الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتَصِحُّ عَلَى مُدةٍ مَجْهُولَةٍ، وَعَمَل مَجْهُولٍ، إذَا كَانَ الْعِوَضُ مَعْلُومًا.
ــ
2494 - مسألة: (وتَصِحُّ على مُدةٍ مَجْهُولَةٍ، وعَمَل مَجْهُول، إذا كان العِوَضُ مَعْلُومًا)
لأنها عَقْد جائِر مِن الطرَفَين، فجازَ أن يَكُونَ العَمَلُ فيها مَجْهُولًا والمُدةُ مَجْهُولَةً، كالشرِكَةِ والوَكالةِ، ولأن الجائِزَةَ لكلِّ واحدٍ منهما فَسْخُها، فلا يُؤَدِّي إلى أن يَلْزَمَه مَجْهُول عنده إذا كان العِوَضُ مَعْلُومًا، ولأن الحاجَةَ تَدْعُو إلى كَوْنِ العَمَلِ مَجْهُولًا، وكذلك المُدةُ؛ لكَوْنِه لا يَعْلَمُ مَوْضِعَ الضّالَّةِ والآبِقِ، ولا حاجَةَ إلى جَهالةِ العِوَضِ، ولأن العَمَلَ لا يَصِيرُ لازِمًا، فلم يُشْتَرَطْ كَوْنُه مَعْلُومًا، والعِوَضُ يَصِيرُ لازِمًا بإتْمامِ العَمَلِ، فاشْتُرِطَ العِلْمُ به. قال
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
شيخُنا (1): ويَحْتَمِلُ أن تَصِحَّ الجَعالةُ مع الجَهْلِ بالعِوَضِ، إذا كانت جَهالةً لا تَمْنعُ التسْلِيمَ، نحوَ أن يقولَ: مَن رَد عَبْدِي الآبِقَ فله نِصْفُه، ومَن رَد ضالتِي فله ثُلثها. قال أحمدُ: إذا قال الأمِيرُ في الغَزْو: مَن جاءَ بعَشْرَةِ أرْؤس فله رَأس. جازَ. وقالوا: إذا جَعَل جُعْلًا لمَن يَدُلُّه على قَلْعَةٍ، أو طَرِيقٍ سهْلٍ، وكان الجُعْلُ مِن مالِ الكُفّارِ، كجارِيةٍ يُعَيِّنها (2) العامِلُ. جازَ. فيُخَرَّجُ ههُنا مِثْلُه. فأمّا إن كانتِ الجَعالةُ تَمْنَعُ التسْلِيمَ، لم تَصِح الجَعالةُ، وَجْهًا واحدًا. فعلى هذا، يَسْتَحِقُّ العامِلُ أجْرَ المِثْلِ؛ لأنه عَمِل عَملًا بعِوَض لم يُسَلمْ له، فاسْتَحَق أجْرَ المِثْلِ، كما في الإجارَةِ.
(1) في: المغني 8/ 324.
(2)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وكلُّ ما جازَ أن يكُونَ عِوَضًا في الإجارَةِ، جازَ أن يَكُونَ عِوَضًا في الجَعالةِ، وكلُّ ما جازَ أخْذُ العِوَضِ عليه في الإجارَةِ مِن الأعْمالِ، جازَ أخْذُه عليه في الجَعالةِ، وما لا يَجُوزُ أخْذُ العِوَضِ عليه في الإجارَةِ، كالغِناءِ (1)، والزَّمْرِ، وسائِرِ المُحَرَّماتِ، لا يَجُوزُ أخْذُ الجُعْلِ عليه، وما يَخْتَصُّ فاعِلُه أنْ يَكُونَ مِن أهْلِ القُرْبَةِ مِمَّا لا يَتَعَدى نَفْعُه فاعِلَ؛ كالصَّلاةِ والصيامِ، لا يَجُوزُ أخْذُ الجُعْلِ عليه، فأما ما يَتَعَدى نَفْعُه؛ كالأذانِ والحَج، ففيه وَجْهانِ، كالروايَتَين في الإجارَةِ. ويفارِقُ الإجارَةَ في أنَّها عَقْدٌ جائزٌ، وهي عَقْد لازِم، وأنَّه لا يُعْتَبَرُ العِلْمُ بالمُدَّةِ، ولا بمِقدارِ العَمَلِ، ولا يُعْتَبَرُ وُقُوعُ العقْدِ مع واحدٍ مُعَيَّن، وقد ذَكَرْناه.
(1) في ر 2: «كالبغاء» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن كان العَمَلُ مَعْلُومًا، مثلَ أن يَقُولَ: مَن رَدَّ عَبْدِي مِن البَصْرَةِ. أو: بَنَى لي هذا الحائِطَ. أو: خاطَ قَمِيصِي هذا، فله كذا. صَحَّ؛ لأنَّه إذا صَحَّ مع الجَهالةِ، فمع العِلْمِ أوْلَى. وإن عَلَّقَه بمُدةٍ مَعْلُومَةٍ، فقال: مَن رَدَّ عَبْدِي مِن العِراقِ في شَهْر فله دِينار. أو: مَن خَاطَ قَمِيصِي في هذا اليومِ فله دِرْهَم. صَح؛ لأنَّ المُدَّةَ إذا جازَتْ مَجْهولَةً، فمع التَّقْدِيرِ أوْلَى. فإن قيل: مثلُ هذا لا يَجوزُ في الإجارَةِ، في الصَّحِيحِ مِن المَذْهَب، فكيفَ جازَ في الجَعالةِ؟ قُلْنا: الفَرْقُ بينَهما مِن وُجُوهٍ؛ أحَدُها، أن الجَعالةَ يَحْتَمِلُ فيها الغرَرُ، وتَجُوزُ مع جَهالةِ العَمَل. والمُدَّةِ، بخِلافِ الإجارَةِ. الثاني، أنَّ الجَعالةَ عَقد جائِز، فلا يَلْزَمُ بِالدخُولِ فيها مع الغرَرِ ضَرَرٌ، بخِلافِ الإجارَةِ، فإنها عَقْدٌ لازِمٌ، فإذا دَخَل فيها مع الغَرَرِ، لَزِمَه ذلك. الثالثُ، أن الإجارَةَ إذا قُدِّرَتْ بمُدَّةٍ، لَزِمَه العَمَلُ في جَمِيعِها، ولا يَلْزَمُه بعدَها، فإذا جَمَع بينَ تَقْدِيرِ المُدَّةِ والعَمَلِ فرُبَّما عَمِلَه قبلَ المُدَّةِ، فإن قُلْنا: لا يَلْزَمُه. فقد خلا بعضُ المُدةِ مِن العَمَلِ، وإنِ انقَضَتِ المُدةُ قبلَ عَمَلِه، فألزَمْناه