبيد

- ‌المجالسة للدِّينوري

- ‌المعجم الأوسط للطبراني

- ‌المعجم الصغير له

- ‌البعث لابن أبي داود

- ‌الثاني من حديث ابن مسعود لابن صاعد

- ‌مشيخة الرازي

- ‌سداسياته

- ‌جزء أبي الجهم

- ‌جزء سفيان بن عيينة

- ‌جزء مأمون

- ‌جزء ابن مخلد

- ‌الأول الكبير والثاني، كلاهما من حديث المخلِّص

- ‌المسلسل بالأولية

- ‌الباب الثالثفي ثناء الأئمة عليه

- ‌ ثناء الأئمة عليه

- ‌[المحب ابن الهائم]

- ‌برهان الدين الأبناسي

- ‌[عبد الرحمن بن محمد العلوي]

- ‌سراج الدين ابن الملقِّن

- ‌[سراج الدين البُلقيني]

- ‌[الحافظ العراقي]

- ‌[تقي الدين الدِّجْوي]

- ‌[الحافظ الهيثمي]

- ‌[ابن خلدون]

- ‌[الشهاب الحُسباني]

- ‌[ابن حجي الحسباني]

- ‌[ابن درباس]

- ‌[ابن ظهيرة المكي]

- ‌[الفيروزآبادي]

- ‌[حميد الدين التركماني]

- ‌[عز الدين ابن جماعة]

- ‌[كمال الدين الشُّمُنِّي]

- ‌[جمال الدين الأقفهسي]

- ‌[جلال الدين البلقيني]

- ‌[نفيس الدين العلوي]

- ‌[أبو زرعة العراقي]

- ‌[شمس الدين ابن الديري]

- ‌[شرف الدين التَّبَّاني]

- ‌[ابن مغلي]

- ‌[البدر البشتكي]

- ‌[الشمس البرماوي]

- ‌[التَّقيُّ الفاسي]

- ‌[تقي الدين الكرماني]

- ‌[المجد البرماوي]

- ‌[ابن الجزري]

- ‌[الشهاب الكلوتاتي]

- ‌[ابن الغرابيلي]

- ‌[ابن حجة الحموي]

- ‌[زين الدين الخوافي]

- ‌[ابن الخياط]

- ‌[علاء الدين البخاري]

- ‌[سبط بن العجمي]

- ‌[ناصر الدين الفاقوسي]

- ‌[ابن ناصر الدين الدمشقي]

- ‌[أبو شعرة الحنبلي]

- ‌[شمس الدين البساطي]

- ‌[ابن خطيب الناصرية]

- ‌[المقريزي]

- ‌[ابن نصر اللَّه البغدادي]

- ‌[شمس الدين ابن عمار]

- ‌[شمس الدين الونائي]

- ‌[عثمان بن عمر الزَّبيدي]

- ‌[شمس الدين القاياتي]

- ‌[عز الدين عبد السلام]

- ‌[الشهاب ابن المجدي]

- ‌[ابن قاضي شهبة]

- ‌[برهان الدين بن خضر]

- ‌[رضوان العقبي]

- ‌[ابن أبي الوفاء]

- ‌[تغري برمش]

- ‌[ابن التنسي]

- ‌[ابن العليف]

- ‌[ابن حسان]

- ‌[أبو الفتح المراغي]

- ‌[موفق الدِّين الإبِّي]

- ‌[ابن الضياء]

- ‌[ابن الهُمام]

- ‌[زين الدين القلقشندي]

- ‌[أبو البركات الغزِّي]

- ‌[ابن كُحيل]

- ‌[علم الدين البلقيني]

- ‌[تقي الدين ابن فهد]

- ‌[تقي الدين القلقشندي]

- ‌[الشهاب الحجازي]

- ‌[قاسم بن قطلوبغا]

- ‌[أبو ذر الحلبي]

- ‌[برهان الدين البقاعي]

- ‌[نجم الدين بن فهد]

- ‌[ابن الشِّحنة]

- ‌[شهاب الدين بن الأخصاصي]

- ‌[قطب الدين الخيضري]

- ‌فصل

- ‌[الناقلين عن ابن حجر في تصانيفهم]

- ‌[مراسلة الحافظ العراقي لابن حجر]

- ‌[مراسلة الجلال البلقيني لابن حجر]

- ‌[القول في رواية رافع بواب مروان عن ابن عباس]

- ‌[القول في حديث "لا تسبُّوا أصحابي

- ‌[جواب ابن حجر عن الحديث]

- ‌فصل

- ‌[حديث رأيت عيسى وموسى وابراهيم]

- ‌[القول في التفريق بين جنادة بن أبي خالد وجنادة بن أبي أميَّة]

- ‌[عنايته بالكتب]

- ‌[تعقُّباته على الكتب]

- ‌[الأربعون التساعيات لأبي علي الصيرفي]

- ‌[الأربعون العشاريات لابن الجزري]

- ‌[الكامل لابن عدي]

- ‌[الأنساب لابن السمعاني]

- ‌[تعقُّبه أبا عليٍّ الصدفي]

- ‌[شرح البخاري لمُغلطاي]

- ‌[تعقُّبه أبا زرعه العراقي]

- ‌[تعقُّبه الحافظ ابن رجب الحنبلي]

- ‌[الحكاية الرباعية المنسوبة للبخاري]

- ‌[تعقُّبه ابن جماعة في العَروض]

- ‌[التعقب على حلّ لغز]

- ‌[تعقبه على ابن جماعة]

- ‌[كمال الظَّرف]

- ‌[عدم جواز تصرُّف الناسخ فيما ينسخ]

- ‌[تعقُّبه على ابن الملقِّن]

- ‌[المفاضلة بين صحيحي البخاري ومسلم]

- ‌[سماع رقية بنت الشرف محمد من ابن المصري]

- ‌[إجازة ابن قريش للسويداوي]

- ‌[قياس ارتفاع النيل]

- ‌فصل

- ‌[طبقات الشافعية لابن الملقِّن]

- ‌[الإجابة للزركشي]

- ‌[شرح العمدة للبرماوي]

- ‌[شرح البخاري للعيني]

- ‌[مصنفات المقريزي]

- ‌[قوة الاستحضار حال القراءة والدَّرس]

- ‌الأشعار المنظومة في مدح الحافظ ابن حجر

- ‌[برهان الدين المليجي]

- ‌[الجُحافي]

- ‌[ابن قوقب]

- ‌[برهان الدِّين البقاعي]

- ‌[ابن نصر اللَّه العسقلاني]

- ‌[ابن أبي السعود]

- ‌[الشِّهاب التَّروجي]

- ‌[ابن العماد الأقفهسي]

- ‌[ابن مبارك شاه]

- ‌[الشهاب ابن صالح]

- ‌[ابن عربشاه]

- ‌[ابن كُحيل]

- ‌[ابن القُرْدَاح]

- ‌[الشِّهاب الحجازي]

- ‌[الشهاب المنصوري]

- ‌[الشهاب ابن والي]

- ‌[الشهاب السَّيرجي]

- ‌[الزُّعيفريني]

- ‌[المجد الزَّمزمي]

- ‌[ابن حجَّة الحموي]

- ‌[أبو بكر الزبيدي]

- ‌[ابن صدقة]

- ‌[حسن الصَّفدي]

- ‌[ابن العُليف]

- ‌[خطَّاب بن عمر الدمشقي]

- ‌[ولغيره [في العكس]

- ‌[الأقفهسي]

- ‌[غرس الدين خليل]

- ‌[رضوان العقبي]

- ‌[شعبان الآثاري]

- ‌[المرشدي]

- ‌[تاج الدين الأذرعي]

- ‌[زين الدين البكري]

- ‌[عبد الرحمن الشاذلي]

- ‌[عُبيد الرِّيمي]

- ‌[جلال الدين البلقيني]

- ‌[ابن الخراط]

- ‌[ابن الديري]

- ‌[عبد الرحمن الصوفي]

- ‌[عبد السلام البغدادي]

- ‌[عبد الغني الشرجي]

- ‌[الإشليمي]

- ‌[عبد القادر النحريري]

- ‌[الطَّويلي]

- ‌[الجوجري]

- ‌[ابن العديم]

- ‌[التاج عبد الوهاب]

- ‌[الدواليبي]

- ‌[أبو الحسن العراقي]

- ‌[وما وجدت عندي باقيها]

- ‌[ابن المغلي]

- ‌[الأسواني]

- ‌[الجعبري]

- ‌[عمر الطرابلسي]

- ‌[الطنوبي]

- ‌[مجد الدين ابن مكانس]

- ‌[قاسم بن قطلوبغا]

- ‌[البدر البشتكي]

- ‌[القباقبي]

- ‌[ابن خطيب داريّا]

- ‌[شمس الدين البساطي]

- ‌[شمس الدين الأسيوطي]

- ‌[شمس الدين الدجوي]

- ‌[المراغي]

- ‌[البدر المارديني]

- ‌[بدر الدين الدماميني]

- ‌[الشريف الأسيوطي]

- ‌[شمس الدين القادري]

- ‌[ابن ناصر الدين الدمشقي]

- ‌[شمس الدين النَّواجي]

- ‌[ابن المصري]

- ‌[شمس الدين الطنتدائي]

- ‌[قطب الدين المكي]

- ‌[شمس الدين الهيثمي]

- ‌[ابن الفالاتي]

- ‌[محمد بن عمر الحنفي]

- ‌[ابن قرقماس]

- ‌[الرّاعي]

- ‌[البدر سبط الحسني]

- ‌[شمس الدين الزركشي]

- ‌[زين الدين الخوافي]

- ‌[البكري]

- ‌[ابن ناهض]

- ‌[مسافر بن عبد اللَّه]

- ‌[نعمة اللَّه الجرهي]

- ‌[الفرَّاء]

- ‌[الشريف]

- ‌[شخص من المنزلة]

الفصل: ‌[القول في رواية ميمون بن أبي شبيب عن عائشة]

[القول في رواية ميمون بن أبي شبيب عن عائشة]

هذا حديث حسن، أورده مسلم في مقدمة "صحيحه" بلا إسناد، حيث قال: ونذكر عن عائشة إلى آخره، فقال النووي نقلًا عن ابن الصلاح ما معناه: أن ذلك لا يقتضي الحكم له بالصحة، نظرًا لعدم الجزم في إيراده، ويقتضيه نظرًا لاحتجاجه به وإيراده إيراد الأصول والشواهد. انتهى.

لكن قد جزم الحاكم بتصحيحه في النوع السادس عشر من "معرفة علوم الحديث" له، فقال: صحَّت الرواية عن عائشة رضي الله عنها، وساقه بلا إسناد، وكذا صححه ابن خزيمة، لأنه أخرجه في كتاب السياسة من "صحيحه" وكذا أخرجه البزَّار في "مسنده"، كلاهما عن إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، ورواه أبو داود في الأدب من "سننه" عن يحيى بن إسماعيل، وابن أبي خلف، ثلاثتهم عن ابن يمان به، وأخرجه أبو أحمد العسكري في كتاب "الأمثال" له عن عبد الوهاب بن عيسى، وصالح ابن أحمد، فرَّقهما، كلاهما عن محمد بن يزيد الرفاعي - هو أبو هشام. ورواه أبو يعلى في "مسنده" عن أبي هشام، فوافقناه هو وابن خزيمة في شيخيهما، وكذا البزار بعُلوٍّ، ووقع لنا بدلًا للباقين مع العلو أيضًا.

وقد رواه البيهقي في "الأدب"(1) من طريق أبي هريرة محمد بن أيوب الجبلي (2)، عن يحيى بن يمان بالمتن فقط، فوقع لنا عاليًا [من طريق أبي هريرة هذا، أخرجه أبو نُعيم في "الحِلْيَة"، بلفظ: أنها كانت في سفر، فأمرت لناس من قريش بغداءٍ، فمر رجل غنيٌّ ذو هيئة، فقالت: ادْعوه ينزل فأكل ومضى، وجاء سائل فأمرت له بكِسرة، فقالت: إن هذا لغنيٌّ لم يجمُل بنا إلا ما صنعنا به، وإنَّ هذا السائل سأل، فأمرتُ له بما يرضاه، وإن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نُنزل الناس منازلهم](3).

وقال أبو داود عقيب تخريجه: حديث يحيى مختصرًا بالمتن دون

(1) ص 193 - 194 برقم 322.

(2)

في (أ): أبي هريرة عن أيوب الجيلي، وهو خطأ.

(3)

ما بين حاصرتين ساقط من (ب).

ص: 56

القصة، وميمون بن أبي شبيب لم يدرك عائشة، وتعقبه ابن الصلاح بأنه أدرك المغيرة، وهو قد مات قبل عائشة، وأشار إلى أنه على شرط مسلم؛ لاكتفائه بالتَّعاصر، مع إمكان التلاقي، وأقرَّه النووي على ذلك، وفيما أشار إليه نظر، فإن الاكتفاء بالتعاصر محله في غير المُدلِّس، وميمون قد قال فيه عمرو بن علي الفلاس: ليس يقول في شيء من حديثه: سمعت، ولم أُخبَر أن أحدًا يزعم أنه سمع من الصحابة. انتهى.

وصرح غيره بأنه روى عن جماعة من الصحابة لم يدركهم؛ منهم معاذ، وأبو ذرّ، وعلي، رضي الله عنهم، فلذلك قال أبو حاتم: إن روايته عنهم مُرسلة، بل صرح أيضًا بأن روايته عن عائشة غيرُ متصلة، وكذا قال البيهقي: إن حديثه عنها مرسل، وقال ابن معين: إنه ضعيف.

نعم، حَسَّن له الترمذي حديثًا من روايته عن أبي ذرّ رضي الله عنه، بل في بعض النسخ تصحيحه، وحديثه عن المغيرة خرَّجه مسلم في مقدمة "صحيحه" استشهادًا، وكذا أخرجه الترمذي وصححه، وساق له الترمذي، وابن ماجه عن علي حديثًا، والترمذي -عن محمود بن غيلان- حديث:"اتق اللَّه حيث ما كنت" عن معاذ وأبي ذرّ من طريقين. قال محمود: والصحيح حديث أبي ذر، وحديثه عن معاذ:"اتق اللَّه" خرَّجه الترمذي أيضًا، وكذا خرَّج له النسائي عن معاذ حديث "الصوم جُنَّة"، وهو والترمذي وابن ماجه عن سَمُرة حديث:"البَسُوا البياض، وكفِّنوا فيها موتاكم".

قال بعض الحفاظ: وهذا كله مُشعِر بإدراك ميمون لعائشة، ثم إنَّ الجواب عن أبي داود ممكنٌ بأن يكون مرادُه أنه لم يدرك السماع منها، وجزم ابن القيِّم بفساد التعقب المشار إليه، وأشار إلى أن ميمونًا كان بالكوفة، فسماعه من المغيرة لا يُنكَر، لأنه كان معه بها، بخلاف عائشة، فإنها كانت بالمدينة، قال: وأئمةُ هذا الشأن لهم في ذلك أمر وراء المعاصرة، ولو كان الأمر في ذلك مع هذا الإطلاق، لكان كل من روى عن كل أحد يُحمل على الاتصال، انتهى.

لكن قد قال شيخُ صاحب الترجمة الحافظ الحجة أبو الفضل العراقي

ص: 57

رحمهما اللَّه: إنه لم يأت في خبر قط إدراك ميمون للمغيرة، وإنما أخذه ابن الصلاح من كون مسلم روى له في المقدمة عن المغيرة حديثًا استشهادًا، وقال فيه: إنه حديث مشهور.

قلت: وقد قال البزّار عقب تخريجه: وهذا الحديث لا نعلمه يُروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه، ويُروى عن عائشة من غير هذا الوجه موقوفًا، يشير إلى ما رواه أبو أُسامة عن أُسامة بن زيد، عن عمر بن مِخْراق، عن عائشة لكن قد أخرجه الخطيب في "المتفق والمفترق"، و"الجامع"، كلاهما له، والبيهقي في "الشعب"، والطبراني، كلهم من طريق أحمد بن أسد البجلي الكوفي، والبيهقي، والطبراني أيضًا، من طريق محمد بن عمار الموصلي، والبيهقي وحده من طريق مسروق بن المرْزُبان، ثلاثتهم عن يحيى بن يمان، عن سفيان الثوري، عن أُسامة، به مرفوعًا، وأخرجه البيهقي في "الأدب" من طريق الطبراني من جهة الثلاثة المذكورين، وقال الطبراني: لم يروه عن سفيان إلا ابن يمان.

وكذا أخرجه الدارقطني في "العلل" عن أبي سعيد العدوي، عن أبي همام الخارَكي -هو الصلت بن محمد- عن يحيى، لكنه صوَّب الموقوف.

وقد قال الإمام أحمد: إن رواية عمر عن عائشة مرسلة، وكذا قال البيهقي في "الشُّعَب"، وقال البخاري: عُمر (1) بن مِخْراق عن رجل، عن عائشة: مُرسَل، روى عنه أُسامة، وكذا ذكره ابن حبَّان له في أتباع التابعين من "ثقاته"، يدلّ على أنه لم يسمع من الصحابة رضي الله عنهم. وحينئذٍ، فهذه الرواية أيضًا مرسلة، والصحيح عن يحيى ما نقدم.

قال البيهقي في "الأدب": وكان يحيى رواه على الوجهين جميعًا، قال: وقوله: فأقعدته معها، إن صح، يريد به خارج الحجاب. انتهى.

[وبالجملة، فحديث عائشة حسن، وفي "الإحياء": روي أن عائشة كانت في سفر، ننزلت منزلًا، فوضعت طعامها، فجاء سائل، فقالت عائشة

(1) في (ب): عمرو.

ص: 58

رضي اللَّه عنها: ناولوا هذا المسكين قُرصًا، ثم مرَّ رجل آخر على دابة، فقالت: ادعوه إلى الطعام، فقيل لها: تُعطين المسكين وتَدْعين هذا الغنيَّ، فقالت: إن اللَّه تعالى قد أنزل الناس منازل، لا بد لنا أن ننزلهم تلك المنازل، هذا المسكين يرضى بقُرص، وقبيحٌ بنا أن نعطي هذا الغنيَّ على هذه الهيئة قُرصًا، وفيه زيادة على لفظ "الحلية" الذي أسلفناه] (1).

وفي الباب عن معاذ، وجابر رضي الله عنهما:

فأما الأول، فرواه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" له، من رواية عبد الرحمن بن غَنْم، عن معاذ بن جبل، رضي الله عنه، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أنزِلِ الناسَ منازلَهم من الخير والشرِّ، وأحسنْ أدبهم (2) على الأخلاق الصالحة"، ولا يصح إسناده.

وأما الثاني، فرويناه في "جزء الغسولي" بسند ضعيف، ولفظه في حديث:"جالسوا الناس على قدر أحسابهم، وخالطوا الناس على قدر أديانهم، وأنزلوا الناس على قدر منازلهم، وداروا الناس بعقولكم".

وكذا رويناه في حديث أوله: "أنا أشرفُ الناس حسبًا" في "مسند الفردوس" من حديث جابر أيضًا بلفظ: "أنزلوا الناس على قدر مروءاتهم".

وقد أورد الغزالي رحمه الله في أواخر الباب الخامس من العلم من كتاب "الإحياء" هذا الحديث بلفظ: أنه صلى الله عليه وسلم قال: "نحن معاشرَ الأنبياء أُمرنا أن نُنزلَ الناس منازلهم، ونكلّمَ النلس على عقولهم"، وما وقفت عليه بهذا اللفظ في حديث واحد، بل الشقُّ الأول في حديث كما مضى، والثاني رويناه فيي الجزء الثاني من "حديث ابن الشِّخِّير" من حديث ابن عمر مرفوعًا:"أُمرنا معاشر الأنبياء أن نكلِّم الناس على قدر عقولهم".

[ورويناه في "أُنس العاقل وتذكرة الغافل" لأُبيِّ النَّرْسي من طريق أبي

(1) من قوله: وبالجملة، إلى هنا، لم يرد في (ب)، وورد في نسخة (ح) بالهامش متبوعًا بعلامة التصحيح.

(2)

في (ب): آدابهم.

ص: 59