الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ حَفَرَ بِئْرًا عَادِيَّةً، مَلَكَ حَرِيمَهَا خَمْسِينَ ذِرَاعًا. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَادِيَّةً، فَحَرِيمُهُا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا.
ــ
2473 - مسألة: (وإن حَفَر بِئْرًا عادِيَّةً، مَلَك حَرِيمَها خَمْسِين ذِرَاعًا. وإن لم تكنْ عادِيَّةً، فحَرِيمُها خمسةٌ وعِشْرُون)
البِئْرُ العادِيَّةُ، بتَشْدِيدِ الياءِ: القَدِيمَةُ، مَنْسُوبَةً إلى عادٍ. ولم يُرِدْ عادًا بعَينِها، لكنْ لَمَّا كانت عادٌ في الزَّمَنِ الأوَّلِ، وكانت لها آثارٌ في الأرْضِ، نُسِب إليها كلُّ قَدِيمٍ. فكلُّ مَن سَبَق إلى بِئْرٍ عادِيَّةٍ كان أحَقَّ بها؛ لقولِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ سَبَقَ إلى مَا لَمْ يَسْبِقْ إليه مُسْلِمٌ فَهُوَ لَهُ» (1). وله حَرِيمُها خَمْسُون ذِراعًا مِن كلِّ جانِبٍ. وإن حَفَر بِئْرًا في مَواتٍ للتَّمْلِيكِ، فله حَرِيُمها خَمْسَةٌ وعِشْرُون ذِراعًا مِن كلِّ جانِبٍ. نَصَّ أحمدُ على هذا في رِوايَةِ حَرْبٍ، وعبدِ اللهِ. واخْتارَه أكْثَرُ أصْحابِنا. وقال
(1) تقدم تخريجه في 5/ 291.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
القاضي، وأبو الخَطَّابِ: ليس هذا على طَرِيقِ التَّحْدِيدِ، بل حَرِيمُها في الْحَقِيقَةِ ما يَحْتاجُ إليه في تَرْقِيَةِ مائِها منها، فإن كان بدُولابٍ فقَدْرُ مَدَارِ (1) الثَّوْرِ أو غيرِه، وإن كان بساقِيَةٍ، فبقَدْرِ طُولِ البِئْرِ؛ لما رُوِيَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:«حَرِيمُ البِئْرِ مَدُّ (2) رِشَائِها» . أخْرَجَه ابنُ ماجه (3). ولأنَّه المَكانُ الذي تَمْشِي إليه البَهِيمَةُ. وإن كان يَسْتَقِي منها بيَدِه، فبِقَدْرِ ما يَحْتاجُ إليه الواقِفُ عندَها. وإن كان المُسْتَخْرَجُ عَينًا،
(1) في م: «مد» .
(2)
في الأصل: «قدر» .
(3)
في: باب حريم البئر، من كتاب الرهون. سنن ابن ماجه 2/ 831.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فحَرِيمُها القَدْرُ الذي يَحْتاجُ إليه صاحِبُها للانْتِفاعِ بها (1)، ولا يَسْتَضِرُّ بأخْذِه منه، ولو كان ألْفَ ذِراعٍ. وحَرِيمُ النَّهْرِ مِن جانِبَيه ما يَحْتاجُ إليه لطَرْحِ كِرايَتِه (2) بحُكْمِ العُرْفِ؛ وذلك أنَّ هذا إنَّما ثَبَت للحاجَةِ، فيَنْبَغِي أن تُراعَى فيه الحاجَةُ دُونَ غيرِها. وقال أبو حنيفةَ: حَرِيمُ البئْرِ أرْبَعُون ذِراعًا، وحَرِيمُ العَينِ خَمْسُمائَةِ ذِراعٍ؛ لأنَّ أبا هُرَيرَةَ روَى أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«حَرِيمُ البِئْرِ أرْبَعُونَ ذِراعًا لأعْطانِ الإِبِلِ والغَنَمِ» . وعن الشَّعْبِيِّ مثلُه. رَواه أَبو عُبَيدٍ (3). ولَنا، ما روَى الدّارَقُطْنِيُّ (4)
(1) سقط من: م.
(2)
الكراية: ما يخرج من حفر النهر.
(3)
في: باب إحياء الأرض واحتجارها. . .، الأموال 291. عن أبي هريرة والشعبي.
كما أخرجه الإمام أحمد عن أبي هريرة، في: المسند 2/ 494.
(4)
في: كتاب الأقضية. سنن الدارقطني 4/ 220. وقال: الصحيح من الحديث أنَّه مرسل عن ابن المسيّب، ومن أسنده فقد وهم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والخَلّالُ بإسْنادِهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «حَرِيمُ البِئْرِ البَدِئِ (1) خَمْسٌ وعِشْرُونَ ذِرَاعًا، وَحَرِيمُ البِئْرِ الْعَادِيِّ خَمْسُونَ ذِرَاعًا» . وهذا نَصُّ. وروَى أبو عُبَيدٍ (2) بإسْنادِه، عن يَحْيَى بنِ سعيدٍ الأنصارِيِّ أنَّه قال: السُّنَّةُ في حَرِيمِ القَلِيبِ العادِيِّ خمْسُون ذِراعًا، والبَدِئِ خَمْسٌ وعِشْرُون ذِراعًا. وبإسْنادِه (2) عن سعيدِ بنِ المُسَيَّبِ، قال: حَرِيمُ البِئْرِ البَدِئِ خَمْسٌ وعِشْرُون ذِراعًا مِن نَواحِيها كلِّها، وحَرِيمُ بِئْرِ الزَّرْعِ ثَلاثُمائَةِ ذِراعٍ مِن نَواحِيها كلِّها، وحَرِيمُ البِئْرِ العادِيِّ خمْسُونَ ذِراعًا
(1) البدئ: المبتدأ حفره، أي المحدث.
(2)
في: باب إحياء الأرضين واحتجارها. . . الأموال 292.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِن نواحِيها كلِّها. ولأنَّه مَعْنىً يُمْلَكُ به المَواتُ، فلا يَقِفُ على قَدْرِ الحاجَةِ، كالحائِطِ، ولأنَّ الحاجَةَ إلى البِئْرِ لا تَنحَصِرُ في تَرْقِيَةِ الماءِ، فإنَّه يَحْتاجُ إلى ما حَوْلَه عَطَنًا لإِبِله، ومَوْقِفًا لدَوابِّه وغَنَمِه، ومَوْضِعًا يَجْعَلُ فيه أحْواضًا يَسْقِي منها ماشِيَتَه، ومَوْقِفًا لدابَّتِه التي يَسْتَقِي عليها، وأشْباهِ ذلك، فلم يَخْتَصَّ الحَرِيمُ بما يَحْتاجُ إليه في تَرْقِيَةِ الماءِ. فأمَّا حديثُ أبي حنيفةَ فحَدِيثُنا أصَحُّ منه، وراويهما (1) أبو هُرْيَرَةَ، فيَدُلُّ على ضَعْفِه.
(1) في م: «رواهما» .