الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ قَال: اتْرُكِ الْوَدِيعَةَ فِي جَيبِكَ. فَتَرَكَهَا فِي كُمِّهِ، ضَمِنَ. وَإنْ قَال: اتْرُكْهَا فِي كُمِّكَ. فَتَرَكَهَا فِي جَيبِهِ، لَمْ يَضْمَنْ. فَإن تَرَكَهَا فِي يَدِهِ، احْتَمَلَ وَجْهَينِ.
ــ
2439 - مسألة: (وإِن قال: اتْرُكِ الوَدِيعَةَ في جَيبك. فتَرَكَها في كُمِّه، ضَمِن)
لأنَّه رُبَّما نسِيَ، فسَقَطَ الشيءُ مِن كُمِّه. وكذلك إن تَرَكَها في يَدِه؛ لأنَّ الجَيبَ أحْرَزُ (وإن قال: اتْرُكْها في كُمِّك. فتَرَكَها في [جَيبِه، لم يَضْمَنْ) لأنَّ الجَيبَ أحْرَزُ، على ما ذَكَرْنا. وإن قال: اتْرُكْها في كُمِّك (فتَرَكَها في](1) يَدِه، احْتَمَلَ وَجْهَين) أحَدُهما، يَضْمَنُ؛ لأنَّ سُقُوطَ الشئِ مِن اليَدِ مع النِّسْيانِ أكْثَرُ مِن سُقُوطِه مِن الكُمِّ. والثَّانِي، لا يَضْمَنُ؛ لأنَّ اليَدَ لا يَنْبَسِطُ عليها الطَّرّارُ بالبَطِّ (2)، بخِلافِ
(1) سقط من: الأصل.
(2)
الطرار: النشال. وبط الكم: شقه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الكُمِّ، ولأنَّ كلَّ واحِدٍ منهما أحْرَزُ مِن وَجهٍ، فتَساوَيا. ولِمَن نَصَر الأوَّلَ أن يقولَ: متى كان كلُّ واحِدٍ منهما أحْرَزَ مِن وَجْهٍ، وَجَب أن يَضْمَنَ؛ لأنَّه فَوَّتَ الوَجْهَ المَأمُورَ بالحِفْظِ به، وأتَى بما لم يُؤمَرْ به، فضَمِنَ لمُخالفَتِه. وعلى هذا، لو أمَرَه بتَرْكِها في يَدِه، فجَعَلَها في كُمِّه، ضَمِن لذلك (1). وقال القاضي: اليَدُ أحْرَزُ عندَ المُغالبَةِ، والكُمُّ أحْرَزُ عندَ عَدَمِ المُغالبَةِ. فعلى هذا، إن أمَرَه بتَرْكِها في يَدِه، فشَدَّها في كُمِّه من غيرِ حالِ المُغالبَةِ، فلا ضَمانَ عليه، وإن فَعَل ذلك عندَ المُغالبَةِ، ضَمِن. وإن أمَرَه بحِفْظِها مُطْلَقًا، فتَرَكَها في جَيبِه، أو شَدَّها في كُمِّه، لم يَضْمَنْها. وإن تَرَكَها في كُمِّه غيرَ مَشْدُودَةٍ، وكانت خَفِيفَةً لا يَشْعُرُ بها
(1) في م: «كذلك» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إذا سَقَطَتْ، ضَمِنَها؛ لأنَّه مُفَرِّط، وإن كانت ثَقِيلَةً يَشْعُرُ بها، لم يَضْمَنْها؛ لأنَّ هذا عادَةُ النَّاسِ في حِفْظِ أمْوالِهم. وإن شَدَّها على عَضُدِه، لم يَضْمَنْ؛ لأنَّ ذلك أحْفَظُ لها. وقال القاضي: إن شَدَّها مِن جانِبِ الجَيبِ، لم يَضْمَنْها، وإن شَدَّها مِن الجانِبِ الآخَرِ، ضَمِن؛ لأنَّ الطَّرّارَ يَقْدِرُ على بَطِّها، بخِلافِ ما إذا شَدَّها ممّا يلي الجَيبَ. وهذا يَبْطُلُ بما إذا تَرَكَها في جَيبه، أو رَبَطَها في كُمِّه، فإنَّ الطَّرّارَ يَقْدِرُ على بَطِّها ولا يَضْمَنُ، وليس إمْكَانُ حِرْزِها بأحْفَظِ الحِرْزَين مانِعًا من إحْرازِها بما دُونَه، إذا كان حِرْزًا لمِثْلِها. وشَدُّها على العَضُدِ حِرْز لها كيفما كان؛ لأنَّ النّاسَ يُحَرِّزُون به أمْوالهم، فأشْبَهَ شَدَّها في الكُمِّ وتَرْكَها في الجيبِ، لكنْ لو أمَرَه بشَدِّها ممَّا يلي الجَيبَ، فشَدَّها مِن الجانِبِ الآخرِ، ضَمِن. وإن أمَرَه بشَدِّها ممّا يلي الجانِبَ الآخَرَ، فشَدَّها ممّا في الجَيبَ، لم يَضْمَنْ؛ لأنَّه أحْرَزُ. وإن أمَرَه بشَدِّها على عَضُدِه مُطْلَقًا، أو أمَرَه بحِفْظِها معه، فشَدَّها مِن أيِّ الجانِبَين كان، لم يَضْمَنْ؛ لأنَّه مُمْتَثِل أمْرَ مالِكِها، مُحْرِز لها بحِرْزِ مِثْلِها. وإن شَدَّها على وَسَطِه، فهو أحْرَزُ لها، وكذلك إن تَرَكَها في بَيته في حِرزِها.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وإن أمَرَه أن يَجْعَلَها في صُنْدُوق، وقال: لا تَقْفِلْ عليها، ولا تَنَمْ فوقَها. فخالفَه، أو قال: لا تَقْفِلْ عليها إلَّا قُفْلًا واحِدًا. فجَعَلَ عليها قُفْلَيْن، فلا ضَمانَ عليه. ذَكَرَه القاضي. وهو ظاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافعيِّ. وحُكِيَ عن مالِكٍ أنَّه يَضْمَنُ؛ لأَنه خالفَ رَبَّها في شيءٍ له فيه غَرَضٌ يَتَعَلَّقُ بحِفْظِها، أشْبَهَ ما لو نَهاه عن إخْراجِها عن مَنْزِلِه، فأخرَجَها لغيرِ حاجَةٍ؛ وذلك لأنَّ النَّوْمَ عليها، وتَرْكَ قُفْلَين، وزِيادَةَ الاحْتِفاظِ، يُنَبِّهُ اللِّصَّ عليها، ويَحُثُّه على الجِدِّ في سَرِقَتِها، والاحْتِيالِ لأخْذِها. ولَنا، أنَّ ذلك أحْرَزُ لها، فلم يَضْمَنْ بفِعْلِه، كما لو أمَرَه بتَرْكِها في صَحْنِ الدّارِ، فتَرَكَها في البَيتِ، وبهذا يَنْتَقِضُ ما ذَكَرُوه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وإن قال: اجْعَلْها في هذا البَيتِ، ولا تُدْخِلْه أحَدًا. فأدْخَلَ إليه قَوْمًا، فسَرَقَها أحَدُهم، ضَمِنَها؛ لأَنها ذَهَبَتْ بتَعَدِّيه ومُخالفَتِه. وسَواءٌ سَرَقَها حال إدْخالِهم أو بعدَه؛ لأنَّه رُبَّما شاهَدَ الوَدِيعَةَ في دُخُولِه البَيتَ، وعَلِم مَوْضِعَها، وطَرِيقَ الوُصُول إليها. وإن سَرَقَها مَن لم يَدْخُلِ البَيتَ، فقال القاضي: لا يَضْمَنُ؛ لَأنَّ فِعْلَه لم يَكُنْ سَبَبًا لإتْلافِها. ويَحْتَمِلُ أن يَضْمَنَ؛ لأنَّ الدّاخِلَ رُبَّما دَلَّ عليها مَن لم يَدْخُلْ، ولأنَّها مُخالفَة تُوجِبُ الضَّمانَ إذا كانت سَبَبًا لإتْلافِها، فأوْجَبَتْه وإن لم تِكنْ سَبَبًا، كما لو نَهاه عن إخْراجِها، فأخْرَجَها لغيرِ حاجَةٍ. وإن قال: ضَعْ هذا الخاتَمَ في الخِنْصِرِ. فوَضَعَه في البِنْصِرِ، لم يَضْمَنْ؛ لأنَّها أغْلَظُ وأحْفَظُ له (1)، إلَّا أن (1) لا يَدْخُلَ فيها، فيَضَعَه في أنْمُلَتِها العُلْيَا، أو يَنْكَسِرَ لغِلَظِها عليه، فيَضْمَنَه في المَوْضِعَين؛ لأنَّ مُخالفَتَه سَبَبٌ لتَلَفِه.
(1) سقط من: م.