الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يُلْحَقُ بِأكْثَرَ مِنْ أمٍّ وَاحِدَةٍ.
ــ
فلا يَنْحَصِرُ المانِعُ مِن قَبُولِ قَوْلِهِما أنَّهما اشْتَرَكا فيه. قال أحمدُ: إذا ألْحَقَتْه القافَةُ بهما وَرِثَهُما ووَرِثاه، فإن مات أحَدُهما فهو للباقِي منهما، ونَسَبُهُ مِن الأوَّلِ قائِم لا يُزِيلُه شيء. ومَعْنَى قولِه: هو للباقِي منهما. واللهُ أعلَمُ، أنَّه يَرِثُه مِيراثَ أبٍ كامِل، كما أنَّ الجَدَّةَ إذا انْفَرَدَتْ أخَذَتْ ما تَأخُذُه الجَدَّاتُ، والزَّوْجَةُ تَأخذُ وَحْدَها ما يَأخُذُ جَمِيعُ الزَّوْجاتِ.
2548 - مسألة: (ولا يُلْحَقُ بأكْثَرَ مِن أمٍّ واحِدَةٍ)
إذا ادَّعَتِ امْرَأتانِ نَسَبَ اللَّقِيطِ، فهو مَبْنِيٌّ على قَبُول دَعْوَتِهما. وقد ذَكَرْنا ذلك. وإن كانت إحداهُما مِمَّن تُقْبَلُ دَعْوَتُها دُونَ الأخْرَى فهو ابْنُها، كالمُنْفَرِدَةِ، وإن كانتا مِمّن لا تُقْبَلُ دَعْوَتُهما فوُجُودُها كَعَدَمِها، وإن كانتا جميعًا مِمَّن تُقْبَلُ دَعْوَتُهُما، فهما في إثْباتِه بالبَينةِ وكَوْنِه يُرَى القافةَ عندَ عَدَمِها أو تَعارُضِهما كالرَّجُلَين. قال أحمدُ، في رِوايَةِ بَكْرِ بنِ محمدٍ، في يَهُودِيَّةٍ ومُسْلِمَةٍ وَلَدَتا، فادَّعَتِ اليَهُودِيَّةُ وَلَدَ المُسْلِمَةِ، فتَوَقَّفَ، فَقِيلَ: يُرَى القافةَ. فقال: ما أحْسَنَهُ. ولأنَّ الشَّبَهَ يُوجَدُ بينها وبين ابْنِها كوُجُودِه بين الرَّجُلِ وابْنِه، بل أكثَرُ، لاخْتصاصِها بحَمْلِه وتَغْذِيَته، والكافِرَةُ والمُسْلِمَةُ، والحُرَّةُ والأمَةُ، في الدَّعْوَى واحِدَة، كقَوْلِنا في الرِّجالِ. وهذا قولُ أصحابِ الشافعيِّ على الوَجْهِ الذي يَقُولُون فيه (1) بقَبُولِ دَعْواها. إذا ثَبَت ذلك، فإنَّه لا يُلْحَقُ بأكْثَرَ مِن أم واحِدَةٍ، فإن ألْحَقَتْه
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
القافَةُ بأُمَّينِ، سَقَط قَوْلُهما، لأنَّنا (1) نَعْلَمُ خَطَأه قَطْعًا. وقال أصحابُ الرَّأي: يُلْحَقُ بهما بمُجَرَّدِ الدَّعْوَى، لأنَّ الأمَّ أحَدُ الأبوَينِ، فجازَ أن يُلْحَقَ باثْنَتَين، كالآباءِ. ولَنا، أنَّ هذا مُحَالٌ يَقِينًا، فلم يَجُزِ الحُكْمُ به، كما لو كان أكبَرَ منهما أو مِثْلَهُما، بخِلافِ الرَّجُلَينِ، فإنَّ كَوْنَه منهما مُمْكِنٌ، فإنَّه يَجُوزُ اجْتِماعُ نُطْفَتَي الرَّجُلَين في رَحِمِ امْرَأةٍ، فيُمْكِنُ أن يُخْلَقَ منهما وَلَدٌ كما يُخْلَقُ مِن نُطْفَةِ الرَّجُلِ الواحِدِ (2) والمَرْأةِ، ولذلك قال القائِفُ لعُمَرَ: قد اشْتَرَكَا فيه. ولا يَلْزَمُ مِن إلْحاقِه بمَن يُتَصَوَّرُ كَوْنُه منه إلْحاقُه بمَن يَسْتَحِيلُ ذلك منه، كما لا يَلْزَمُ مِن إلْحاقِه بمَنْ يُولَد مِثْلُه لِمِثْلِه إلْحاقُه بأصْغَرَ منه.
فصل: فإنِ ادَّعَى نَسَبَه رَجُل وامْرَأةٌ فلا تَنَافِيَ بينَهُما، لإِمْكانِ كَوْنِه منهما بنِكاح كان بينهما، أو وَطْءِ شُبْهةٍ، فيُلْحَقُ بهما جميعًا، ويكونُ ابْنَهُما بمُجَرَّدِ دَعْواهما، كما لو انْفَرَدَ كلُّ واحِدٍ منهما بالدَّعْوَى. وإن قال الرَّجُلُ: هذا ابْنِي مِن زَوْجَتِي. وادَّعَتْ زَوْجَتُه ذلك، وادَّعَتْه امرأةٌ. أخْرَى، فهو ابْنُ الرَّجُلِ، وتُرَجَّحُ زَوْجَتُه على الأخْرَى؛ لأنَّ زَوْجَها أبوه، فالظّاهِرُ أنَّها أمُّه. ويًحْتَمِلُ أن يتَسَاوَيا، لأنَّ كلَّ واحِدَةٍ منهما لو انْفَرَدَتْ أُلحِقَ بها، فإذا اجْتَمَعَتا تَساوَتَا.
(1) بعده في م: «لا» .
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ولو وَلَدَتْ امْرأتانِ ابْنًا وبِنْتًا، فادَّعَتْ كل واحِدَةٍ منهما أنَّ الابنَ وَلَدُها، احْتَمَلَ وَجْهَينِ؛ أحَدُهما، أن تَرَى المَرأتين القافَة مع الوَلَدَين، فيُلْحَقُ كل منهما بمَنْ ألْحَقَتْه به، كما لو لم يَكُنْ لهما وَلَدٌ آخَرُ. والثاني، يُعْرَضُ لَبَنُهُما على أهْلِ الطِّبِّ والمَعْرِفَةِ، فإنَّ لَبَنَ الذَّكَرِ يُخالِفُ لَبَنَ الأنْثَى في طَبْعِه وزِنَتِه، وقد قيلَ: لَبَنُ الابنِ ثَقِيل، ولَبَنُ البِنْتِ خَفِيف. فيُعْتَبران بطباعِهما ووَزْنِهِما؛ وما يَخْتَلِفانِ به عندَ أهْلِ المَعْرِفةِ، فمن كان لَبَنُها لَبَنَ الابن فهو وَلَدُها، والبِنْتُ للأخْرى. فإن لم يُوجَدْ قافَةٌ اعْتُبِرَ باللَّبَنِ خاصَّة. فأمّا إن تَنازَعا أحَدَ الولدين، وهما ذَكَرَانِ أو ابْنَتان، عُرِضُوا على القافَةِ. كما ذَكَرْنا فيما تَقَدَّمَ.
فصل: فإنِ ادَّعَى اللَّقِيطَ رَجُلانِ، فقال أحَدُهما: هو ابْنِي. وقال الآخَرُ: هو ابْنَتِي. فإن كان ابْنًا فهو لمُدَّعِيه، وإن كان بِنْتًا فهي لمدَّعِيها؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما لا يَسْتَحِقُّ غيرَ ما ادِّعاهُ. فإن كان خُنْثَى مُشْكِلًا، أُرِيَ القافَةَ؛ لأنَّه ليس قولُ كلِّ واحدٍ منهما أوْلَى مِن الآخرِ. فإن أقامَ كل واحدٍ منهما بَيِّنةً بما ادَّعاهُ، فالحُكْمُ فيهما كالحُكْم فيما لو انْفَرَدَ كل واحدٍ منهما بالدَّعْوَى؛ لأنَّ بَيِّنةَ الكاذِبِ منهما كاذِبَة فوُجُودُها كَعَدَمِها، والأُخْرَى صادِقَةٌ، فيَتَعَيَّنُ الحُكْمُ بها.