الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ لَم يُعرَفْ، دَخَلَ فِي مِلْكِهِ بَعدَ الْحَوْلِ حُكْمًا، كَالْمِيرَاثِ. وَعِنْدَ أبِي الْخَطَّابِ، لَا يملِكُهُ حَتَّى يَخْتَارَ ذَلِكَ.
ــ
تعالى، إنَّما يَتَمَلَّكُه مَنْ يَسْتَحِقُّ الصَّدَقَةَ. ونقلَ حَنْبَل عن أحمدَ مثلَ هذا القَوْل، فأنْكَرَه الخَلَّالُ، وقال: ليس هذا مَذْهبًا لأحمدَ. ولَنا، قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في حَدِيثِ زَيدِ بنِ خالدٍ (1):«فَإن لَم تُعرَفْ فَاستَنْفِقها» . وفي لَفْظٍ: «وَإلَّا فَهِيَ كَسَائِرِ مَالِكَ» . وفي لَفْظٍ: «ثُمَّ كُلها» . وفي لَفْظٍ: «فَانْتَفع بِها» . وفي لَفْظٍ: «فَشأنكَ بِها» . في حَدِيثِ أبي بن كَعبٍ (2) وفي لَفْظٍ: «فاسْتَمتع بِها» . وهو حَدِيث صحيح (3)، ولأنَّ مَن مَلَك بالقَرضِ مَلَك اللَقَطَةَ، كالفَقِيرِ، ومَن جازَ له الالْتِقاطُ مَلَك به بعدَ التّعرِيفِ، كالفَقِيرِ، وحَدِيثُهم عن أبي هُرَيرَةَ لم يَثْبُتْ، ولا نُقِلَ في كتابٍ يُعتَمَدُ عليه، ولا يوثَقُ به. ودَعواهُم في حَدِيثِ عِياض أنَّ ما يُضَافُ إلى اللهِ تعالى لا يَتَمَلَّكُة إلَّا مَن يَسْتَحِقُّ الصَّدَقَةَ، لا بُرهانَ لها، وبُطْلانُها ظاهِر، فإنَّ الأشْياءَ كُلَّها تضافُ إلى اللهِ تعالى خَلْقًا ومِلْكًا، قال اللهُ تعالى:{وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} (4).
2509 - مسألة: (فإن لم تُعرَفْ، دَخَلَتْ في مِلْكِه بعد الحَوْلِ حُكْمًا كالمِيراثِ. وعندَ أبي الخَطَّابِ، لا يَملِكُه حتى يَخْتارَ ذلك)
نَصَّ
(1) تقدم تخريجه في صفحة 186.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 227.
(3)
انظر مواضع هذه الألفاظ في: إرواء الغليل 6/ 21، 22.
(4)
سورة النور 33.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليه أحمدُ، في رِوايةِ الجَماعةِ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ؛ لقولِه:«وإلَّا كَانَتْ كَسَائِرِ مَالِهِ» . وعندَ أبي الخَطَّابِ: لا تدخُلُ في (1) مِلْكِه حتى يَخْتارَ. واخْتَلَفَ أصحابُ الشافعيِّ؛ فقال بعضُهم كقَوْلِنا. وقال قَوْمٌ: يَملِكُها بالنيةِ. ومنهم مَن قال: يَملِكُها بقَوْلِه: اخْتَرتُ مِلْكَها. ومنهم من قال: لا يملِكُها إلَّا بقَوْلِه والتَّصَرُّفِ فيها؛ لأنَّ هذا تَملّكٌ بعِوَض، فلم يَحصُلْ إلَّا باخْتِيار المُتَمَلِّكِ، كالقَرضِ. ولَنا، قولُ النبي صلى الله عليه وسلم:«فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُها وَإلَّا فَهِيَ كَسَائِرِ مالِكَ» . وقولُه: «فَاسْتَنْفِقها» . ولو وَقَف مِلْكُها على تَمَلُّكِها لبَيَّنهَ له، ولم يُجَوِّزْ له التَّصَرُّفَ قبلَه. وفي لَفْظٍ:«كُلْها» . وهذه الألْفاظُ كلّها تَدُلُّ على ما قُلْنا، ولأنَّ الالْتِقاطَ والتعريف سَبَب للتَّمَلُّكِ، فإذا تَمَّ، وَجَب أن يَثْبُتَ به المِلْكُ حُكْمًا،
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كالإِحياءِ والاصطِيادِ. ولأنَّه سَببٌ يُملَكُ به، فلم يَقِفِ المِلْكُ بعدَه على قَوْلِه ولا اخْتِيارِه، كسائِرِ الأسْباب، وذلك لأنَّ المُكَلَّفَ ليس إليه إلَّا مُباشَرَةُ الأسْبابِ، فإذا أَتَى بها، ثَبَت الحُكْمُ قَهْرًا وجَبْرًا مِن الله عز وجل، غيرَ مَوْقُوفٍ على اخْتِيارِ المُكَلَّفِ. فأمّا الاقْتِراضُ فهو السببُ في نَفْسِه، فلم يَثْبُتِ المِلْكُ بدُونِه. فعلى هذا، لو الْتَقَطَها اثْنان فعَرَّفاها حَوْلًا، مَلَكاها جَمِيعًا. فإن قُلْنا: يَقِف المِلْكُ على الاخْتِيارِ. فاخْتارَ أحَدُهُما دُونَ الآَخَرِ، مَلَك المُخْتارُ نِصفَها وحدَه.
فصل: فإن رَأياها مَعًا، فأخَذَها أحَدُهما وحدَه، أو رآها أحَدُهما، فأعلمَ بها صاحِبَه، فأخَذَها، فهي لآخِذِها، لأنَّ اسْتِخقاقَها بالأخْذِ لا بالرؤيَةِ، كالاصطِيادِ. وإن قال أحَدُهما لصاحِبِه: هاتِها. فأخَذَها لنَفْسِه، فهي له دُونَ الآمِرِ، وإن أخَذَها الآمِرُ فهي له، كما لو وَكَّلَه في الاصطِيادِ له.