الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنْ يَخْتَصَّ الْأَيَامَى بِالنِّسَاء، وَالْعزَّابُ بالرِّجَالِ. فَأمَّا الْأَرَامِل، فَهُنَّ النِّسَاءَ اللَّاتِي فَارَقَهُنَّ أَزْوَاجهُنَّ. وَقِيلَ: هُوَ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ.
ــ
وقوْلُ شيخِنا أوْلَى؛ لأنَّ العُرْفَ يَخْتَصُّ النِّساءَ بهذا الاسْمِ، والحُكْمُ للاسْمَ العُرْفِيِّ. ولأنَّ قوْلَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«أَعوذُ بالله مِنْ بَوَارِ الأَيِّمَ» . إنَّما أرادَ به النِّساءَ. وأمَّا العُزَّابُ فهم الذين لا أزْواجَ لهم مِن الرِّجالِ والنِّساءِ، يقالُ: رجلٌ عَزَبٌ، وامرأة عَزَبَةٌ. قاله ثعلب. وإنَّما سُمِّيَ عَزَبًا لانْفِرادِه (ويَحْتَمِلُ أن يَخْتَصَّ الأيامَى بالنِّساءِ، والعُزَّابُ بالرجالِ) ولذلك يقالُ: امرأةٌ أيِّمٌ. بغيرِ هاءٍ، ولا يقالُ: أيِّمةٌ. ولو كان الرجل مُشارِكًا لها لقِيلَ: أيِّمٌ وأيِّمةٌ. مثلَ: قائِمٌ وقائِمَةٌ. ولأنَّ العُرْفَ أنَّ العَزَبَ يَخْتَصُّ بالرجلِ.
2592 - مسألة: (فأمَّا الأرامِلُ، فهُنَّ النِّساءُ اللَّاتي فارَقَهُنَّ أزواجُهُنَّ)
بمَوْتٍ أو غيرِه. قال أحمدُ في رِوايةِ حَرْبٍ، وقد سُئِل عن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رجُلٍ وَصَّى لأرامِلِ بَنِي فُلانٍ. فقال: قد اخْتلَفَ الناسُ فيها، فقال قومٌ: للرجالِ والنِّساءِ، والذي يُعْرَفُ مِن كلامِ الناسِ أنَّ الأرامِلَ النِّساءُ. وقال الشَّعْبِيُّ، وإسحاقُ: هو للرجالِ والنِّساءِ. وأنْشَدَ:
هَذِي الأرامِلُ قد قَضَّيتَ حاجَتَها
…
فمَنْ لِحاجَةِ هذا الأرْمَلِ الذَّكَرِ (1)
وقال آخرُ (2):
أُحِبُّ أن أصْطادَ [ضَبًّا سَحْبَلا](3)
…
رَعَى الرَّبِيعَ والشِّتاءَ أرْمَلَا
(1) البيت لجرير، في اللسان (ر م ل)، وهو أيضًا في معجم مقاييس اللغة 2/ 442. وليس في ديوان جرير.
(2)
الرجز في اللسان، والتاج، وتهذيب اللغة 15/ 205 (ر م ل) و (س ح ب ل). والأول منه في اللسان والتاج (ر ب ل).
(3)
ضبًّا سَحْبَلا: ضخمًا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ووَجْهُ الأوّلِ أنَّ المَعْرُوفَ مِن كلام الناسِ أنَّه للنِّساءِ، فلا يُحْمَلُ اللَّفْظُ إلَّا عليه، ولأنَّ الأرامِلَ جَمْعُ أرْمَلَةٍ، فلا يكونُ جَمْعًا للمُذَكَّرِ؛ لأنَّ ما يَخْتَلِفُ لَفْظُ الذَّكَرِ والأُنْثَى في واحدِه يخْتَلِفُ في جَمْعِه، وقد أنْكَرَ ابنُ الأنْبارِيِّ على قائلِ القَوْلِ الأوّل، وخَطَّأه فيه، والشِّعْرُ الَّذي احْتَجَّ به حُجَّة عليه، فإنَّه لو كان لَفْظُ الأَرامِلِ يَشْمَلُ الذَّكَرَ والأُنْثَى، لقال: حاجَتَهمْ. إذ لا خِلافَ بينَ أهْلِ اللِّسانِ في أنَّ اللَّفْظَ متى كان للذكَرِ والأُنْثَى، ثم رُدَّ عليه ضَمِيرٌ، غُلِّب فيه لَفْظُ التَّذْكِيرِ وضَمِيرُه، فلمّا رُدَّ الضَّمِيرُ على الإِناثِ، عُلِم أنَّه مَوْضُوعٌ لَهُنَّ على الانْفِرادِ، وسَمَّى نَفْسَه أرْمَلًا تَجَوُّزًا وتَشْبِيهًا بهِنَّ، ولذلك وَصَف نَفْسَه بأنَّه ذَكَرٌ. وكذلك الشِّعْرُ الآخرُ، ويَدُلُّ على إرادَةِ المَجازِ أنَّ اللَّفْظَ عندَ إطْلاقِه لا يُفهَمُ منه إلَّا النِّساءُ، ولا يُسَمَّى به في العُرْفِ غيرُهُنَّ، وهذا دَلِيلٌ على أنَّه لم يُوضَعْ لغيرِهِنَّ، ثم لو ثَبَت أنَّه في الحَقِيقةِ للنِّساءِ والرجالِ لكنَّ أهْلَ العُرْفِ قد خَصُّوا به النِّساءَ، وتُرِكَتِ الحَقِيقةُ حتَّى صارتْ مَغْمُورَةً (1)، لا تُفْهَمُ مِن لَفْظِ المُتَكَلِّمِ، ولا يتَعلَّقُ بها حُكْمٌ، كسائِرِ الأَلْفاظِ العُرْفِيَّةِ.
فصل: وإن وَقَف على أخَواتِه، فهو للإِناثِ خاصَّةً، وإن وَقَف على إخْوَتِه، دَخَل فيه الذَّكَرُ والأُنْثَى جميعًا؛ لأنَّ اللهَ تعالى قال:{وَإِنْ كَانُوَا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً} (2). وقال: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} (3).
(1) في م: «مهجورة» .
(2)
سورة النساء 176.
(3)
سورة النساء 11.