الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دانيال في القُضاة" قوله الذي حذفه صاحبُ الترجمة مِنْ "قضاة مصر" -كما أسلفناه- عمدًا:
عينُ الوجود ثُمَّ رأسُ الحُنَفا
…
ومَن به منصبه تشرَّفَا
كم قلَّد الأعناقَ مِمَّا مِنَّه
…
واكتسب القلب الضعيف مُنَّه
وواصل الإجداء في الإجدابِ
…
واستعمل الإغضاء في الإغضابِ
دام عُلاه في سما السُّعود
…
ما أمطرت بوارِقُ الرُّعودِ
[ابن أبي السعود]
ومنهم: الإمام شهاب الدين أبو العباس أحمد بن أبي السُّعود المنوفي. وله فيه عدة مدائح، منها ما قرأته بخطه يذكره بقصيد سبق امتداحه به، فقال:
أحَبْرُ علمُه بَحْرٌ خِضمٌّ
…
يفوهُ بأنفس الدُّرِّ المصُونِ
ومن هو (1) بالثَّنا روضٌ أريجٌ
…
زها مِنْ غيث كَفَّيه الهَتُونِ
ومَنْ أضحى حديثُ عطاه يُروى
…
بعينٍ مِنْ محابره ونُونِ
وإنّ هزَّ اليراعَ حَسِبْتَ سُمرًا
…
ولم أر في الحواسد (2) مِنْ طعينِ
شمائلك اللَّطيفة علَّمتني
…
فمهما رُمتُ مدحك فهي عونِي
تعرَّف بالثناء غريب مدحي
…
فسار مع النسيم لكل كونِ
أيا ملكًا لدى الطلاب تُجنَى
…
له الثمراتُ مِنْ علم ودينِ
قَصيدتي التي خدمت وجاءت
…
وحاشا أن تقابلَها بهونِ
توارتْ منكمُ خَجلًا فأضحت
…
مِنَ الإعراض تُرْمَى بالظُّنونِ
أذاعوا أنها تُرِكت فضاعت
…
فقلت: الزَّهرُ في وَرَقِ الغصونِ
(1) في (أ): "به".
(2)
في (أ): "الخوامس".
وكيف تَراكَ يا طَلْقَ المحيَّا
…
وترجِعُ وهي هامية الجُفونِ
وقد حاكت بأسطرها طُروزًا
…
على حُلَل الفضائل والفنونِ
عجبتُ لها وقد وافت كريمًا
…
فلم تُقْرَ وباتت في عُيونِ
عساك تُرَدِّدُ الألحاظَ فيها
…
فإنّ الروض يزهى بالعيونِ
فعش أبدًا هنيَّ الوِرد حتى
…
ترى الأعداء في حوض المَنُونِ
ومنها: ما أنشده الواعظ عبد القادر مِنْ نظم الشيخ المذكور بحضوره يوم ختم "شرح البخاري" بالتاج، فقال:
تمتَّعَتْ بدموع الصبِّ في حُجبِ
…
فانظر لشمس الضُّحى في حلَّة السُّحب
حلَّت بقلبي المعنَّى وهي (1) جنته
…
يا مَنْ يرى جنَّةَ الرِّضوان في لَهبِ
أشكو سُهادي ودمعي وهي لاهيةٌ
…
فالثَّغرُ يضحك والأصداغ في لعبِ
يا مَنْ رَنَتْ وانثنت طوعَ الصِّبا هيَفًا
…
تفديك رُوحُ قتيلِ القَضْب والقُضُبِ
اللَّه في مهجةٍ لولاك ما رَهِبَت
…
سُودَ الجفون وحدَّ السَّيف لم تَهَبِ
فيا رعىَ اللَّه أعطافًا بنا فتكت
…
وهُنَّ مِنْ نسمات الرَّوض في رهبِ
واللَّه يعفو عَنِ الألحاظ كم قتلت
…
بسحرها مِنْ كليمِ القلب مكتئبِ
فمَنْ يبلِّغ ذَاتَ الحُسن أن دَمِي
…
حِلٌّ لها ولقتلي فيه واطَرَبِي
يا ربِّ لا تَجْزِ عينيها بما فعلت
…
في مُهجتي مِنْ فظيعِ الفتك والعَطَبِ
واحفظ على حُسنها خدًّا أضاع دمي
…
وراح يُومي بكفٍّ منه مختضبِ
واجعل سُويداء قلبي في صحيفته
…
يا ربِّ من حسنات القُرْب والقُرَبِ
وحالِلِ الجفنَ مِنْ روحٍ به قتلت
…
فليس عند الهوى قتلي بمحتَسَبِ
وفي سبيل البُكَا ليلٌ أكابِدُه
…
يا فَجرَ قلبي وفجْري غيرُ مُقْتربِ
لم أدْرِ أنَّ كؤوس الدمع تُسهرني
…
حتى رأيت مُحيَّا النَّجمِ كالحَبَبِ
(1) في (أ، ح): "وهو".
يا من أطالت على يوم اللِّقا أسفِي
…
هلَّا جعلتِ لهذا الهجر مِنْ سببِ
لا تسألي عن دموعٍ فيكِ سائلةٍ
…
وقلبِ صبٍ لصبرٍ غير منقلبِ
في ذمة البين ليلٌ بات يجمعُنا
…
والنجمُ يلحظنا شَزْرًا كمرتَقِبِ
والثغرُ يرفع أذيالَ الدُّجى عبثًا
…
والشَّعر يخفي مُحيَّا الصُّبْحِ في نَقبِ
وبعد رشْفِ الثَّنايا رحتُ ملتثمًا
…
خالًا وكانَ ختامُ المسك مُطَّلَبِي
فجاء حسنُ ختامٍ منه يُسْنِدُ عن
…
قاضي القضاة ختامِ العلمِ والأدبِ
حَبْرِ الهدى حافظ الإسلام أحمد مَنْ
…
له من "الفتح" ذكرى فتحِ خيرِ نبِي
يا عالمًا شرَحَ اللَّهُ الصدورَ به
…
وباسطُ العلم والآمال للطَّلبِ
شرحت صدر البخاري مِثلَ "جامعه"
…
فراح ينشدُ: هَذا مُنتهَى الطَّلبِ
هذا المنارُ الذي للعلمِ مرتفعٌ
…
اللَّه أكبر كلُّ الفضل في العَربِ
فحبَّذا جامعٌ بالشَّرحِ صار له
…
وقفًا كبحرٍ جرى باقٍ مدى الحِقَبِ
أضاء فيه مصابيحٌ مسلسلة
…
مِنَ الأحاديث أو مِنْ لفظِك الضَّربِ
شرحٌ حكى الشَّمسَ فالدُّنيا به امتلأت
…
تَغِيب زَهرُ الدَّراري وهو لم يَغبِ
فلا تحرِّك لسانًا يا سراجُ، فقد
…
لاح النّهارُ وهَذِي الشَّمسُ فاحتجِبِ
نسيج وحدٍ يقول ابن المنيِّر: ما
…
حاكت يدايَ له مثلًا فيا بأبي
والزركشيُّ البدرُ لما أن تكلَّف لم
…
يَصِلْ إلى ذلك المنوالِ بالذهبِ
وقد غدا لابن بطَّالٍ به شغلٌ
…
لمَّا رأى منه ما أربى على الأرَبِ
وباتَ في روضةِ ابن التِّين مرتشفًا
…
كأسًا مِنَ الذوق تُزْري بابنةِ العنبِ
فلم يَحُزْ مسلم ما حُزْتَ مِنْ شرفٍ
…
يا أحمدَ النَّاس في علمٍ وفي نسبِ
هذا -وحقِّكَ- عامُ الفتحِ حجَّ به
…
لِبَيْتِ فضلك وفدُ العلم عَنْ رَغَبِ
فيه بدا الظَّاهِرُ السُّلطانُ واستترت
…
أعداؤه بذيول الأرضِ في حُجبِ
تبًّا لهم والقَنَا يهتزُّ في يدهم
…
رُعبًا وإن نسلت رُدَّتْ على العَقِبِ
فجاءهُ الفتح نصرًا بالسُّيوف وقد
…
تبَّت يدا خصمِه حمالةَ الحطبِ
فالدُّهر في دعة، والزهر مبتسمٌ
…
والوُرق تَشْدُو على أعواها القُضُبِ
وجدولُ الروض أضحى دائرًا طَرِبًا
…
والقُضب ترقُصُ بالأكمام والعُذّبِ
والجوُّ قهقه والأعداء تحسبُه
…
رعَدًا لما نابها مِنْ قبضةِ النُّوبِ
أفديه عامًا كأن الدَّهر أسنده
…
عَنْ حافظ العصر عَنْ آبائه النُّجبِ
للَّه حبرٌ أبِيٌّ ماجدُ شَهمٌ
…
علىُّ أصيلٌ على الحالين خيرُ أبِ
يُغنيك عَنْ طلب الأسفار مِقْوَلُه
…
و"السيف أصدق أنباءً مِنَ الكتبِ"
وإن رَقَى شرفَ الإملاء تحسبُه
…
مع التواضع بحرًا سحَّ مِنْ صَبَبِ
وكم له مِنْ تصانيف حَلَت وعَلَت
…
كالنَّجم تكثُر عَنْ قطرِ الحيا السَّربِ
يا مَنْ يقولُ: لقيتُ النَّاسَ في رجلٍ
…
دع مَنْ أردت ويمِّمْ نَعتَه تُصبِ
ذو همةٍ في النَّدى والعلمِ إن رَفَلت
…
في بُردةٍ سَحَبَت ذيلًا على السُّحبِ
وسيفُ حكم بأيدي الصَّفح تجذِبُه
…
دَقَّت لديه رقابُ الحِقد والغَضبِ
ترنَّحت قُضبُ الأقلامِ في يده
…
فأثمرت زهرات العلمِ والنَّشَبِ
تُنْشِي فَتُنْسِي شفاه الكأس باسمة
…
يا حُسنَ جمع حَلالِ الرَّاحِ والقُضبِ
مِنْ كلِّ أسمرَ خَمْرِيِّ الرُّضَاب فما
…
يفوته حيثُ يحكي الكاسَ مِنْ شَنَبِ
واعْجَبْ لِمخْبَرَةٍ كم شَيِّبتْ غسقًا
…
سُهدًا ومَفرِقُها المُسْوَدُّ لم يَشِبِ
نعم، وأعجبُ مِنْ ذا دمع مِرْمَلَةٍ
…
لجَنَّةِ الطِّرْسِ ألقَتْ حُسنَ منقَلبِ
وأوقدتْ رملها في نهره وشَدتْ
…
جَلَّ المؤلف بين الماء واللَّهبِ
وانظر إلى طَوْدِ علمٍ شامخٍ نَشِىءٍ
…
يهتزُّ جودًا وبالآمال منجذِبِ
طلق المحيَّا إلى الدينار مُبْتَذلٌ
…
مجعَّدُ الوجه يُبدي رنَّة الصَّخبِ
فيبذل التِّبْرَ مِنْ مالٍ ومِنْ كَلِمٍ
…
ما بين منسَبِكٍ منه ومِنسَكِبِ
عمَّ البرية بالجدوى فما لِخِبا (1)
…
أمواله غير أيدي الناس مِنْ طُنُبِ
(1) في (ب): "لجنى".
فلو أُريحت -معاذ اللَّه- راحتُه
…
شَكَتْ لداعي النَّدى مِنْ وحشةِ التَّعبِ
فيها الدَّنانيرُ عُشّاق العُفاةِ فإن
…
تَفقَّدتهُمْ تَراآهُمُ على حَدبِ
فضائل علَّمت شعري مدائحه
…
وأنجمُ الليل تهدي كلَّ مرتقبِ
يا مهجة الفضل يا عين العُيون (1) ويا
…
روح العُلا وحياة المجد والحسبِ
عُذرًا فإنسانُ شعري جاء ذا عجلٍ
…
وَوُسْعُ قولي وضيق الوقت في حرَبِ
وهذه بنتُ فكرٍ حثَّها شَغَفٌ
…
تجرجِرُ الذَّيلَ مِنْ صُحف على كُتُبِ
ويا وليَّ اليتامى قد خطبت لها
…
بِكْرًا إن افتخرت للعرب تَنْتَسِبِ
نسيبُها جاء في أبياته نَسَبًا
…
يا عزَّ ذاك اليتيم الشامخ النسبِ (2)
تزفُّها الشهبُ في الأفلاك مُبْشرةً
…
يا أُختَ خير أخٍ، يا بنتَ خيرِ أبِ
مَدَّتْ لعلياك باءاتِ الرَّويِّ خُطًا
…
فقد طوت مَهْمَهَ الأوراق (3) عن كثبِ
ترنو بعينِ قوافيها التي نشطت
…
وزانَها الكسرُ يا لَلخُرَّدِ العُرُبِ
كأنها الرَّاحُ في كاسات أسطرها
…
تحلُو بتكريرِ حرفِ البَاء في الحبَبِ
لحُسنها شَخصَ الحُسَّادُ فاستترت
…
عن عينهم برداء الحظِّ والأدبِ
فإنْ تعارض مدحي مع مدائحهم
…
فيكم فهل ترتقي الحَصْبَاءُ للشُّهبِ
وإن تساوى كلانا في المقال فيا
…
بُعدَ المسافة بين الصِّدق والكذبِ
أمَا وأوصافُك المنظومُ جوهرُها
…
لولاك ما امتدِّ لي في الشِّعر مِنْ سَببِ
بقيتَ يا سيِّد الدنيا صحيحَ عُلًا
…
وعشتَ يا بحرَ عِلْم غيرِ مضطربِ
ولا برحتَ مدى الأيام تُكسِبُها
…
حُسنَ الختام وترقى أشرفَ الرَّتبِ
(1) في (ب): "العلوم".
(2)
هذا البيت لم يرد في (ب).
(3)
في (أ): "الآفاق".