الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلَّدتنا منك أطواق الحَمام من الـ
…
ـفضلِ العميم (1) فصِرْنَا وهي في نسقِ
فالوُرقُ تصدحُ بالأشْجار في ودقٍ
…
ونحن نمدح بالأسحار في ورقِ
فأسأل اللَّه يُجري سُحْبَ أنعُمِه
…
مِنْ فضله غَدَقًا عَنْ فضلك الغَدقِ
ثمَّ الصَّلاةُ على المختار مِنْ مُضَرٍ
…
خير البريَّة في خَلْق وفي خُلُقِ
[الزُّعيفريني]
ومنهم الشهاب أحمد بن يوسف بن محمد الزعيفريني.
فكتب تُجاه تقريظه الثاني لابن ناهض:
هذا هو السِّحْرُ لا النفَّاثُ في عُقَدٍ
…
هذا هو الخمرُ لا المعصورُ مِنْ عنبِ
[المجد الزَّمزمي]
ومنهم (2) المجد إسماعيل بن علي بن محمَّد الكازروني الزَّمزمي المكِّي، والد أبي الفتح ونابت (3)، مدحه بقصيدة منها (4):
إنْ لم تجودُوا بالوصال وطالَ في
…
هُجرانِكم لَيلي البهيمُ مِنَ السَّهرْ
فَدُجَاهُ يجلوهُ شهابٌ ثاقبٌ
…
مِنْ جَدِّه كيدُ العِدَى عَنِّي حَجَرْ
[ابن حجَّة الحموي]
ومنهم العلامة تقي الدين أبو بكر بن حجة الحموي.
فقال في تقليده الذي كتبه له حين ولي قضاء الشافعية بالديار
(1)"العميم" ساقطة من (ب)، وهي في (ط):"الجسيم".
(2)
في هامش (ح) بخط المصنف: ثم بلغ الشيخ عز الدين بن فهد نفع اللَّه به قراءة علي والجماعة سماعًا.
(3)
تحرف في المطبوع من الضوء اللامع إلى "نائب أبي إسماعيل"، وقد ترجمه المصنف في الكتاب نفسه 10/ 194 - 195.
(4)
أنشدهما المصنف في الضوء اللامع 2/ 303، وصاحب الترجمة في معجمه 3/ 88.
المصرية، حسبما هو في "قهوة الإنشاء"(1).
الحمد للَّه الذي أطلع للمسلمين شهابًا مطالعُ الأنوار ومشارقُها بكماله تشهد، وأيَّد الشرعَ الشريفَ بمن إذا حمِدُوا إمامًا، قلنا لهم: هذا الإِمام أحمد. وقد أسندوا إليه صحيح الحديث النَّبويِّ و"مسند أحمد" لا يُجْحَد. وهو الشِّهابُ الذي إذا ناظَرهُ البدرُ رمِدَ لحمرة الشَّفق من طول تسهيده، والحاكمُ الذي أعز اللَّه أحكامَه، وكيف لا، والبخاري مِنْ بعض شُهوده، وقد فتحَ اللَّه له بابَ شرحِه، فكلُّ عالم إلى الدخول مِنْ هذا الباب جاري، وما شكَّ مسلمٌ أنَّ هذا الفتح المبارك "فتح الباري". نحمَدُه على الإلهام إلى وضع الأشياء (2) في محلها، ونشكره على العمل بقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58].
ونشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، شهادةً تتميَّزُ مؤدِّيها عندَ الحَكَم العَدْل بالعدالة. ويرى علامة القَبُول وتتناول بخط الكرام الكاتبين أسجاله.
ونشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه الذي مَنْ أتقن علومَ حديثه، كان أحمدَ هذه الأمة، وشهابها الذي يُزيلُ عنها مِنْ دُجَا الإشكال كلَّ ظُلْمة. صلَّى اللَّه عليه وعلى آله وأصحابه، صلاةً ما برح الحُكْم بموجب بركاتها مُسَجَّلًا، وفضل حديثها (3) القديم مَعَ الرُّواة مُسلْسَلًا، وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد، فمنصِبُ الشرع قد فهمنا مِنْ لسان حاله ما يُغني عَنْ بيانِ النطق وبلاغته، وعلمنا أنَّه مُفْتَقِرٌ إلى شافعيٍّ تتكملُ صحَّةُ العقُود بثبوت كفاءته، ومُلتَفِتٌ إلى إمامٍ تُصلِّي أئمةُ العلم خلف إمامته، وتعزُّ الأصحاب في أيامه بأحمد [وصحابته.
(1) وقال المصنف في ترجمته من الضوء اللامع 11/ 55: وأوردت من تقاليده التي أنشأها لشيخنا في "الجواهر والدرر".
(2)
فى (أ): "الأسماء".
(3)
في (ب): "خدمتها"، تحريف.
ولقد أكثر هذا المنصب سؤاله على أن يتأيَّدَ بهذا الإِمام في الأيام المؤيدية (1)، وكرر ذلك] (2) على أن يستضيء بنُوره الظَّاهر في الأيام الظَّاهرية، وأبي اللَّه أن يظهر شرف هذا الشهاب في غير أيامنا [الأشرفية، وإن تأخر فتأخُّرُهُ في الوقت، لا في الدَّرجة العالية. فإنَّ المناصبَ تارةً يسمو بها صاحبها](3)، وتارة تكونُ بمثلِ هذا الشهاب الزاهر زاهية (4). فإنَّه ممَّن يجِلُّ أن يُقال في ولاية مثله: ليت ولولا. وإن تقدَّمته ولايةٌ، فلسان الحال يتلو (5):{وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى} [الضحى: 3].
وقد طوينا به أخبارَ مَنْ سلَفُوا
…
لأنَّه عَلَمٌ بالفضل منشُورُ
أحاط بالعلم حتى صار (6) يحصُرُه
…
كأنَّ أفكارَهُ مِنْ حولِه سُورُ
ومِنْ فوائده يُعطي بلا قدرٍ
…
فما لإعرابه في الفَضْلِ تقديرُ
بدا الهلالُ وقد هُنِّي بطلعته
…
فصارَ للناسِ تهليلٌ وتكبيرُ (7)
وأبيضُ الصُّبح قد وافاه مُبتسمًا
…
وأسودُ اللَّيلِ قال العبدُ مسرورُ
له يراعٌ سعيدٌ في تقلُّبه
…
إنْ خطَّ خطًا أطاعته المقاديرُ
محَبّرٌ وبتحرير العلوم إذا
…
جرى يُرى منه تحريرٌ وتحبيرُ
كذا محابُره سودُ العيون فإنْ
…
دانت أياديه فهْي الأعينُ الحُورُ
ولقد مدَّ الهلال شَفَةً فتحت لتقبيل هذا التقليد، وأشعلَ كفُّ الثُّريِّا شمعة المرِّيخِ، فوقف بها مسرور الليل مِنْ جملة العبيد، وتقمَّع كفُّ الخضيب بسوادِ الليل، وترك عين الشَّفق عليه حمراء. وبالأمس نزل
(1) في (أ): "المؤيدة".
(2)
من قوله: "صحابته" إلى هنا سقط من (ب).
(3)
من قوله: "الأشرفية" إلى هنا سقط من (ب).
(4)
في (أ): "زاهرة" وفي (ب، طـ): "سامية".
(5)
"يتلو" ساقطة من (أ).
(6)
"صار" ساقطة من (أ).
(7)
في (ب): "تكريم"، خطأ.
فارسُ الغيث عن تفُّرق البرق، وقبَّل مواطىء الأرض على هذه البُشرى، وسال نهرُ المجرّة ذلك، فردَّ سائله نهرًا. وكشف الجو شعريّة الغيم عَنْ وجوه أقماره، وحيَّا مِنْ نجومه وشموسه بنرجسه وبهاره. وابتسم ثغرُ البرق عَنْ لَعَس الغيم، فلم يفُته مِنْ دُرِّ النجوم شَنَب، وما خفي أنَّ السُّحبَ أدارت كؤوس الهَنَا مبرَّدة، وكان جمان البَرَدِ لها مِنْ بديعِ الحَبَب، وهام حوتُ السَّماء إلى العَوْمِ في بحر علومه الذي زاد على [النِّيل بكثرة النَّيْل. وودَّ زورقُ الهلال أن يوسق مِنْ عنبر سطوره، لا من حمولة عنبر الليل. فإنه](1) الشِّهابُ الذي إذا غَامرَ في أمر مَرُومِ، لم يقنع بما دون النُّجوم.
وقد انتهت الغايةُ بولايته إلى أنْ صار شرطَ كلِّ واقفٍ ماشيًا، وقضت نُوَّابُه بالحقِّ، فصار كلٌّ منهم يقتُل الباطل قاضيًا. وأنعمنا على هذا المنصب بولايته، فاعترف بجزيل الصَّنيع، وارتفع المحرَّمُ في صفر، فتنزه المسلمون في ربيع.
ولما كان الجنابُ الكريم الشهابي هو الذي حصل الإجماعُ مِنْ أئمة الفِرَقِ على تقديمه، ورسم اختيارنا الشَّريفُ برسم تقليده. فما خالفَ مسلمٌ في تَوْرِيَةِ مرسومه. وقال المتعبِّدُون بالعلم: هذا إمامنا بالجامع الكبير. وقال "لسان الميزان": هذا بشهادة اللَّه صاحب التحرير. وهذا صدرُ العلماء الذي اطمأن به قلبُ الزَّمان، واشتدَّ ظهرُه. وإن قلنا: إنَّه ساد على كثيرٍ مِنَ المتقدمين، أنشد لسان الحال وقد رسخ في المسامع شعرُه:
يقضي الحسودُ له قضاءَ ضرورةٍ
…
بفضيلةِ الطَّاري على المتقدِّمِ
اقتضت آراؤنا الشَّريفة أن نظهر في أفق ملكِنا الشَّريفِ نورَ شهابه، ونثبِّت أوتاد الدِّين القيِّمِ مِنْ غيرِ فاصلةٍ بأسبابه. فلذلك رسمَ بالأمرِ الشَّريفِ العالي المولوي السلطاني الملكي الأشرفي -لا زالت شُهُبُ العلم في مطالع شرفه زاهرة، وحدائقُ مصنَّفاتِ العُلماء في روضات أيامه زاهرة- أن يُفَوِّض
(1) ما بين حاصرتين ساقط من (ب).
للجناب الكريم، المشار إليه وظيفة قضاء قضاة (1) الشافعية بالدِّيار المصرية والممالك الإسلامية المحروسة. فإنَّه الشِّهابُ الذي نجومُ تصانيفه مُشرقةٌ في ظلمة كل إشكال. ولمَّا خشينا مِنَ الجهل برجال الحديث، بادَرَ إلى الاحتفال بأسماء الرجال. وهو بحمد اللَّه نتيجةُ هذا العصر، وصاحبُ المقدمة (2). وبه حصل التغليق، وفزنا بالتوفيق. وهمنا إليه بالتَّشويق، فأكرِم بها مكرمة.
ولقد تميز عندنا بتقريب الغريب، وقلنا: لا ينكر ذلك لِمَن جُبِلَ على تهذيب التهذيب. وتاللَّه إنَّ ثقاة الرِّجال تشهدُ له بالتَّمييز والإعجاب، فإنَّه المقرِّرُ للإصابة، وعنده شفاء العِلَل وخاص اللباب. ما جاءه مستفيدٌ إلا وجدَ عنده الإيناس وترتيب الفوائد، ولمَّ تفريقَ ذهْنِه، بالمجْمَع، وفرجه بعد نقصه بالزوائد. فإنَّه الشِّهابُ الذي له الأجوبة المشرقة، وصاحبُ الاستدراك الذي التفَّ منه وجهُ كلِّ مصنِّفِ مِنْ الحيا. وكم لمَّ أطراف الأحاديث المختارة، فأغنى بنُورِ شهابِه عَنِ الضياء، وهو صاحب النُّكت والتَّخريج والتغليق والترتيب. وكم جاءنا بالمنتخب والتعريف بالنبأ، ونبَّه الأفهام بالتَّقريب. وإن ذكرت المقاصد الحميدة، فهو صاحبُ المقصدِ الأحمد، وقد استدَّ به هذا الباب؛ لأنَّه صاحب القصدِ المسدد. وهذا الشُهابُ بحمد اللَّه صاحبُ الأنوار، والآيات المنيرة على شمس النهار. وقد أقرَّ له أهلُ العلم بالاعتراف، لما نبَّه ناسيهم بالتذكرة، وعده لهم نزهة النَّواظر وتبصير المنتبه وتربية الطَّالب على الخصال التي هي مِنَ الذُّنوب مكفِّرة. ولقد أرانا مفتاحَ كلِّ تلخيص، وأعرب عَنِ المعجم الكبير وحرَّره.
ولمَّا أحكم تصحيح الرَّوضة، أظهر فُروع أفنانها مُزهرة، وشرح مناسك المنهاج، فحجَّ بالمسلمين وهو قاعد، وكلّ ما علَّق الشافعيُّ القول
(1)"قضاة" ساقطة من (أ).
(2)
يعني "مقدمة فتح الباري" المسماة "هدي الساري"، وابن حجة يورد هنا أسماء كثير من مصنفات الحافظ ابن حجر مثل تغليق التعليق، وتهذيب التهذيب، والإصابة، وتبصير المنتبه، وغيرها، بأسلوب أدبي بليغ.