الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ نَاظِرًا، فَالنَّظَرُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيهِ. وَقِيلَ: لِلْحَاكِمِ وَيُنْفِقُ عَلَيهِ مِنْ غَلَّتِهِ.
ــ
2579 - مسألة: (فإن لم يَشْرُطْ ناظِرًا، فالنَّظَرُ للمَوْقُوفِ عليه. وقِيلَ: للحاكِمِ، ويُنْفِقُ عليه مِن غَلَّتِه)
النَّظَرُ في الوَقْفِ لمَن شَرَطَه الواقِفُ؛ لأنَّ عُمَرَ، رضي الله عنه، جَعَل وَقْفَه إلى حَفْصَةَ، تَلِيه ما عاشَتْ، ثم يَلِيه ذُو الرَّأْي مِن أهْلِها (1). ولأنَّ مَصْرِفَ الوَقْفِ يُتْبَعُ فيه شَرْطُ الواقِفِ، فكذلك النَّظَرُ. فإن جَعَل النَّظَرَ لنَفْسِه، جاز، وإن جَعَلَه إلى غيرِه، صَحَّ. فإن لم يَجْعَلْه إلى أحدٍ، أو جَعَلَه لإِنْسانٍ فمات، فالنَّظَرُ للمَوْقُوفِ عليه؛ لأنَّه مِلْكُه يَخْتَصُّ بنَفْعِه، فكان نَظَرُه إليه، كَمِلْكِه المُطْلَقِ. ويَحْتَمِلُ أن يَنْظُرَ فيه الحاكِمُ. اخْتارَه ابنُ أبي موسى. قال شيخُنا (2): ويَحْتَمِلُ أن يكونَ ذلك مَبْنِيًّا على أنَّ المِلْكَ فيه هل يَنْتَقِلُ إلى
(1) تقدم تخريجه في صفحة 391.
(2)
في: المغني 8/ 237.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المَوْقُوفِ عليه، أو إلى اللهِ تعالى؟ فإن قُلْنا: هو للمَوْقُوفِ عليه. فالنَّظَرُ له فيه؛ لأنَّه يَمْلِكُ عَينَه ونَفْعَه. وإن قُلْنا: هو لله تعالى. فالحاكِمُ يتَوَلّاه، ويَصْرِفُه إلى مَصارِفِه؛ لأنَّه مالُ اللهِ، فكان النَّظَرُ فيه إلى حاكِمِ المُسْلِمِين، كالوَقْفِ على المَساكِينِ. فأمّا الوَقْفُ على المَساكِينِ والمساجِدِ ونحوها، أو على مَن لا يُمْكِنُ حَصْرُهم واسْتِيعابُهم، فالنَّظَرُ فيه إلى الحاكِمِ؛ لأنَّه ليس له مالِكٌ مُعَيَّنٌ يَنْظُرُ فيه وللحاكِمِ أن يَسْتَنِيبَ فيه؛ لأنَّ الحاكِمَ لا يُمْكِنُه تَوَلِّي النَّظَرِ بنَفْسِه.
فصل: ومتى كان النَّظَرُ للمَوْقُوفِ عليه، إمّا بجَعْل، الواقِفِ النَّظَرَ له، أو لكَوْنِه أحَقَّ بذلك عندَ عَدَمِ ناظِرٍ سِواه، و (1) كان واحِدًا مُكَلَّفًا رَشِيدًا، فهو أحَقُّ بذلك، رجلًا كان أو امْرأةً، عَدْلًا أو فاسِقًا؛ لأنَّه يَنْظُرُ لنَفْسِه، فكان له ذلك في هذه الأحْوالِ، كمِلْكِه المُطْلَقِ. ويَحْتَمِلُ أن
(1) في م: «أو» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يُضَمَّ إلى الفاسِقِ أمِينٌ؛ حِفْظًا لأصْلِ الوَقْفِ عن البَيعِ والتَّضْيِيعِ. وإن كان الوَقْفُ لجَماعَةٍ رَشِيدِين، فالنَّظَرُ للجَمِيعِ، لكلِّ إنْسانٍ في حِصَّتِه. فإن كان المَوْقُوفُ عليه صَغِيرًا أو مَجْنُونًا أو سَفِيهًا، قام وَلِيُّه في النَّظَرِ مَقامَه، كمِلْكِه المُطْلَقِ. وإن كان النَّظَرُ لغيرِ المَوْقُوفِ عليه بتَوْلِيَةِ الواقِفِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أو الحاكِمِ، أو لبعضِ المَوْقُوفِ عليهم، لم يَجُزْ أن يكونَ إلَّا أمِينًا، فإن لم يكنْ أمِينًا، لم تَصِحَّ ولايتُه إن كانت مِن الحاكِمِ، وأُزِيلَتْ يَدُه. وإن وَلَّاه الواقِفُ وهو فاسِقٌ، أو كان عَدْلًا ففَسَقَ، ضُمَّ إليه أمِينٌ لحِفْظِ الوَقْفِ، ولم تَزُلْ يَدُه؛ لأنَّه أمْكَنَ الجَمْعُ بينَ الحَقَّين. ويَحْتَمِلُ أن لا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تَصِحَّ تَوْلِيَةُ الفاسِق، ويَنْعَزِلُ إذا فَسَق؛ لأنَّها ولايَةٌ على حَقِّ غيرِه، فنافاها الفِسْقُ، كما لو وَلَّاه الحاكِمُ، وكما لو لم يُمْكِنْ حِفْظُ الوَقفِ منه مع بَقاءِ ولايَتِه، فإنَّ يَدَه تُزالُ؛ لأنَّ مُراعاةَ حِفْظِ الوَقْفِ أهَمُّ مِن إبْقاءِ ولايةِ الفاسِقِ عليه.
فصل: ونَفَقَةُ الوَقْفِ مِنِ حيثُ شَرَط الواقِفُ؛ لأنَّه لَمّا اتُّبعَ شَرْطُه في مَصْرِفِه، وَجَب اتِّباعُه في نفَقَتِه. فإن لم يَكُنْ شَرَط، فمِن غَلَّتِه؛ لأنَّ الوَقْفَ اقْتَضَى تَحْبِيسَ أصْلِه وتَسْبِيلَ نَفْعِه، ولا يَحْصُلُ ذلك إلَّا بالإِنْفاقِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليه، فهو مِن ضَرُورَتِه. وكذلك عِمارَةُ الوَقْفِ، قِياسًا على نَفَقَتِه. فإن تَعَطَّلَتْ مَنافِعُ الحَيَوانِ المَوْقُوفِ، فنَفَقَتُه على المَوْقُوفِ عليه؛ لأنَّه مِلْكُه. ويَحْتَمِلُ وُجُوبَها في بَيتِ المالِ. ويجوزُ بَيعُه، على ما نَذْكُرُه.