الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ نَفَتْهُ الْقَافَةُ عَنْهُمْ، أوْ أشْكَلَ عَلَيهِمْ، أوْ لَمْ يُوجَدْ قَافَةٌ، ضَاعَ نسَبُهُ، فِي أحَدِ الْوَجْهَينِ وَفِي الْآخَرِ، يُتْرَكُ حَتَّى يَبْلُغَ فَيَنْتَسِبَ إِلَى مَنْ شَاءَ مِنهُمْ. أَوْمَأ إِلَيهِ أَحْمَدُ.
ــ
2550 - مسألة: (فإن نَفَتْه القافةُ عنهم، أو أشْكَلَ عليهم، أو لم يُوجَدْ قافَةٌ، ضاع نَسَبُه، في أحَدِ الوَجْهَين. وفي الآخَرِ، يُتْرَكُ حتى يَبْلُغَ فيَنْتَسِبَ إلى مَن شاءَ. أوْمَأ إليه أحمدُ)
وجُمْلَةُ ذلك، أنَّه إذا ادَّعاهُ أكْثَرُ مِن واحدٍ وأُرِيَ القافَةَ فَنَفَتْه عنهم، أو لم يُوجَدْ قافَة، أو تَعارَضَتْ أقْوالُهم، أو لم يُوجَدْ مَن يُوثَقُ بقَوْلِه، لم يُرَجَّحْ أحَدُهم بذِكْرِ عَلامةٍ في جَسَدِه؛ لأنَّ ذلك لا يُرَجَّحُ به في سائِرِ الدَّعاوي، سِوَى الالْتِقاطِ في المالِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
واللَّقِيطُ ليس بمالٍ، فعلى هذا، يَضِيعُ نَسَبُه. هذا قولُ أبي بكرٍ؛ لأنَّه لا دَلِيلَ لأحَدِهم، أشْبَهَ مَن لم يَدَّعِ أحَدٌ نَسَبَه. وقال ابنُ حامِدٍ: يُتْرَكُ حتى يَبْلُغَ فيَنْتَسِبَ إلى مَن شاء منهم. قال القاضِي: وقد أوْمَأ أحمدُ إلى هذا في رَجُلَين وَقَعا على امْرأةٍ في طُهْرٍ واحدٍ، إلى أنَّ الابنَ يُخَيَّرُ أيهما أحَبَّ. وهو قولُ الشافعيِّ في الجَدِيدِ، وقال في القَدِيمِ: حتى يُميِّزَ؛ لقَوْلِ عُمَرَ: وَالِ أيُّهُما شِئْتَ. ولأنَّ الإِنْسانَ يَمِيلُ طَبْعُه إلى قَرِيبه دُونَ غيرِه، ولأنَّه مَجْهُولُ النَّسَبِ أقَرَّ به مَن هو مِن أهْلِ الإقْرارِ، فَثَبَتَ نَسَبُه، كما لو انْفَرَدَ. وقال أصحابُ الرَّأي: يُلْحَقُ بالمُدَّعِيَين بمُجَرَّدِ الدَّعْوَى؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهم لو انْفَرَدَ سُمِعَتْ دَعْواهُ، فإذا اجْتَمَعَا وأمْكَنَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
العَمَلُ بهما، وَجَب، كما لو أقَرَّ له بمالٍ. ولَنا، أنَّ دَعْواهُما تَعارَضَت، ولا حُجَّةَ لواحدٍ منهما، فلم يَثْبُتْ، كما لو ادَّعَى رِقَّه، وليس هو في أيدِيهما. قال شَيخُنا: وقولُ أبي بكر أقْرَبُ لِما ذَكَرْنا. وقَوْلُهُم: يَمِيلُ طَبْعُه إلى قَرايَتِه. قُلْنا: إنَّما يَمِيلُ إلى قَرابَته بعدَ مَعْرِفَةِ أنها (1) قَرابَتُه، فالمَعْرِفَة بذلك سَبَبُ المَيلِ، فلا يَثْبُتْ قبلَه، ولو سُلِّم ذلك، فإنَّه يَمِيلُ أيضًا إلى مَنْ أحْسَنَ إليه، فإنَّ القُلُوبَ جُبِلَتْ على حُبِّ مَن أحْسَنَ إليها وبُغْضِ مَن أساءَ إليها، وقد يَمِيلُ إليه لإساءَةِ الآخَرِ إليه، وقد يَمِيلُ إلى أحْسَنِهِما خُلُقًا وأعْظَمِهِما قَدْرًا أو جاهًا أو مالًا، فلا يَبْقَى للمَيلِ أثَر في الدَّلالةِ على النَّسَبِ. ولا خِلافَ بين أصحابِنا في أنَّه لا يَثْبُتُ نسَبُه بالانْتِسابِ قبل البُلُوغِ. قولُهم: إنَّه صَدَّقُ المُقِرَّ بنَسبِه. قُلْنا: لا يَحِلُّ له تَصْدِيقُه،
(1) في النسخ: «أنه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لَعَن مَن ادَّعَى إلى غيرِ أبِيه (1). وهذا لا (2) يَعْلَمُ أنه أبوه، فلا نَأمَنُ أن يكونَ مَلْعُونًا بتَصْدِيقِه. ويُفارِقُ ما إذا انْفَرَدَ؛ فإنَّ المنْفَرِدَ يَثْبُتُ النَّسَبُ بقَوْلِه مِن غيرِ تَصْدِيقٍ، وقولُ عُمَرَ، رضي الله عنه: وَالِ أيَّهما شِئْتَ. لم يَثْبُتْ، ولو ثَبَتَ لم يَكُنْ فيه حُجَّةٌ؛ لأنَّه إنَّما أمَرَه بالمُوالاةِ لا بالانْتِسابِ. وعلى قولِ مَن جَعَل له الانْتِسابَ إلى أحَدِهما، إذا انْتَسَبَ إلى أحَدِهما، ثم عاد فانْتَسَبَ إلى الآخَرِ، أو نَفَى نَسَبَه مِن الأوَّلِ ولم يَنْتَسِبْ إلى أحَدٍ، لم يُقْبَلْ منه؛ لأنَّه قد ثَبَت نَسَبُه فلا يُقْبَلُ رُجُوعُه عنه، كما لو ادَّعَى مُنْفَرِدٌ نَسَبَه ثم أنْكَرَه. ويُفارِقُ الصَّبِيَّ الذي يُخَيَّرُ بين أبوَيه فيَخْتارُ أحَدَهُما ثم يَرُدُّ إلى الآخَرِ، إذا اخْتارَه، فإنَّه لا حُكْمَ لقولِ الصَّبِيِّ، وإنَّما تَبعَ اخْتيارَه وشَهْوَتَه، فهو كما لو اشْتَهَى طَعامًا في يومٍ وغَيرَه في يومٍ آخَرَ. فأمَّا إن قامَتْ للآخَرِ بَينةٌ بِنَسَبِه، عُمِلَ بها؛ لأنَّها تُبْطِلُ قولَ القافَةِ الذي هو مُقَدَّمٌ على الانْتِسابِ، فأوْلَى أن تُبْطِلَ الانْتِسابَ. وإن وُجدَتْ قافَةٌ بعد انْتِسابِه، فألْحَقَتْه بغير مَن انْتَسَبَ إليه، بَطَل انْتِسابُه؛ لأنَّه أقْوَى، فبَطَلَ به الانْتِسابُ كالبَيِّنةِ مع القافَةِ.
(1) أخرجه ابن ماجه، في: باب من ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه، من كتاب الحدود. سنن ابن ماجه 2/ 870. والإمام أحمد، في المسند 1/ 309، 317، 4/ 186.
(2)
سقط من: م.