الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
باب الوَدِيعَةِ
ــ
باب الوَدِيعَةِ
والأصْلُ فيها الكِتابُ والسُّنَّةُ والإجْماعُ؛ أمّا الكِتابُ فقولُ الله تِعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} (1). وقَوْلُه تعالى: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} (2). وأمّا السُّنَّةُ فقولُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أدِّ الأمانَةَ إلَى مَنِ ائتْمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ» . رَواه أبو داودَ، والتِّرْمِذيُّ (3)، وقال: حدِيثٌ حسنٌ. ورُوِيَ عنه، عليه الصلاة والسلام، أنَّه كانت عندَه ودائِعُ، فلَمّا
(1) سورة النساء 58.
(2)
سورة البقرة 283.
(3)
أخرجه أبو داود، في: باب في الرجل يأخذ حقه من تحت يده، من كتاب البيوع. سنن أبي داود 2/ 260. والترمذي، في: باب حدَّثنا. . . .، من أبواب البيوع. عارضة الأحوذي 5/ 268. والدارمي، في: باب في أداء الأمانة. . . .، من كتاب البيوع. سنن الدارمي 2/ 264. والإمام أحمد، في: المستند 3/ 414.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أراد الهِجْرَةَ أوْدَعَها عندَ أمِّ أيمَنَ، وأمَرَ عليًّا أن يَرُدَّها على أهْلِها (1). وأمّا الإجْماعُ، فأجْمَعَ عُلَماءُ كلِّ عَصْر على جَوازِ الإيداعِ والاسْتِيداعِ، والعِبْرَةُ تَقْتَضِيها؛ لحاجَةِ النّاسِ إليها، فإنَّه يَتَعَذَّر على جَمِيعِهم حِفْظُ أمْوالِهم بأنْفُسِهم، ويَحْتاجُون إلى مَن يَحْفَظُها لهم. والوَدِيعَةُ فَعِيلة، مِن وَدَع الشيءَ: إذا تَرَكَه، أي هي مَتْرُوكَة عندَ المُودَعِ. واشْتِقاقُها بِن السُّكُونِ. يُقالُ: وَدَع، يَدَعُ. فكأنَّها ساكِنَة عندَ المُودَعِ مُسْتَقِرة. وقِيلَ: هي مُشْتَقَّةٌ مِن الحِفْظِ والدَّعَةِ، فكأنَّها في دَعة عندَ المُودَعِ. وقَبُولُها مُسْتَحبٌّ لمَن يَعْلَمُ مِن نَفْسِه الأمانَةَ؛ لأنَّ فيه قَضاءَ حاجَةِ أخِيه المُؤمِنِ ومُعاوَنَتَه. وهي عَقْدٌ جائِزٌ مِن الطَّرَفَين، متى أراد المُودِعُ أخْذَ وَدِيعَتِه لَزِم المُسْتَوْدَعَ رَدُّها؛ للآيَةِ. وإن رَدَّها المُسْتَوْدَعُ على صاحِبِها، لَزِمَه القَبُولُ؛ لأنَّ المُسْتَوْدَعَ مُتَبَرِّعٌ بإمْساكِها، فلا يَلْزَمُه التَّبرُّعُ في المُستقْبَلَ.
(1) أخرجه البيهقي، في: باب ما جاء في الترغيب في أداء الأمانات، من كتاب الوديعة. السنن الكبرى 6/ 289.