الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَا حَمَاهُ النبِي صلى الله عليه وسلم فَلَيسَ لِأحَدٍ نَقْضُهُ.
ــ
في الإسْلامِ، وإنهُم ليَرَوْنَ أنّا نَظْلِمُهم، ولولا النعَمُ التي نَحْمِلُ عليها في سَبِيلِ اللهِ ما حَمَيتُ على الناسِ مِن بلادِهم شيئًا أبدًا (1). وهذا إجْماع منهم. ولأن ما كان لمَصالِحِ المسلمين، قامَتِ الأئِمةُ فيه مَقامَ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ فقد رُوِيَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أنه قال:«مَا أطْعَمَ الله لنبي طعْمَةً إلا (2) جَعَلَها طُعْمَةً لِمَنْ بَعْدَهُ» (3). والخَبَرُ مَخْصُوص. وما حَماه لنَفْسِه يُفارِقُ حِمَى النبيِّ صلى الله عليه وسلم لنَفْسِه؛ لأن صَلاحَه يَعُودُ إلى صَلاحِ المسلمين، ومالَه كان يَرُده على المسلمين. وليس لهم أن يَحْمُوا إلا قَدْرًا لا يُضَيِّقُ على (4) المسلمين ويَضُرُّ بهم؛ لأنه إنَّما جاز لِما فيه مِن المَصْلَحَةِ لِما يَحْمِي، وليس مِن المَصْلَحَةِ إدْخالُ الضرَرِ على أكثَرِ الناسِ.
2489 - مسألة: (وما حَماه النبيُّ صلى الله عليه وسلم فليس لأحَدٍ نَقْضُه)
ولا تَغْيِيرُه مع بَقاءِ الحاجَةِ إليه؛ لأنَّ ما حَكَم به النبيُّ صلى الله عليه وسلم نَص
(1) أخرجه البخاري، في: باب إذا أسلم قوم في دار الحرب. . . . إلخ، من كتاب الجهاد. صحيح البخاري 4/ 87.
(2)
في م: «لا» .
(3)
أخرجه أبو داود، في: باب صفايا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأموال، من كتاب الإمارة. سنن أبي داود 2/ 130. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 4.
(4)
في م: «عن» .
وَمَا حَمَاهُ غَيرُهُ مِنَ الْأئِمَّةِ فَهَلْ يَجُوزُ نَقْضُهُ؟ عَلَى وَجْهَينِ.
ــ
لا يَجُوزُ نَقْضه بالاجْتِهادِ. ومَن أحْيا منه شيئًا لم يَمْلِكْه. وان زالتِ الحاجَةُ إليه، ففيه وَجْهانِ؛ أصَحُّهما، أنَّه لا يَجُوز نَقْضُه؛ لِما ذَكَرْنا. فأمّا (ما حَماه غيرُه مِن الأئِمّةِ) فغيَّرَه هو أو غيرُه مِن الأئِمَّةِ، جاز. وإن أحْياه إنسانٌ، مَلَكَه، في أحَدِ الوَجْهَين؛ لأنَّ حِمَى الأئِمَّةِ اجْتِهادٌ، ومِلْك الأرْضِ بالإحْياءِ نَصٌّ، والنصُّ تقَدَّمُ على الاجْتِهادِ. والوَجهُ الآخَرُ، لا يَمْلِكُه؛ لأن اجْتِهادَ الإمامِ لا يَجُوز نَقْضُه، كما لا يجوزُ نقْضُ حكْمِه. والأول أوْلَى؛ لأن الاجْتِهادَ في حِماه في تلك المدَّة دُونَ غيرِه، ولهذا مَلَك الحامِي نَقْضَه. ومَذْهَبُ الشافعيّ في هذا على نحو ما ذَكَرْنا.