الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مثلَه، ولا رأى هو مثل نفسه. جَدَّ في طلب العلوم، وبلغ الغاية القُصوى في سرعة الكتابة، والكشف والقراءة.
إلى أن قال: وكان مِمَّن حمل نعشه السُّلطانُ فمنَ دُونَه مِنَ الرُّؤساء والعلماء، ولم يخلُف بعدَه مثلَه في الحفظ، رحمه اللَّه تعالى رحمةً واسعة، وغفر له مغفرةً جامعة.
ثم ذكر مرثيَّة الشِّهاب الحجازي له بعد موته، وهي حسنةٌ، كما ستأتي مع غيرها في الباب المعقود لذلك، إن شاء اللَّه تعالى.
وقال في كتابه "نهاية التقريب وتكميل التهذيب بالتذهيب": الإمام العلامة، جَمَالُ الحفَّاظ، مفَخر الزمان، وذكر أكثر ما تقدم.
إلى أن قال: وله الخُلُق الرَّضيُّ. وسرعة الكتابة، والكشفُ والقراءة. قرأ "صحيح مسلم" في نحو يومين ونصف. و"النسائي الكبير" في عشرة مجالس، كل مجلس منها نحو أربع ساعات.
إلى أن قال: وجمع المجاميع، واختصر وانتقى، وانتفع به كثيرٌ مِنَ الشُّيوخ والأقران. وتخرج به كثيرٌ مِنَ الطلبة، فاللَّه يبقيه في خير وعافية، ويزيده عُلُوًّا.
[تقي الدين القلقشندي]
ومنهم (1) الشيخ تقي الدين القلقشندي.
فقرأت في تراجم ألفيتها بخطه ما نصه:
(1) هناك اختلاف في ترتيب هذه الفقرة والفقرات التي تليها حتى ص 331 بين النسخة (أ) والنسختين (ب، ط)، وكذا وردت في (ح)، إلا أن المصنف كتب بخطه هنا: يتلوه في مقلوب الورقة الي تلي هذه: ومنهم الشيخ تقي الدين القلقشندي، وكذا أشار المصنف إلى تغيير أماكن كثيرة مما هو مدون على النسخة المقروءة عليه، وأثبتنا ما في (أ)، وهي موافقة لما أعاد ترتيبه المصنف في (ح).
قاضي القضاة، شيخ الإسلام، حامل لواء سنة سيد الأنام (1)، حافظ العصر، علامة الدهر، بليغُ زمانه، واحدٌ أوانه، حُجَّةُ اللَّه على العباد، مُذِلُّ ذوي الباطل والعناد، بقية المجتهدين، محطُّ رحالِ القاصدين، عَلَمُ المسلمين، محيي سُنَّة سيد المرسلين، بغية الطالبين، وليُّ اللَّه، شيخنا وشيخُ شيوخنا، أمتعَنَا اللَّه بطُول حياته، وأعادَ علينا وعلي جميع المسلمين مِنْ بركاته، ولا أخلى الوجودَ مِنْ وجوده. وأفاض عليه سوابغ إنعامه وجوده، آمين.
ثم قال: وأقسم باللَّه إنَّ مصرَ لم تُخرج نظيره، ولو شئتُ لقلت: ولا وَرَدَ، مع علمي بأن الجمَّ الغفيرَ مِنَ الأئمة النُّقَّاد وردوها. انتهى.
وآخر كلامه أخذه عن مفيده تغري برمش الفقيه.
ومنهم الجمال يوسف (2) ابن الأمير (3) تغْرِي بَرْدي، أحد المعتنين بالحوادث. فقرأت بخطِّي فيما لخصته من "تاريخه" الذي ذيَّلَ به على "السلوك" للمقريزي، ورأيته بخطه، وفي ظنِّي أنني تصرَّفت في التقديم والتأخير ونحو ذلك:
كان إمامًا عالمًا، حافظًا، شاعرًا، أديبًا، مصنِّفًا، مليحَ الشَّكل، منوَّرَ الشَّيبةِ، حُلْوَ المحاضرة إلى الغاية والنِّهاية، عَذْبَ المذاكرة، مع وقار وأُبَّهةٍ، وعقلٍ وسكون، وحلمٍ وسياسةٍ، ودُرْبَةٍ بالأحكام، ومداراةٍ للنَّاس. قلَّ أن يُخاطِبَ أحدًا بما يكره، بل كان يُحسن لمن أساء إليه، ويتجاوَزُ عَنْ مَنْ قدَرَ عليه، مع الصوم والعبادة والبِرِّ والصدقات. وهو أوحدُ مَنْ لقيناه، ولم يكن فيه ما يُعاب إلا تقريبه لولده مع جهله وسوء سيرته. وما عساه كان يفعل معه، إذ لم يكن له غيره، واللَّه تعالى يصلحه.
إلى أن قال: وصُلِّيَ عليه بالمؤمني بحضور السلطان، وكان يومًا
(1) في (أ): "سيد المرسلين".
(2)
في (ب): "سيدي يوسف".
(3)
"الأمير" ساقطة من (أ).