الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيه هذا الحديث أيضًا. ومع تفرُّد داود بن الزبرقان به، فقد رُوِيَ عنه عن غير محمد بن جحادة، رويناه في الجزء التاسع من "البشرانيات"، قال: أخبرنا ابن نافع، حدثنا موسى بن هارون، حدثنا مُحْرِز بنُ عون، حدَّثنا داود بن الزبرقان، عن أبي الأشهب، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد رضي الله عنه، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا تسبُّوا أصحابي". الحديث. قال أبو الفتح بن أبي الفوارس: غريبٌ من حديث أبي الأشهب، صحيح مِنْ حديث أبي سعيد.
فصل
وأما طريق زائدة التي ذكرها الدَّارقطنيُّ، فرواها أبو عبد الرحمن النَّسائي في "السنن الكبرى" له، عن حفص بن عُمر، عن حسين بن علي، ورواها أبو بكر الرُّوياني في "مسنده" عن أبي كريب، ورواها أبو بكر البزَّار في "مسنده": حدثنا أبو كُريب ويوسُف بن مُوسى، قالا: حدَّثنا حُسين بن علي -هو الجُعفي- عن زائدة -هو ابن قُدامة- عن عاصم -هو ابن أبي النَّجُود- عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: كان بين خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما بعضٌ ما يكونُ بين النَّاس، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم "دعوا لي أصحابي، فإن أحدكم لو أنفق مثلَ أُحُدٍ ذهبًا، لم يبلُغ مُدَّ أحدهم ولا نَصِيفَه". قال البزارُ: لم يروه عَنْ عاصم إلا زائدةُ، تفرَّد به حسين.
قلت: وكذا رويناه عاليًا في "جزء محمد بن عاصم الثَّقفي"، حدثنا حُسين الجعفي مثلَه سواء. ومن طريقه رواه أبو القاسم بن عساكر في "تاريخه" في ترجمة عبد الرحمن بن عوف، وقال: المحفوظ حديثُ أبي صالح عن أبي سعيد. انتهى.
ورواه ابن عساكر أيضًا من طريق محمد بن يحيى بن الضَّريس، عن حُسين بن علي، عن زائدة -أظنه عن الأعمش- عن عاصم، عن أبي صالح
عن أبي هريرة. وقوله: أظنُّه عن الأعمش، زيادة لا حاجة إليها، وهي وَهْمٌ (1) ممن رواها.
وأما حُكم الدارقطنيِّ وغيره بصحَّة حديث أبي صالح عن أبي سعيد، لا عن أبي هريرة، فإنّه صَدَرَ بالنِّسبة إلى التَّرجيح بين عاصمٍ والأعمش، فإنَّ الأعمش أحفظُ مِنْ عاصم وأتقن، كما تقدم.
وكأن الدارقطنيَّ لم يقف على رواية زيد بن أسلم التي ذكرها البزَّار، أو وقف عليها ولم يعتدَّ بها، لضعف إسنادها. وقد حصل هنا خلافان:
أحدهما: اختلاف الأعمش وعاصم. والأعمش أحفظُ منْ عاصمٍ، فروايتُه مقدَّمةٌ.
والثاني: خلافُ أصحاب الأعمش عليه. وقد قدَّمنا أنَّ الأكثر روَوْهُ عنه، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، فما عدا ذلك يكون شاذًا، واللَّه أعلم.
وقد اتَّفق النُّقَّادُ على توهيم (2) ما وقع في "صحيح مسلم" مِنْ أنَّه عن أبي هريرة، فتقدم حكاية ذلك عن الدارقطني وأبي مسعود الدمشقي، وكذا رأيته في "علل الأحاديث التي في صحيح مسلم" لأبي الفضل بن عمار الشهيد. واللَّه أعلم.
وقد ذكر الخطيب هذا الحديث في بعض تخاريجه من طريق محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، عن أبي عوانة كما مرَّ، وقال في الكلام عليه: خالفه عفَّان بن مسلم ويحيى بن حماد، عن أبي عوانة، فقالا: عن أبي هريرة، وخالفهما مُسدَّد وأبو كامل الجحدريُّ وشيبانُ بن فرُّوخ عن أبي عوانة، فقالوا: عن أبي هريرة أو أبي سعيد على الشَّكِّ. وكذا قال نصر بن علي، عن عبد اللَّه بن داود الخُرَيْبي عن الأعمش، ورواه مسدَّد عن الخُرَيْبي، فقال: عن أبي سعيد وحده مِنْ غير شكٍّ، ورواه زيدُ بنُ أبي أُنيسة عَنِ الأعمش، فقال: عن أبي هريرة. وكذا قال
(1)"وهم" ساقطة من (أ).
(2)
في (ب، ح): "توهم".