الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأسْعِدْ مُجيزًا كلَّ قارىء "نخبة"
…
بمدحك يرجو أن يفُوز ويَسعدَا
فلا زال ركبُ المدحِ (1) مِنْ كلِّ وُجْهَةٍ
…
يؤمُّكَ حاديه ويقطع فَدْفَدَا (2)
فَعِشْ لوفودٍ سِيْقَ نحوك عِيسُهم
…
إذا زمزم الحادي بذكْرِكَ أو حَدَا
وقال أيضًا:
يا حبَّذَا "النُّخبة" مِنْ دُرَّهْ
…
فريدة مشرقة رطبهْ
غاص لها الفكر ببحر النُّهى
…
وارتاض فيه فاصطفى النخبهْ
[الشهاب ابن صالح]
ومنهم العلامة البارع المفتَّن النَّادرة، الشهاب أحمد بن محمَّد بن صالح الإشليمي، نُخْبَةُ أقرانه. له في صاحب الترجمة الكثير، لكن لم أجد عندي إلا ما كتب لي بخطه مدحًا فيَّ، وسمعتُه مِنْ لفظه ما نصه:
فكأنني (3) عنيتُه بقولي في شيخه، شيخِ الحديث قديمًا. إذ نثرت عليه عِقْدَ مدحي نظيمًا.
وقد حفظَ اللَّهُ الحديثَ بحفظه
…
فلا ضائعٌ إلا شَذَى منه طيِّبُ
وما زال يملا الطِّرْس مِنْ بحرِ صدرِه
…
لآلىء إذ يُملي علينا ونكتُبُ
ثم ظفَرْتُ بهما في قصيدة طويلة طنَّانة، امتدح بها المذكورُ صاحبَ التَّرجمة، وهي هذه:
لواحظُه تَجْنِي وقَلبي لي يُعذِّبُ
…
ولا سَلْوَتي عنه ولا الصبرُ يَعْذُبُ (4)
(1) في (أ): "الوجه".
(2)
في (ب): "فرقدا".
(3)
أورد المصنف هذه العبارة والبيتين بعدها في ترجمة ابن صالح من الضوء اللامع 2/ 115، وألمح إلى المنظومة التي أوردها هنا.
(4)
في (ب): "معذب"
غزالٌ بجفنيه من السُّقم كِسرةٌ (1)
…
على أخذ أرواح البريَّة يُنصبُ
غريرٌ كحيلُ الطَّرفِ أسمرُ أحورٌ
…
أغنُّ رخيم الدَّلِّ ألعسُ أشنبُ
إذا ما بدا أو مَاسَ أو صَالَ أو رَنَا
…
فبدرٌ وخطيٌّ وليثٌ ورَبْرَبُ
خُذوا حِذْركم إن صَال كاسرُ جفنِه
…
فكم صادَ قلبي منه بالهُدْبِ مِخلَبُ
هو الشَّمسُ بُعْدًا في المكان وبهجةً
…
ولكنَّه عن ناظريّ (2) محجَّبُ
تعشَّقتُه حُلْوَ الشَّمائل أغيدًا
…
يكاد بألحاظِ المحبِّين يُشربُ
وأسكنتُه عيني التي الدَّمعُ مِلُؤها
…
وهيهات يُرضيه خِباها المُطَنَّبُ
عجِبتُ لماء الحُسْنِ فاضَ بخدّه
…
على أنَّ فيه جَمْرةَ تتلهبُ
وأعجبُ مِنْ ذا أنَّ نبت عِذَارِه
…
بأحمرَ ذاك الجمرِ أخضرُ مخضبُ (3)
لئن كان منه الوجهُ أصبح روضةً
…
ففيه رأيتُ الحُسْنَ وهو مهذَّبُ
وإن كنتَ يا قلبي سعيدًا بحبِّه
…
فإنَّ عَذُولي في هواهُ المسَيبَّ
وإن طاب في وصف الغزال تَغَزُّلِي
…
فإنَّ ثَنَا قاضي القضاة لأطيبُ
هو المشتري بالجود بيتًا مِنَ العُلا
…
بِبَيْتِ السُّها ساهٍ له يتعجبُ
شهابٌ رَقا العلْيا بِصِدْقِ عزائم
…
فلا مطلبٌ عنه مِنَ الفخر يُجحبُ
وحاز سهامَ الفضل مِنْ حيثُ قد غدا
…
قديمًا إلى أعلى كِنَانَةَ يُنسبُ
أبو الفضل لا ينفكُّ بالفضل مُغرمًا
…
ولا عجبٌ أن يفتتِن بابْنِه الأبُ
بنو حَجَرٍ بيتٌ عليٌّ وأحمدٌ
…
له كعبةٌ حجُّوا لها وتقرَّبُوا
لأعْجَبُ ممَّا يحمَدُ النَّاسُ فعلَه
…
ولكن وفاق الإسم والفعلُ أعجبُ
(1) في (أ): "سكرة"، تحريف.
(2)
في (ب): "ناظريه"، وكذا في المختصر للسفيري، وفي نظم العقيان للسيوطي ص 60، حيث أورد هذه القصيدة.
(3)
في (ب، ط): "مخصب".
تحلَّت به الأيامُ فانظر تر الضُّحى
…
يُفَضِّض منها والأصيل يذهِّبُ
له راحة لو جارت الغَيثَ في النَّدى
…
تقطَّر في آثارها وهو متعَبُ
ألم تر أنَّ السُّحْبَ أمست من الحيا
…
إذا ما بدا منه النَّدى يتسحَّبُ
يُجَلِّي دياجيرَ الخُطُوبِ يراعُهُ
…
فلله منه في دُجى الخطب كوكبُ
ويُشْرِق ما بين الأنام كأنَّه
…
سنا بارقٍ من خلفه الغيثُ يُسكبُ
يدير طِلا الإنشاء صِرْفًا فنتشي
…
ويُسمِعُنا شَدْوَ الصَّريفِ فنطرَبُ
تجاسر عودُ اللَّهْوِ يحكي صريفَه
…
فمِنْ أجلِ هذا أصبح العودُ يُضْرَب
له اللَّه مِنْ عالي السَّجِيَّة عذبها
…
كما انهلَّ من صَوْبِ الغمائم صَيِّبُ
تجانس مَربَاهُ البديعُ ولفظُه
…
فيا حبِّذا في الحالتين التأدبُ
طباعٌ مِنَ الصَّهْبا أرقُ ومنطِقٌ
…
إلى الصَّبِّ مِنْ ريقِ الحبائب أعذبُ
روى عَنْ سجاياه السَّخِيَّات سهلُها
…
وعن سطواتِ البأس حدَّثَ مصعَبُ
لِيَهْنَ الإمامُ الشافعيُّ بأحمدٍ
…
فَتًى مَا لَهُ إلا الفضائل مذهبُ
إمامٌ لأشْتَاتِ البلاغةِ جامعٌ
…
يقاس بقُسٍّ حين يَرْقى ويخطُبُ
فقيهٌ إذا رام الكفايةَ طالبٌ
…
يفيضُ عليه مِنْ عطاياه مطلبُ
وقد حفِظَ اللَّه الحديثَ بحفظه
…
فلا ضائعٌ إلا شذًى مِنْهُ طيِّبُ
وما زال يَمْلَا الطِّرْسَ مِنْ بحر صدره
…
لآلىء إذا يُملي علينا ونكتُبُ
وأظهر في "شرح الصحيح" غرائبًا
…
يُشَرِّقُ طورًا ذكرُها ويُغَرِّبُ
وبارئُه بالفتح منه أمدَّه
…
ونال بحسن الختم ما كان يطلبُ
وكم فيه مِنْ بابٍ يدلُّك أنَّه
…
لسُبْل الهدى بابٌ صحيحٌ مجرَّبُ
ولم أنسَ إذ بالتَّاج والقرطُ تجتلي
…
عرائسُه والحُسْنُ لا يتحجَّبُ
وأجمعَ مَنْ فوقَ البسيطة أنه
…
إمامٌ وجهلُ الحاسدين مركَّبُ
أسيدَنا قاضي القضاة ومَنْ به
…
تُهنَّى ولاياتٌ ويُغبط منصِبُ
ويا واحدًا قد زان علياه أربَعٌ
…
تُقى وعلومٌ واحتشامٌ ومَنْسِبُ
تولَّيتَها بالعلم لا الجاهِ رتبةً
…
غدت بك تزهى مِنْ فَخَارٍ وتَعجَبُ
وفي رجَبٍ وافت إليك فآذنَت
…
بأنَّك فردٌ في البرايا مُرَجِّبُ
ومُذ كنتَ أكْفى النَّاس قاطبةً لها
…
أتت بابَك العالي لمجدِكَ تخطُبُ
وقد صَدقَتْ رأي الإِمام فأقبلت
…
تضمُّك عنه نحوَه وتُرَحِّبُ
لعمري ولو يحيا ابنُ إدريسَ بُرْهَةً
…
بدت رؤيةُ الرُّؤيا التي لا تُكذَّبُ
فأنت بما وُلِّيت أولى وأنت بالمعا
…
رفِ والمعروفِ أدرى وأدرَبُ
وكلُّ غمامٍ غيرُ فضلك مُقْلِعٌ
…
وكلُّ وميضٍ غيرُ برقِكَ خُلَّبُ
نعم وعلى نُعماك نعقد خِنْصَرًا
…
ونبسُطُ في القصد المساعي ونرغَبُ
ونبغي بمغناك الغِنَى فلأجل ذا
…
ترانا بموصولِ النَّسِيبِ نُشَبِّبُ
فخذ مِنْ ثنائي كالكؤوس محبَّبًا
…
وكأسُ الثَّنا عندَ الكرامِ مُحبَّبُ
بجودك سِعرُ الشِّعرِ في النَّاس قد غَلا
…
إلى أن غدت أوزانُه تتسبَّبُ
وليس يساوي قدرَكَ العالي الثَّنَا
…
وإن أوجزَ المدَّاح فيه وأطنَبُوا
وإنَّا لنرجوا العفوَ منك لهفوِنا
…
فما زلت تعفُو حين نهفُوا ونُذنِبُ
بقيتَ شهابًا في سما الفضلِ طالعًا
…
وبدرُكَ وضَّاحُ السَّنَا ليس يَغْرُبُ
وعشت لمجدٍ يستجدٌّ بناؤُه
…
وحسن ثناءٍ عَنْ معاليك يُعْرِبُ
ورأيت بخطه فيما أرسله لصاحب الترجمة، وأنشدنيه متكلِّفًا:
مولاي قاضي القضاة انظر لعبدك مِنْ
…
ضُرٍّ تضاعف حتى صار ضُرَّينِ
رمِدتُ فاسْتَهْلَكَ الكُّحِّالُ ما بيدي
…
لقد أُصِبْتُ على الحالين في عَيْنِي
وقوله أيضًا:
أقاضي قضاة الفضل عطفًا فعبدُكم
…
إلى جودكم يشكو تجدُّد حَيْنِهِ
فقد مسَّه الضُّرُّ الذي كان مسِّه
…
وعاوده ذاك المصابُ بعَيْنِهِ