الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن ابن عُمر. والصواب: ابن عباس.
وذكر الحميدي في "الجمع بين الصحيحين" أنَّ الشيخين أخرجاه جميعًا من طريق عبد اللَّه بن عون، عن مجاهد، عن ابن عباس بلفظ:"أمَّا إبراهيم، فانظُروا إلى صاحبكم. وأما موسى فجَعْدٌ آدم على جملٍ أحمرَ". الحديث. قال: ورواه البخاري في أحاديث الأنبياء عن محمد بن كثير، عن إسرائيل، عن عثمان بن المغيرة، عن مجاهد، عن ابن عمر، فذكره، قال: وزاد البرقاني في روايته: فقيل له: فإبراهيم؟ قال: "شيبه صاحبكم". قال: وليست هذه اللفظة عند البخاري فيه، ثم حكى كلامَ أبي مسعود المتقدِّم بمعناه.
ورواية البرقاني التي أشار إليها أخرجها مِنْ طريق أبي أحمد الزُّبيري كما ساقها الإسماعيلي، وقال فيه:"مجاهد عن ابن عباس"، على الصواب.
وإنَّما كتبتُ هذا الحديث هنا لمشابهته للوهم الواقع في الحديث الذي في أوَّل المسألة، لأن أبا صالح لما كان كثيرَ الرِّواية عَنْ أبي هريرة وأبي سعيد جميعًا، سبق القلم مِنْ أحدهما إلى الآخر. إما مِنَ المؤلف، أو ممن بعده.
وكذلك القول في مجاهد، لما أن كان كثير الرِّواية عن ابن عباس وعن ابنِ عمر رضي الله عنهما جميعًا، سبق القلمُ مِنْ أحدهما إلى الآخر، إمَّا مِنَ المؤلف أو ممَّن بعده، واللَّه سبحانه وتعالى الموفق، لا إله إلا هو.
قلت: وكفى بهذين الجوابين دلالة على وُفور باعه في سعة حفظه، ومزيد نقده واطلاعه.
[القول في التفريق بين جنادة بن أبي خالد وجنادة بن أبي أميَّة]
ومن ذلك أن شيخه الحافظ أبا الحسن الهيثمي أورد في كتابه "مجمع الزوائد" حديث أبي الدرداء: "مَنْ مشى في ظُلمة ليلٍ إلى مسجدٍ، آتاه اللَّه نُورًا يومَ القيامة" وعَزَاه للطبراني، وقال: إنَّ في إسناده جُنادة بن أبي خالد، ولم أجد مَنْ تَرْجَمه. فتعقَّبه الحافظ وليُّ الدين العراقي بأنَّ جُنادة إنَّما هو
ابن أبي أُمية. قال: وقد أخرج ابنُ حِبَّان حديثه هذا في "صحيحه"(1).
فقال شيخُنا صاحبُ التَّرجمة ردًا على ابن العراقي: ليس هو جُنادة بن أبي أمية وإن أخرج حديثه ابن حبان، فإن الذي في هذا الحديث من طريق الطبراني يُروى عن مكحول، ويروي عنه زيدُ بن أبي أنيسة. وأما ابنُ أبي أميَّة، فتابعيٌّ كبير. وقد أثبت أكثرُهم صحبته، فيبعُد أن يروي عن مكحول. فالظَّاهرُ أنَّه غيره، ولأنَّ زيدَ بنَ أبي أنيسة لم يلحق ابن أبي أمية، انتهى.
فتعقَّبه ابن العراقي بقوله: والذي أخرج حديثه ابنُ حبان هو عنده أيضًا عَنْ مكحول، والراوي عنه زيدُ بن أبي أنيسة، فهما واحد. ولم يقل أحد: إنَّ جنادة بن أبي أمية اثنان، لكن ابن حبان قال لما أخرجه: هكذا حدثنا أبو عروبة، فقال: جنادةُ بن أبي أمية، وإنما هو جنادةُ بن أبي خالد، وجنادةُ بن أبي أمية مِنَ التَّابعين، أقدم مِنْ مكحول، وجنادةُ بن أبي خالد مِنْ أتباع التابعين، وهما شاميَّان ثِقَتان. انتهى كلام ابن حبان.
فتعقَّبه صاحبُ التَّرجمة أيضًا بقوله: قلت: فترجَّحت حينئذٍ راوية الطبراني، وصحَّ أنَّ الحديثَ عن جُنادة بن أبي خالد، لا عن جُنادة بن أبي أُمية، وظهر أنَّهما اثنان. وأما قوله (2): لم يقل أحدٌ: إنَّ جنادة بن أبي أمية اثنان، فهو حَصْر مردُود. فقد جزم غير واحد أنَّ جنادة بن أبي أُمية اثنان، وقد أوضحت ذلك في "كتابي في الصحابة"(3) وباللَّه التوفيق.
قلت: ووقع له نظيرُ هذا مع القاضي عَلَم الدين البُلْقيني في مسألة فقهية في الطلاق، أفتى أحدهما فيها، وتعقَّبه الآخرُ بحيث ترددت (4) إدارتها بينهما، لا نطيل بإيرادها.
(1) برقم 2046.
(2)
في (أ): "قولهم"، خطأ.
(3)
انظر "الإصابة" 1/ 256 - 257.
(4)
في (ب، ح): تكررت.