الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ قَال: مَالكَ عِنْدِى شَيْءٌ. قُبِلَ قَوْلُهُ في الرَّدِّ والتَّلَفِ.
ــ
من الحِرْزِ، فهل تُسْمَعُ بيِّنتُه؟ فيه وَجْهان؛ أحَدُهما، لا تُسْمَعُ؛ لأنَّه مُكَذِّبٌ لها بإنْكارِه الإيداعَ. والثَّاني، تُسْمَعُ؛ لأنَّ صاحِبَها لو أقرَّ بذلك سَقَط عنه، فتُسْمَعُ البَيِّنةُ به، فإنْ شَهِدَتْ بالتَّلَفِ من الحِرْزِ ولم تُعَيِّنْ قبلَ الجُحُودِ ولا بعدَه، واحْتَمَلَ الأمْرَين، لم يَسْقُطِ الضَّمانُ؛ لأنَّ الأصْلَ وُجُوبُه، فلا يَنْتَفِي بأمْرٍ مُتَرَدِّدٍ.
2456 - مسألة: (وإن قال: ما لَكَ عندِي شيءٌ
.
قُبِل قَوْلُه في الرَّدِّ والتَّلَفِ) إذا قامت بَيِّنةٌ بالإِيداعِ، أو أقَرَّ به المُودَعُ بعدَ قَوْلِه: ما لَكَ عندِي شيءٌ -أو- لا حَقَّ لك عليَّ. ثم قال: ضاعَت مِن حِرْزِي. كان القولُ قَوْلَه مع يَمِينِه، ولا ضَمانَ عليه؛ لأنَّ قَوْلَه لا يُنافِي ما شَهِدَتْ به البَيِّنةُ، ولا يُكَذِّبُها، فإنَّ مَن تَلِفَتِ الوَدِيعَةُ مِن حِرْزِه بغيرِ تَفْرِيطِه لا شيءَ لمالِكِها عندَه، ولا يَسْتَحِقُّ عليه شيئًا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن نَوَى الخِيانَةَ في الوَدِيعَةِ بالجُحُودِ أو الاسْتِعْمالِ، ولم يَفعَل ذلك، لم يَصِرْ ضامِنًا؛ لأنَّه لم يُحْدِث في الوَدِيعَةِ قولًا ولا فِعْلًا، فلم يَضْمَن، كما لو لم يَنْو. وقال ابنُ سُرَيجٍ: يَضْمَنُها؛ لأنَّه أمْسَكَها بنِيَّةِ الخِيانةِ، فضَمِنَها، كاللُّقَطَةِ بقَصْدِ التَّمْليكِ. ولَنا، قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«عُفِيَ لأُمَّتِي عنِ الخَطَأ والنِّسْيَانِ، وما حَدَّثَتْ به أنْفسَها، ما لمْ تَتَكَلَّمْ بِه، أوْ تعْمَل بِهِ» (1). ولأنَّه لم يَخُنْ فيها بقولٍ ولا فِعْلٍ، فلم يَضْمَنْها، كالذي لم يَنْو، وفارَقَ المُلْتَقِطَ بقَصْدِ التَّمْلِيكِ، فإنه عَمِل فيها (2) بأخْذِها ناويًا للخِيانَةِ فيها، فوَجَبَ الضمان بفِعْلِه المَنْويِّ، لا بمُجَرَّدِ النِّيَّةِ ولو الْتَقَطَها قاصِدًا لتَعْرِيفِها، ثم نَوَى بعدَ ذلك إمْساكَها لنَفْسِه، كانت كمسْأَلتِنا. وإن أخْرَجَها بنِيِّةِ الاسْتِعْمالِ، فلم يَسْتَعْمِلْها، ضَمِنَها. وبهذا قال الشافعي. وقال أبو حنيفةَ: لا يَضْمَنُها إلَّا بالاسْتِعْمالِ؛ لأنَّه لو أخْرَجَها لنَقْلِها لم يَضْمَنْها. ولنا، أنَّه تَعَدَّى بإخْراجِها، أشْبَهَ ما لو اسْتَعْمَلَها، بخِلافِ ما إذا نَقَلَها.
(1) الطرف الأول للحديث تقدم تخريجه في 1/ 276.
والطرف الثاني تقدم تخريجه في 7/ 428.
(2)
في م: «بها» .