الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك مِنَ الشَّكل إلا الراء، فإنَّها حينئذٍ تبقى مفتوحةً، وهي في "التاريخ" مكسورة. والخَطْبُ فيه سهلٌ. والذي يظهر لي أنَّ النَّاظمَ إنما طلب "نارِنج" بنونين وجيم. وحينئذٍ، فلا نِزَاعَ في اشتراط التَّصحيف والقلب معًا. انتهى.
[تعقبه على ابن جماعة]
ومنه أنَّ الصَّفدِيَّ قال في الجزء الثامن من "تذكرته": قال محمد بن زكريا الرازي:
لعمري ما أدري وقد آذَن البِلَى
…
بعاجلِ ترحالِي إلى أين ترحالي
وأين محلُّ الرُّوح بعد خُروجِه
…
مِنَ الجسد المنحلِّ والهيكل البالي
قال: فأجبتُه:
إلى جنة المأوى إذا كُنتَ خَيِّرًا
…
تُخَلِّد فيها ناعمَ الجسم والبالِ
وإن كُنتَ شرِّيرًا ولم تَلْقَ رَحْمَةً
…
مِنَ اللَّه فالنِّيرانُ أنت بها صالِ
فكتب البرهانُ ابن جماعة بالهامش ما نصه: هذا الجوابُ خطأٌ. ومقصودُ ابن زكريا مَعْرفةُ مقرِّها في البرزخ. فهو محلُ الخلافِ المشهور، وليس مقصوده السُّؤال عن مآلها، فإنَّ القرآن العظيم مشحونٌ بذلك، وما أقبحَ بالرَّجل أن يتعاطى ما لا علم له به، يريد أن يعلُوَ فيهبِطَ.
فكتب شيخنا ما نصه: وعندي أنَّه ظلم الصَّفديَّ بهذا الاعتراض. فإنَّ كلًّا مِنَ الاحتمالين موجّهٌ، نعم تحسين الظَّنِ بالمسلم يقتضي الجوابَ الثاني، وأما عَنْ لا يؤمن بالقرآن، فلا يُنكر منه أن يأتي بالسُّؤال الذي يقتضيه الجواب الأول. انتهى.
والظاهر أنَّ مقصودَ ابن زكريا أن يعرف: هل هو مِنْ أهل الجنة أو من أهل النار، وبيتاه يدلَّان على خوفه مِنْ سوء الخاتمة أعاذنا اللَّه منها بفضله.
[كمال الظَّرف]
ومنه، وقد رأى قول أبي بكر بن مجاهد: مَنْ قرأ بقراءة أبي عمرو،
وتفقَّه للشافعي، واتَّجر بالبَرِّ، وروى شعر ابن المعتز، فقد استكمل الظَّرْفَ.
فقال ما نصه: وروى الحُميديُّ عن أبي محمد بن حزم الحافظ أنه قال: مَنْ تَمَذْهَبَ للشافعي، وقرأ لأبي عمرو، وتخَتَّم بالعقيق، وروى قصيدة ابن زُريق، فقدِ استكملَ الظَّرْفَ.
قال: فاشتركا في ذكر القراءة والمذهب. وَلَا افْتِرَاق بين التِّجارة بالبَزِّ والتَخَتُّم بالعقيق، بل يمكنُ الجمعُ بينهما. وأمَّا الشِّعر، فالأولى ما قاله ابنُ مجاهد، وقصيدةُ ابن زُريق عندي، وأين هي مِنْ نَفَسِ ابنِ المعتز.
قلت: وكان بعض الفُضلاء يقول: لو رأى ابنُ حزم قصيدَةَ ابن زيدون النُّونية، يعني التي أودعتها في مصنفي "ارتياح الأكباد" وأولها:
أضْحى التَّنائي بديلًا مِنْ تدانينا
…
وناب عَنْ طيبِ لُقيانَا تَجافينا
لعدل عَنْ قصيدة ابن زريق إليها، لكنه -يقال-: إنه ما حفظها أحدٌ إلا وفُجِعَ ببعضِ أحبابه.
وابنُ زُريق: هو أبو الحسن علي البغدادي الكاتب، وروينا قصيدته المشار إليها عن أبي هريرة القِبَابي (1)، عن أبي عبد اللَّه بن الخباز، أخبرنا الفخر أبو الحسن بن البخاري، وأبو العباس أحمد بن شيبان، وأم أحمد زينب ابنة مكي، أظنُّه إذنًا، كلُّهم عن أبي حفص بن طَبرْزَد سماعًا، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن نبهان الغنوي، أنشدنا أبو عبد اللَّه محمد بن نصر الحُميدي، أنشدنا أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل النَّحوي الواسطي -[عُرف بابن بِشران- بواسط، أنشدني](2) الأمير أبو الهيجاء محمد بن عمران بن شاهين، أنشدني الأديب أبو الحسن لنفسه فذكرها، وأولها:
(1) في (أ): "القباني" بالنون، وهو تصحيف. وأبو هريرة هذا هو عبد الرحمن بن عمر بن عبد الرحمن الحموي الأصل ثم المقدسي، والقبابي نسبة لقباب حماة.
(2)
ما بين حاصرتين ساقط من (أ).