الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذا قيل: مَنْ بحرُ الحديث وأهلُهُ
…
يجيب ذوو الألباب بالحَبْر أحمدَا
إليه تَناهَى علمُ وحيٍ منزَّلٍ
…
على المصطفى للعلمِ أضحى مؤيَّدَا
وجمع بالتَّصنيف أسبابَ علمه
…
وأظهرَ ما لولاه قد كان خامدَا
فأسدى بها للفكر أجلى (1) نخبة
…
حَوَتْ حُسْنَ لفظٍ بانَ عِقْدًا منضَّدَا
ووطَّا طريقَ العلمِ حتَّى ترفَّعت
…
دُروسٌ له شرقًا وغربًا مُشاهدَا
فديتُك نفسي إذْ جَمَعْتَ مناقبًا
…
بمشيك في نهجٍ حميدٍ لأحمدَا
فيا ربِّ بَوِّئْهُ وزِدْهُ معاليًا
…
وَهَيِّىء له فَوْزًا لعَرضٍ مخلَّدَا
[برهان الدِّين البقاعي]
ومنهم: [الشيخ أبو الحسن](2) إبراهيم بن عمر البقاعي صاحب السُّؤال المنظوم الآتي في الباب السادس. والمرثية المذكورة في بابها. وله فيه أيضًا مدائحُ كثيرةٌ، منها ما أُنشد يوم ختم "فتح الباري" بالتاج، فقال:
إنْ كنتَ لا تصبو لوصف عِذاري
…
دع عنك تهيامي وخلع عِذَاري
إن الغرام له رجالٌ دينُهم
…
تلَفُ النفوس على هوى الأقمارِ
خاضوا بِحَارَ العشق وقتَ هيَاجِهَا
…
إذ موجُها كالجَحْفَل الجرَّارِ
فاستوسقوا دُررًا تَجِلُّ نعُوتُها
…
صاروا بها في العاشقين دَرَارِي
للَّه أيامُ الوصالِ وطيبُها
…
لو لم تَكُنْ ككواكبِ الأسْحارِ
ليلاتِ أرتشفُ الرحيقَ مِنَ الثُّغو
…
ر فأنتشي مِنْ دون شُرب عقارٍ
وأُدير في رَوْضِ الوُجوه مَحَاجِري
…
عجبًا فيُغْنيني عَن الأنوارِ
بأبي الخدودُ نواضرًا حسناتُها
…
كنواظرِ الغزلان في الدِّينارِ
قَصدَتْ يَكونُ المسكُ حُسْنَ ختامها
…
فتعلَّمت مِنْ خَتْمِ "فتح الباري"
(1) في (ب): "أجمل".
(2)
ما بين حاصرتين لم يرد في (أ) وحذفت من "ح".
شرحُ البخاريِّ الذي في ضِمْنه
…
نُظِمَتْ علومُ الشرع مثلَ بحارِ
في كل طِرسٍ منه روضٌ مُزهرٌ
…
وبكلِّ سَطْرٍ منه نهرٌ جارِي
قد حُرِّرت فيه مباحثُ مَنْ مضى
…
وكلامُهم أضحى بغير غُبارِ
وبه زوائدُ مِنْ فوائدَ جمَّةٍ
…
وفرائدٌ أعيت على النُّظارِ
شَرَحَ الحديثَ به فكم مِنْ مُشكلٍ
…
فيه انجلَى للعينِ بالآثارِ
يأتي إلى طرقِ الحديث يضُمُّها
…
فإذا العِيَان مصدِّقُ الإخبارِ
سارت به لمشارقٍ ومغاربٍ
…
نُسَخٌ غَدَت تُتْلَى على الأخيارِ
وتَزَاحَمَتْ -أفديه- في تحصيله
…
زُمَرُ الملوكِ فَسَلْ مِنَ السُّفَّارِ
مِنْ فيض أحمد نَبْعُه وله مُنَا
…
سَبةٌ به ابتسمت لذي الأفكارِ
إن قلتَ نهرٌ فهو للحَجَر انتمى (1)
…
ومِنَ الحجارةِ مَنبعُ الأنهارِ
أو قلتَ بحر فعسقلانُ أصلُه
…
والناسُ عالةُ بحرِها الزَّخارِ
يا شيخَ الإسلام الجليلُ مقامُهُ
…
فالغَيرُ لا يدنُو مِنَ الآثارِ
كم قد رحلتَ وقد جمعتَ مصنَّفا
…
فالدِّينَ قد أحييت بالأسفارِ
وسكنتَ في العليا تُقَى وفضائلًا
…
أنتَ الشِّهابُ بك اهتداءُ السَّاري
رحَلَتْ إليك الطالبون ليقتدوا
…
وتتابعوا سُبقًا مِنَ الأقطارِ
وتراكضوا خيلَ الشبيبة (2) حين لم
…
توكس بوهْنٍ أو بوصف عَوارِي
فارقْتُ في أرضِ (3) البقع عشائري
…
أطوي إليك فيافيًا وصحارِي
فارقتُ منهم كلَّ أروعَ ماجدٍ
…
حامي الذِّمارِ بسيفه والجارِ
فمصنَّفاتُك سهَّلت وتنزَّهت
…
مِنْ طاعنٍ يرجو قذًى أو عارِ
(1) في (ب، ط): "انتهى".
(2)
في (ط): "الشهابة"، وكذا هي في "مختصر الجواهر" للسفيري.
(3)
"في أرض" ساقطة من (أ).
تربو على مائة ونصفٍ أُودِعَت
…
دُررًا تضيءُ اللَّيلَ وقت سَرارِ
وتضوعُ بالمسك الذَّكيِّ لناشقٍ
…
حُسنًا فتخجل إذ تضوع دَرَاري
ماذا أقولُ، فلو أطلت مدائحي
…
وجعلتُ أهلَ الأرضِ مِنْ أنصاري
لم تبلغ المقصودَ مِنَ أوصافكم
…
كلَّا ولم تقرب مِنَ المعشار
فاسْلم على كرِّ الليالي راقيًا
…
رُتَب العُلا تَهْنَا بفتح البارِي
ومنها ما امتدحه به لمَّا سافر مع الأشرف برسباي إلى آمِد، فقال:
ما كان ضرَّ أحبَّتي لو واصلُوا
…
ما بالُهم قصدُوا الرَّحيلَ وعاجَلُوا
ماذا عليهم لو أقاموا عندَنا
…
فلقد أضَرَّ بنا الرَّحيلُ الحاصلُ
يا ليت شعري كيف أضحَوْا بَعْدنا
…
في حبِّهم؛ هل ثابتٌ أو زائلُ
أحبابَنَا أرَضِيتُمُ تَفْرِيقنا
…
أو كان منكم زلَّةٌ فنحاللُ
أنسيتُم ذاك الزَّمان وبيننا
…
تلك المُنادمة التي تُتَناولُ
سرٌ مصونٌ في حديثٍ طيِّبٍ
…
في كلِّ شيءٍ نصطفيه واصلُ
أيامَ لا نخشى الرَّقيبَ وشملُنا
…
متجمِّعٌ والدَّهرُ عنا غافلُ
أيامُنا أصْفَتْ لنا كاساتِها
…
وصروفُها عن ربعنا تَثَّاقَلُ (1)
هاتيكَ أوقاتُ الصَّبابة والصِّبا
…
فعلى حِمَاها يُستهلُّ الهاطلُ
أوقاتُنا محفوفةٌ بجمالِكم
…
واليومَ هذا الرَّبعُ منكم عاطلُ
تلك اللَّيالي لا لياليَ ذكركُمْ
…
أمْرَ الفراقِ وحينَ أزمعَ راحلُ
يا ليتهم ذكروا لنا لرحيلهم
…
سببًا فيبقى أو يطيحُ الباطلُ
يا ليتهم وقْتَ الفراق تقلَّدوا
…
عهدَ الوِداد ليطمئنَّ الوَاجلُ
يا ليتهم إذ جدَّ جِدُّ رحيلهم
…
وقفوا زمانًا يستقيلُ القائلُ
يا ليتهم والبعدُ مِنْ عاداتهم
…
أسِفُوا لنا إذ فاتَ دمعٌ سائلُ
(1) في "المختصر": "تتثاقل"، وفي (أ):"تتأفّل".