المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الأمور المساعدة على طلب العلم] - الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر - جـ ١

[السخاوي]

فهرس الكتاب

- ‌[حديث: أمرنا أن ننزل الناس منازلهم]

- ‌[القول في رواية ميمون بن أبي شبيب عن عائشة]

- ‌[أقسام الكتاب]

- ‌المقدمة في التعريف بشيخ الإسلام والمحدث والحافظ

- ‌[شيخ الإسلام]

- ‌[من اشتهر بلقب شيخ الإسلام]

- ‌[تعريف المحدِّث]

- ‌[آداب المحدث]

- ‌[وصية الذهبي للمحدثين]

- ‌[أقسام علوم الحديث]

- ‌[مَنْ يُطلق عليه لقب المحدث]

- ‌[الحافظ]

- ‌[اختصاص العرب بسرعة الحفظ]

- ‌[سلسلة الحفاظ]

- ‌الباب الأولفي ذكر نسبه ومولده وبلدته، وبشارة أبيه به وشهرته ونبذة من تراجم من علمته مِنْ سلفه وإخوته الكرام، أسكنه اللَّه وإياهم دار السلام

- ‌[نسبه]

- ‌[كنيته ولقبه]

- ‌[التلقيب بالإضافة إلى الدين]

- ‌[نسبته]

- ‌[مولده]

- ‌[بشارة والده به]

- ‌[شهرته]

- ‌[أسلافه]

- ‌[والده]

- ‌[إخوته وأخواته]

- ‌الباب الثانيفي صفة مبدأ أمره، ونشأته، وذكر طلبه للعلم ورحلته، وتعيين من أخذ عنه دراية

- ‌[نشأته:]

- ‌[سماعه بمكة:]

- ‌[سرعة حفظه:]

- ‌[طلبه العلم:]

- ‌[دراسته الفقه:]

- ‌[سلسلة الفقه:]

- ‌[سلسلة أصول الفقة]

- ‌[دراسة النحو:]

- ‌[رحلاته]

- ‌رحلته إلى قوص:

- ‌[رحلته إلى الإسكندرية:]

- ‌[رحلته إلى الحجاز:]

- ‌[رحلته إلى اليمن:]

- ‌[اجتماعه بالفيروزآبادي:]

- ‌[رحلته الثانية إلى اليمن:]

- ‌[من لقيهم من العلماء بمكة والمدينة:]

- ‌[رحلته إلى الشام]

- ‌[الأمور المساعدة على طلب العلم]

- ‌[شرب ماء زمزم لقضاء الحوائج]

- ‌[سرعة الكتابة الحسنة:]

- ‌[الصحبة الطيبة من طلبة العلم:]

- ‌[عدم التردُّد إلى الكبراء:]

- ‌[استثمار الوقت]

- ‌[بركة ابن حجر]

- ‌[السفر إلى حلب وسماعه:]

- ‌[التواضع في طلب العلم:]

- ‌[ذكر الأماكن التي زارها الحافظ ابن حجر]

- ‌ذكر القائمة المشار إليها ونصها: "البلدانيات" لكاتبه

- ‌[الاعتناء بالبلدانيات]

- ‌شيوخه

- ‌القسم الأول

- ‌القسم الثاني

- ‌القسم الثالث

- ‌مروياته

- ‌صحيح البخاري

- ‌صحيح مسلم

- ‌السنن لأبي داود

- ‌الجامع للترمذي

- ‌السنن للنسائي

- ‌[السنن الكبرى للنسائي]

- ‌السنن لابن ماجه

- ‌الموطأ رواية يحيى بن يحيى عن مالك

- ‌الموطأ رواية أبي مصعب

- ‌مسند الشافعي

- ‌السُّنن له رواية المزني

- ‌[السنن للشافعي رواية ابن عبد الحكم]

- ‌واختلاف الحديث له

- ‌مسند الدارمي وهو على الأبواب

- ‌مسند عبد

- ‌مسند أحمد

- ‌مسند مسدد

- ‌مسند الطيالسي

- ‌مسند الشهاب للقضاعي

- ‌صحيح ابن خزيمة

- ‌صحيح ابن حبان

- ‌المستخرج على صحيح مسلم لأبي نعيم

- ‌السنن للدارقطني

- ‌السنن للبيهقي

- ‌الأدب المفرد للبخاري

- ‌بر الوالدين له

- ‌الأدب للبيهقي

- ‌السِّيرة تهذيب ابن هشام

- ‌عيون الأثر في فنون المغازي والسِّيَر لابن سيد الناس

- ‌بشرى اللَّبيب بذكرى الحبيب له

- ‌دلائل النبوة للبيهقي

- ‌الشمائل النبوية للترمذي

- ‌الشفاء للقاضي عياض

- ‌مكارم الأخلاق للخرائطي

- ‌مساوىء الأخلاق له

- ‌الزهد لابن المبارك

- ‌الحلية لأبي نعيم

- ‌الدُّعاء للطبراني

- ‌الترغيب للتَّيْمي

- ‌فضائل القرآن لأبي عبيد

- ‌المجالسة للدِّينوري

- ‌المعجم الأوسط للطبراني

- ‌المعجم الصغير له

- ‌البعث لابن أبي داود

- ‌الثاني من حديث ابن مسعود لابن صاعد

- ‌مشيخة الرازي

- ‌سداسياته

- ‌جزء أبي الجهم

- ‌جزء سفيان بن عيينة

- ‌جزء مأمون

- ‌جزء ابن مخلد

- ‌الأول الكبير والثاني، كلاهما من حديث المخلِّص

- ‌المسلسل بالأولية

- ‌الباب الثالثفي ثناء الأئمة عليه

- ‌ ثناء الأئمة عليه

- ‌[المحب ابن الهائم]

- ‌برهان الدين الأبناسي

- ‌[عبد الرحمن بن محمد العلوي]

- ‌سراج الدين ابن الملقِّن

- ‌[سراج الدين البُلقيني]

- ‌[الحافظ العراقي]

- ‌[تقي الدين الدِّجْوي]

- ‌[الحافظ الهيثمي]

- ‌[ابن خلدون]

- ‌[الشهاب الحُسباني]

- ‌[ابن حجي الحسباني]

- ‌[ابن درباس]

- ‌[ابن ظهيرة المكي]

- ‌[الفيروزآبادي]

- ‌[حميد الدين التركماني]

- ‌[عز الدين ابن جماعة]

- ‌[كمال الدين الشُّمُنِّي]

- ‌[جمال الدين الأقفهسي]

- ‌[جلال الدين البلقيني]

- ‌[نفيس الدين العلوي]

- ‌[أبو زرعة العراقي]

- ‌[شمس الدين ابن الديري]

- ‌[شرف الدين التَّبَّاني]

- ‌[ابن مغلي]

- ‌[البدر البشتكي]

- ‌[الشمس البرماوي]

- ‌[التَّقيُّ الفاسي]

- ‌[تقي الدين الكرماني]

- ‌[المجد البرماوي]

- ‌[ابن الجزري]

- ‌[الشهاب الكلوتاتي]

- ‌[ابن الغرابيلي]

- ‌[ابن حجة الحموي]

- ‌[زين الدين الخوافي]

- ‌[ابن الخياط]

- ‌[علاء الدين البخاري]

- ‌[سبط بن العجمي]

- ‌[ناصر الدين الفاقوسي]

- ‌[ابن ناصر الدين الدمشقي]

- ‌[أبو شعرة الحنبلي]

- ‌[شمس الدين البساطي]

- ‌[ابن خطيب الناصرية]

- ‌[المقريزي]

- ‌[ابن نصر اللَّه البغدادي]

- ‌[شمس الدين ابن عمار]

- ‌[شمس الدين الونائي]

- ‌[عثمان بن عمر الزَّبيدي]

- ‌[شمس الدين القاياتي]

- ‌[عز الدين عبد السلام]

- ‌[الشهاب ابن المجدي]

- ‌[ابن قاضي شهبة]

- ‌[برهان الدين بن خضر]

- ‌[رضوان العقبي]

- ‌[ابن أبي الوفاء]

- ‌[تغري برمش]

- ‌[ابن التنسي]

- ‌[ابن العليف]

- ‌[ابن حسان]

- ‌[أبو الفتح المراغي]

- ‌[موفق الدِّين الإبِّي]

- ‌[ابن الضياء]

- ‌[ابن الهُمام]

- ‌[زين الدين القلقشندي]

- ‌[أبو البركات الغزِّي]

- ‌[ابن كُحيل]

- ‌[علم الدين البلقيني]

- ‌[تقي الدين ابن فهد]

- ‌[تقي الدين القلقشندي]

- ‌[الشهاب الحجازي]

- ‌[قاسم بن قطلوبغا]

- ‌[أبو ذر الحلبي]

- ‌[برهان الدين البقاعي]

- ‌[نجم الدين بن فهد]

- ‌[ابن الشِّحنة]

- ‌[شهاب الدين بن الأخصاصي]

- ‌[قطب الدين الخيضري]

- ‌فصل

- ‌[الناقلين عن ابن حجر في تصانيفهم]

- ‌[مراسلة الحافظ العراقي لابن حجر]

- ‌[مراسلة الجلال البلقيني لابن حجر]

- ‌[القول في رواية رافع بواب مروان عن ابن عباس]

- ‌[القول في حديث "لا تسبُّوا أصحابي

- ‌[جواب ابن حجر عن الحديث]

- ‌فصل

- ‌[حديث رأيت عيسى وموسى وابراهيم]

- ‌[القول في التفريق بين جنادة بن أبي خالد وجنادة بن أبي أميَّة]

- ‌[عنايته بالكتب]

- ‌[تعقُّباته على الكتب]

- ‌[الأربعون التساعيات لأبي علي الصيرفي]

- ‌[الأربعون العشاريات لابن الجزري]

- ‌[الكامل لابن عدي]

- ‌[الأنساب لابن السمعاني]

- ‌[تعقُّبه أبا عليٍّ الصدفي]

- ‌[شرح البخاري لمُغلطاي]

- ‌[تعقُّبه أبا زرعه العراقي]

- ‌[تعقُّبه الحافظ ابن رجب الحنبلي]

- ‌[الحكاية الرباعية المنسوبة للبخاري]

- ‌[تعقُّبه ابن جماعة في العَروض]

- ‌[التعقب على حلّ لغز]

- ‌[تعقبه على ابن جماعة]

- ‌[كمال الظَّرف]

- ‌[عدم جواز تصرُّف الناسخ فيما ينسخ]

- ‌[تعقُّبه على ابن الملقِّن]

- ‌[المفاضلة بين صحيحي البخاري ومسلم]

- ‌[سماع رقية بنت الشرف محمد من ابن المصري]

- ‌[إجازة ابن قريش للسويداوي]

- ‌[قياس ارتفاع النيل]

- ‌فصل

- ‌[طبقات الشافعية لابن الملقِّن]

- ‌[الإجابة للزركشي]

- ‌[شرح العمدة للبرماوي]

- ‌[شرح البخاري للعيني]

- ‌[مصنفات المقريزي]

- ‌[قوة الاستحضار حال القراءة والدَّرس]

- ‌الأشعار المنظومة في مدح الحافظ ابن حجر

- ‌[برهان الدين المليجي]

- ‌[الجُحافي]

- ‌[ابن قوقب]

- ‌[برهان الدِّين البقاعي]

- ‌[ابن نصر اللَّه العسقلاني]

- ‌[ابن أبي السعود]

- ‌[الشِّهاب التَّروجي]

- ‌[ابن العماد الأقفهسي]

- ‌[ابن مبارك شاه]

- ‌[الشهاب ابن صالح]

- ‌[ابن عربشاه]

- ‌[ابن كُحيل]

- ‌[ابن القُرْدَاح]

- ‌[الشِّهاب الحجازي]

- ‌[الشهاب المنصوري]

- ‌[الشهاب ابن والي]

- ‌[الشهاب السَّيرجي]

- ‌[الزُّعيفريني]

- ‌[المجد الزَّمزمي]

- ‌[ابن حجَّة الحموي]

- ‌[أبو بكر الزبيدي]

- ‌[ابن صدقة]

- ‌[حسن الصَّفدي]

- ‌[ابن العُليف]

- ‌[خطَّاب بن عمر الدمشقي]

- ‌[ولغيره [في العكس]

- ‌[الأقفهسي]

- ‌[غرس الدين خليل]

- ‌[رضوان العقبي]

- ‌[شعبان الآثاري]

- ‌[المرشدي]

- ‌[تاج الدين الأذرعي]

- ‌[زين الدين البكري]

- ‌[عبد الرحمن الشاذلي]

- ‌[عُبيد الرِّيمي]

- ‌[جلال الدين البلقيني]

- ‌[ابن الخراط]

- ‌[ابن الديري]

- ‌[عبد الرحمن الصوفي]

- ‌[عبد السلام البغدادي]

- ‌[عبد الغني الشرجي]

- ‌[الإشليمي]

- ‌[عبد القادر النحريري]

- ‌[الطَّويلي]

- ‌[الجوجري]

- ‌[ابن العديم]

- ‌[التاج عبد الوهاب]

- ‌[الدواليبي]

- ‌[أبو الحسن العراقي]

- ‌[وما وجدت عندي باقيها]

- ‌[ابن المغلي]

- ‌[الأسواني]

- ‌[الجعبري]

- ‌[عمر الطرابلسي]

- ‌[الطنوبي]

- ‌[مجد الدين ابن مكانس]

- ‌[قاسم بن قطلوبغا]

- ‌[البدر البشتكي]

- ‌[القباقبي]

- ‌[ابن خطيب داريّا]

- ‌[شمس الدين البساطي]

- ‌[شمس الدين الأسيوطي]

- ‌[شمس الدين الدجوي]

- ‌[المراغي]

- ‌[البدر المارديني]

- ‌[بدر الدين الدماميني]

- ‌[الشريف الأسيوطي]

- ‌[شمس الدين القادري]

- ‌[ابن ناصر الدين الدمشقي]

- ‌[شمس الدين النَّواجي]

- ‌[ابن المصري]

- ‌[شمس الدين الطنتدائي]

- ‌[قطب الدين المكي]

- ‌[شمس الدين الهيثمي]

- ‌[ابن الفالاتي]

- ‌[محمد بن عمر الحنفي]

- ‌[ابن قرقماس]

- ‌[الرّاعي]

- ‌[البدر سبط الحسني]

- ‌[شمس الدين الزركشي]

- ‌[زين الدين الخوافي]

- ‌[البكري]

- ‌[ابن ناهض]

- ‌[مسافر بن عبد اللَّه]

- ‌[نعمة اللَّه الجرهي]

- ‌[الفرَّاء]

- ‌[الشريف]

- ‌[شخص من المنزلة]

الفصل: ‌[الأمور المساعدة على طلب العلم]

ومن "الاستيعاب" لابن عبد البر واحد، و"الطَّهور" لأبي عبيد، و"الذِّكر" لجعفر الفريابي، و"فضائل الأوقات" للبيهقي، و"الإيمان" لابن منده. و"مكارم الأخلاق" للخرائطي كل واحد من هذه الكتب في مجلد. ومن "مسند الدارمي" مجلد، وقطعة من "مساوىء الأخلاق" للخرائطي، و"الخراج" ليحيى بن آدم، و"مشيخة الباغبان"، و"الشمائل" للترمذي، و"الأدب" للبيهقي، و"علوم الحديث" للحاكم، و"الإرشاد" للخليلي، و"حديث قُتيبة" للعيار، و"اختلاف الحديث" لابن قتيبة، و"آداب الحكماء"، و"ذم الكلام" للهروي، و"السنن" للشافعي رواية ابن عبد الحكم، و"غرائب شعبة" لابن منده، كل واحد مِنْ هذه الكتب في مجلد. ومن "مشيخة مسعود الثقفي" مجلد، ومن "مسند أبي يَعْلى الموصلي" مجلد، و"الكنجروذيات" في نسختين مجلد.

فمن هذه الكتب ما يكون مجلدةً ضخمةً، ومنها ما يكون مجلدةً لطيفةً، فتكون نحو الثلاثين مجلدًا ضخمة، تكون نحو أربعمائة وخمسين جزءًا حديثية، خارجًا عن الأجزاء الحديثية، وهي تزيد على هذا المقدار (1).

هذا وهو قد علَّق رضي الله عنه في غضون هذه المدة بخطه مِنَ الأجزاء الحديثية، والفوائد النثرية، والتتمات التي يُلحقها في تصانيفه ونحوها ثمان مجلدات فأكثر.

وطرَّف كتاب "المختارة" للحافظ ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسي في مجلد ضخم، لو لم يكن له عمل في طول هذه المدة إلا هي، لكانت كافيةً في جلالته.

[الأمور المساعدة على طلب العلم]

وأعانه على كل هذا أمور يسرها اللَّه تعالى له قلَّ أن تجتمع في غيره.

منها: سرعة القراءة الحسنة.

(1) في (أ): "القدر".

ص: 161

فقد قرأ "السنن" لابن ماجه، في أربعة (1) مجالس.

وقرأ "صحيح مسلم" بالمدرسة المنكوتمرية على مسنِد مصر الشرف أبي الطاهر محمد بن العز محمد (2) بن الكُويك الرَّبعي، في أربعة مجالس، سوى مجلس الختم، وذلك في نحو يومين وشيء، فإنه كان الجلوس مِنْ بُكرة النَّهار إلى الظهر، وحدثهم القارىء به عَن محمد بن ياسين الجزولي، وعن المفتي الشهاب أحمد بن أبي بكر بن العز الصالحي الحنبلي إذنًا منهما، برواية الأول عَنِ الشَّريف أبي طالب الموسوي حضورًا وإجازة، والثاني: عن القاضي سليمان بن حمزة إجازة بسندهما. وانتهى ذلك في يوم عرفة، وكان يوم الجمعة سنة ثلاث عشرة وثمانمائة.

وجرت يوم الختم لطيفة، وهو أن الضابط للجماعة، وكان شيخنا الحافظ أبا النعيم رضوان العقبي المستملي رحمه الله التمس منه بعد الختم إعادة بعض أفوات من أول الكتاب، فأجابه لذلك، وشرع في القراءة، فكان كلَّما رامَ الوقوفَ، يقولُ له الضابطُ: وأيضًا، وأيضًا، وأيضًا، وهو يقرأ، إلى أن مرَّ -وقد تعب القارىء- قوله في الحديث:"واللَّه لا أزيدُ على هذا ولا أنقُص". فأغلق الكتاب، وأقسم أيضًا أنه لا يزيد على ما قرأ (3) ولا ينقُص.

[قلت: وما وقع لصاحب الترجمة في قراءة "صحيح مسلم" أجلُّ ممَّا وقع لشيخه المجد اللغوي صاحب "القاموس"، فإنه قرأه بدمشق بين بابي الفرج والنصر تُجاه نعل النبي صلى الله عليه وسلم على ناصر الدين أبي عبد اللَّه محمد بن جَهْبَل في ثلاثة أيام، وتَبَجَّح بذلك، فقال: قرأتُ -بحمد اللَّه "جامع مسلم" بجوف دمشق الشام، كرسي الإسلام، على ناصر الدين شيخنا ابن جَهْبَل، بحضرة حُفاظ مخاريج أعلام، وتمَّ بتوفيق الإله بفضله قراءة ضبط في ثلاثة

(1) في الأصول: "أربع"، والجادة ما أثبت.

(2)

في (ب): "العز بن محمد"، خطأ.

(3)

في (أ): "على هذا".

ص: 162

أيام] (1).

وكذا قرأ "كتاب النسائي الكبير" على الشرف المذكور في عشرة مجالس، كل مجلس منها نحو أربع ساعات. وسمعه بقراءته الفضلاءُ والأئمةُ، وحدَّثهم به عَنِ العفيف النَّشَاوري، عن الرَّضي الطَّبري إذنًا، عن الحافظ أبي بكر بن مَسْدي بسنده. وانتهى في يوم عاشوراء سنة أربع عشرة وثمانمائة.

وأسرعُ شيء وقع له أنه قرأ في رحلته الشامية "معجم الطبراني الصغير" في مجلس واحد بين صلاتي الظهر والعصر، وهذا الكتاب في مجلد يشتمل على نحوٍ مِنْ ألف حديثٍ وخمسمائة حديث؛ لأنَّه خرَّج فيه عن ألف شيخ، عن كلِّ شيخٍ حديثًا أو حديثين.

ومن الكتب الكبار التي قرأها في مدة لطيفة: "صحيح البخاري"؛ حدّث به الجماعةُ مِنْ لفظه بالخانقاه البَيْبرسية في عشرة مجالس، كل مجلس منها أربع ساعات، وكان ذلك فيما أظنه قريبًا مِنْ سنة عشرين إما سنة إحدى أو اثنتين بحضور (2).

ولقد سألته، فقلت له: يا سيدي، كما في شريف علمكم، أنَّ الحافظَ الخطيب أبا بكر البغدادي لقي كريمة المروزية بمكة، فقرأ عليها "الصحيح" في أيام منى، فهل وقع لكم استيفاءُ يوم في القراءة؟ فقال: لا، ولكن قراءتي "الصحيح" في عشرة مجالس لو كانت متواليةً، لنقصت عن هذه الأيام، ولكن أين الثُّريا مِنَ الثَّرى، فإن الخطيب رحمه الله قراءته في غايةٍ من الصِّحَّة، والجودة والإفادة وإبلاغ السَّامعين.

قلت: هكذا قلت لشيخنا، وأقرّني عليه، والذي رأيته الآن في ترجمة الخطيب أنه قرأه في خمسة أيام، وأظنُّه الصواب.

(1) ما بين حاصرتين لم يرد في (ب)، وورد في هامش (ح) بخط المصنف.

(2)

هنا بياض في النسخ جميعها، وكتب في (أ):"كذا"، وفي (ط):"ض"، يعني بياض.

ص: 163

ثم رأيت في ترجمة إسماعيل بن أحمد بن عبد اللَّه النيسابوري الحيري من "تاريخ الخطيب"(1): أنَّه قدِمَ حاجًّا في سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة، وكان معه حِمْلُ كتب ليجاور، فرجع الناس لفساد الطَّريق، فعاد إلى نيسابور، وكان في جملة كتبه "البخاري"، قد سمعه من الكشميهني، فقرأت عليه جميعه في ثلاثة مجالس، اثنان منها في ليلتين، كنت أبتدىء بالقراءة وقت المغرب، وأقطعها عند صلاة الفجر. وقبل أن أقرأ الثالث عَبَرَ الشيخُ إلى الجانب الشرقيِّ مع القافلة، فمضيتُ إليه مع طائفة كانوا حضورًا للّيلتين الماضيتين، فقرأت عليه مِنْ ضحوة نهار إلى المغرب، ثم مِنَ المغرب إلى طلوع الفجر، ففرغ الكتاب، ورحل الشيخ صبيحتئذٍ.

وحكاها الذهبي في ترجمة الخطيب من "تاريخه"، فقال: إنه قرأه جميعه في ثلاثة مجالس. قال: وهذا شيءٌ لا أعلم أحدًا في زماننا يستطيعه.

ثم إنه إنما استدرك -رحمه اللَّه تعالى- جريًا على عادته في التأدُّب وتواضعًا، وإلا فقراءته أيضًا كانت كذلك.

وهكذا كان دأبه (2) هضم نفسه على جاري عادة أهل العلم والدين، حتى إني سمعت مِنْ لفظه، وقرأته بخطه، أنه رأى في المنام سنة ثلاث عشرة وثمانمائة الدَّارقطني رجلًا طويلًا، لا أتحقق لون شعر لحيته: هل هو أشيبُ أم لا؟ فسألته عَنِ الأسئلة التي جمعها ابن طاهر مِنْ كلام مَنْ سأله عن أحوال الرجال وجوابه عن ذلك، فذكر لي أن أسئلة الحاكم له، أظنه قال: مستقيمة. وما أدري قال: السهمي أو السلمي كذلك. وسمى له (3) آخر ثالثًا، ليس هو من الأربعة التي جمع ابنُ طاهر مسائلهم، وأشار إلى أن الأسئلة التي للبرقاني مختلة. فتعجَّبتُ مِنْ هذا في نفسي، وقلت: يا سبحان اللَّه! البرقاني أوثقُ هؤلاء الجماعة، كيف تكون أسئلتُه دون أسئلتهم!

(1) 6/ 314.

(2)

في (ب، ط): "شأنه".

(3)

في (ب، ح): "لي".

ص: 164

ثم قلت لنفسي: الأوْلَى أن أسألَ الشيخَ أبا الحسن عن جميع مَنْ في "كتاب ابن طاهر" رجلًا رجلًا، فتكون تلك الأسئلة لي. وهممتُ بذلك، لكن صرت في نفسي أزدري نفسي أنْ أُعَدَّ مع هؤلاء، وأتعجب كيف أصيرُ معدودًا فيمن سأل الدارقطني. ثم استيقظتُ ولا أتحققُ هل سألته عن شيء منها أم لا، رحمهم اللَّه تعالى.

والشاهدُ مِنْ هذا المنام قوله: لكن صِرْتُ في نفسي إلى آخره.

ولقد سأله الأمير الفاضل تَغْرِي بَرْمَش الفقيه -وهو من تلامذته- هل رأيت مثل نفسك، فقال: قال اللَّه تعالى: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: 32]. انتهى.

وبهذا الجواب أجاب الدارقطني رجاءَ بن محمد المعدَّل، حيث قال: قلت للدارقطني: رأيتَ مثلَ نفسك؟ فقال: قال اللَّه تعالى: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} ، فألححت عليه، فقال: لم أرَ أحدًا جمع ما جمعتُ.

وكذا وقع لابن عساكر أن أبا المواهب ابن صصْري قال له حين سمعه يقول، وتذاكَر الحفاظ الذين لقيَهم، فقال: أما ببغداد، فأبو عامر العبدري، وأما بأصبهان فأبو نصر اليونارتي، لكن إسماعيل الحافظ كان أشهرَ منه. قال أبو المواهب: فقلت له: فعلى هذا ما رأى سيدُنا مثلَ نفسه، فقال: لا تقُلْ هذا، قال اللَّه:{فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: 32]، فقلت: وقد قال: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى: 11]. قال: نعم. لو قال قائل: إنَّ عيني لم تر مثلي، لصدق. قال أبو المواهب: وأنا أقول: لم أر مثله، ولا مَنِ اجتمع فيه ما اجتمعَ فيه، ثم بيَّن ذلك.

قلت: وأفْهَمَ جوابُ شيخنا أنه لم ير مثل نفسه، وإلا لكان يقول: رأيت فلانًا أو ما أشبهه.

ويدلُّ على أنه لم ير مثل نفسه، شهادةُ كلِّ مِنَ الحافظين الحلبي والفاسي وغيرهما له بذلك كما سيأتي.

ص: 165