الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[نجم الدين بن فهد]
ومنهم: محدِّث الحجاز، ومفيد الدنيا. نجم الدين عمر بن فهد الهاشمي، ولد الماضي، رحمه الله وإيانا (1).
فقرأت بخطه في "معجمه"(2):
الإمام العلامة علم الأعلام، عمدة المحققين، حافظ السنة بركة هذه الأمة، خاتمة الحُفَّاظ، ناقد الأسانيد والألفاظ، عين الأعيان، مفخرة الزمات من لم ترَ العيونُ كنظيره، قاضي القضاة شهاب الدين.
إلى أن قال: وكان رحمه الله فريدَ عصره، ونسيجًا وحده، وإمامَ وقته. انتهى إليه علمُ الأثرِ والمعرفةُ بالعللِ، وأسماء الرجال، وأحوالِ الرواة، والجرحِ والتعديلِ، والناسخ والمنسوخ، والمشكلات. تُشَدُّ إليه الرِّحال في معرفة ذلك. محققًا فصيحًا، شديدَ الذَّكاء المُفْرط، حسنَ التَّعبير، لطيف المحاضرة، حسنَ الأخلاق، متينَ الدِّيانة، عديم النَّظير، وعليه مِنَ الجلالة ما يليق به، وما لأحدٍ بعدَه إلى درجته وصول، ولسان الحال يقول:
هيهات أن يأتي الزَّمانُ بمثله
…
إنَّ الزَّمان بمثله لبخيلُ
ونحوه:
عَقِمَ النِّساء فما يلِدْنَ شبيهَه
…
إنَّ النِّساء بمثله عقمُ (3)
وفضله أشهر مِنْ أن يُوصَفَ، وشعره أرق مِنَ النَّسيم، وقد سارت بفضائله وعلومه الرُّكبان، ورُحِلَ إليه مِنْ أقطار البُلدان، ومحاسنُه كثيرة، وهو أكبر مِنْ أن يُنَبِّه على سيرته مثلي. فلو حلفتُ بين الرُّكن والمقام،
(1) في (ب، ط، ح): "نفع اللَّه به".
(2)
ص 70 - 78.
(3)
في (ط): "العقيم".
وحُلِّفتُ: أني ما رأيتُ بعيني مثله، [ولم تر عينٌ](1) من رآه مثله. ولا رأت عينُه مثل نفسه، لبَرَرْت. وما أجدرَهُ بقولِ الإمام الشافعي رضي الله عنه:
قل لمن لم تر عينا
…
مَنْ رآه (2) مثله
ومن كأنَّ من رآ
…
هُ قد رأى من قبلَهُ
وقد أنشدني شيخنا القطب أبو الخير محمد بن عبد القوي المكي لنفسه فيه قوله:
أسْتَصْغِرُ النَّاس عند رؤيته
…
لأنه لم ير له مَثَلا
إلى أن قال: وكثُرَ الأسفُ عليه، لوفُور محاسنه، وكان موتُه مصيبةً يا لها من مصيبة عمَّت الأنام، وهدمت رُكن الإسلام، وأصمَّت المسامع، وأجرت المدامع، وإنها واللَّه لَمِنْ أعظم الفجائع، وأطَمِّ الوقائع، [فلقد انتقض السُّؤددُ بمصابه، وانثلم المذهب بذهابه](3). كان للإسلام والمسلمين سندًا، وللدين في هذا الوقت عَضُدًا، ولم يخلف في معناه مثله، ولقد كان للدنيا بوجوده الجمال والبهجة والفخر، وللناس به أُنْسٌ، ولهم منه فوائدُ جمَّة. ولا أعلم في المشرق والمغرب مَنْ كان يفهم هذا الشأن مثله، فلا حول ولا قوة إلا باللَّه العلي العظيم، وإنا للَّه وإنا إليه راجعون، ورحمه اللَّه ورضي عنه.
قلت: وهو المحرِّك لي لتبييض هذه الترجمة، فجزاه اللَّه خيرًا، وحلف لي مجتهدًا، أنه كان يودُّ لو عاش ويموت هو. قال: لأن موتي موتُ شخص واحدٍ. وصاحب الترجمة يموت به علم السُّنَّة. [وقد قال قائل:
لَعمرُكَ ما الرَّزِيَّة هدمُ دارِ
…
ولا فرسٌ يموتُ ولا بعيرُ
(1) ما بين حاصرتين لم يرد في (أ) ولا في "معجم ابن فهد".
(2)
في "معجم ابن فهد": رأى.
(3)
ما بين حاصرتين لم يرد في "معجم ابن فهد".