الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَمَتَى جَاءَ طَالِبُهَا فَوَصَفَهَا، لَزِمَ دَفْعُهَا إِلَيهِ بِنَمَائِهَا الْمُتَّصِلِ، وَزِيَادَتُهَا الْمُنْفَصِلَةُ لِمَالِكهَا قَبْلَ الْحَوْلِ، وَلوَاجِدِهَا بَعْدَهُ، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَينِ.
ــ
للشُّهُودِ صِفاتِها، كما قُلْنا في التَّعْرِيفِ، لكِنْ يَذْكُرُ للشُّهُودِ ما يَذْكُرُه في التَّعْرِيفِ مِن الجِنْسِ والنَّوْعِ. قال أحمدُ، في رِوايةِ صالحٍ، وقد سَألَه: إذا أشْهَدَ عليها، هل يُبَيِّنُ كم هي؟ قال: لا، ولكنْ يقولُ: قد أصَبْتُ لُقَطَةً. ويُسْتَحَبُّ أن يَكْتُبَ صِفاتِها؛ ليكونَ أثْبَتَ له، مَخافَةَ أن يَنْساها إنِ اقْتَصَرَ على حِفْظِها بقَلْبِه، فإنَّ الإنْسانَ عُرْضَةُ النِّسْيانِ.
2512 - مسألة: (فمتى جاء طالِبُها فوَصَفَها، لَزِم دَفْعُها إليه بنَمائِها المُتَّصِلِ، وزِيادَتُها المُنْفَصِلَةُ لمالِكِها قبلَ الحَوْلِ، ولِواجِدِهَا بعدَه، في أصَحِّ الوَجْهين)
إذا جاء طالِبُ اللُّقَطَةِ فوَصَفَها، وَجَب دَفْعُها إليه بغيرِ بَيِّنَةٍ، سواءٌ غَلَب على ظَنِّه صِدْقُه أو لم يَغْلِبْ. وبهذا قال مالكٌ، وأبو عُبَيدٍ (1)، وداوُدُ، وابنُ المُنْذِرِ. وقال أبو حنيفةَ، والشافعيُّ: لا يُجْبَرُ على ذلك إلَّا ببيِّنَةٍ، ويَجوزُ له دَفْعُها إليه إذا غَلَب على ظَنِّه صِدْقُه. وقال أصحابُ الرَّأْي: إن شاء دَفَعَها إليه،
(1) بعده في حاشية الأصل: «وإسحاق» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأخَذَ كَفِيلًا بذلك؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «البَيِّنةُ عَلَى المُدَّعِي» (1). ولأنَّ صِفَةَ المُدَّعِي لا يَسْتَحِقُّ بها، كالمَغْصُوبِ. ولَنا، قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«فَإِنْ جَاءَكَ أحَدٌ يُخْبِرُكَ بِعَدَدِها وَوعَائِهَا وَو كَائِها، فَادْفَعْهَا إلَيهِ» (2). وظاهِرُ الأمْرِ الوُجُوبُ. وفي حَدِيثِ زَيدٍ: «اعْرِفْ وكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا، ثُمَّ عَرِّفهَا سَنَةً، فَإنْ لم تُعْرَفْ فاسْتَنْفِقْهَا، وإنْ جَاءَ طَالِبُها يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ، فَأدِّهَا إلَيهِ» (3). يَعْنِي إذا ذَكَرَ صِفَاتِهِا؛ لأنَّ ذلك هو المَذْكُورُ في صَدْرِ الحَدِيثِ، ولم يَذْكُرِ البَيِّنَةَ، ولو كانتْ شَرْطًا للدَّفْعِ لذَكَرَها؛ لأنَّه لا يجوزُ تَأُخِيرُ البَيَانِ عن وَقْتِ الحاجَةِ، ولأنَّ إقامَةَ البَيِّنَةِ على اللُّقَطَةِ تَتَعَذَّرُ؛ لأنَّها إنَّما تَسْقُطُ حال الغَفْلَةِ، فتَوَقُّفُ دَفْعِها على البَيِّنةِ منعٌ
(1) أخرجه بهذا اللفظ الترمذي، في: باب ما جاء أن البينة على المدعي. . . .، من أبواب الأحكام. عارضة الأحوذي 6/ 87. وكذلك أخرجه الدارقطني، في سننه 3/ 110، 111. والبيهقي، في السنن الكبرى 10/ 252.
وتقدم تخريجه من حديث ابن عباس في 13/ 241. وليس في بقية المصادر المذكورة هناك هذا اللفظ. وحديث ابن عباس: «لو يعطى الناس بدعواهم. . . . ولكن اليمين على المدعى عليه» . تقدم تخريجه في 12/ 478. وانظر إرواء الغليل 8/ 264 - 267، 279.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 186.
(3)
تقدم تخريجه في 186.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لِوُصُولِها إلى صاحِبِها أبدًا، وهذا يُفَوِّتُ مَقْصُودَ الالْتِقاطِ، ويُفْضِي إلى تَفْويتِ أمْوالِ النّاسِ، وما هذا سَبِيلُه يَسْقُطُ اعْتِبارُ البَيِّنةِ فيه، كالإِنْفاقِ على اليَتِيمِ. والجَمْعُ بين هذا القَوْلِ وبينَ تَفْضِيلِ الالْتِقاطِ على تَرْكِه مُتَناقِضٌ؛ لأنَّ الالْتِقاطَ حِينَئِذٍ يكونُ تَضْيِيعًا لمالِ المُسْلِمِ، وإتْعابًا لنَفْسِه بالتَّعْرِيفِ الذي لا يُفِيدُ، والمُخاطَرَةِ بدِينه بتَرْكِه الواجِبَ مِن تعْرِيفِها، وما هذا سَبِيلُه يَجِبُ أن يكونَ حَرَامًا، فكيف يكونُ فاضِلًا. وعلى هذا نقولُ: لو لم يَجِبْ دَفْعُها بالصِّفَةِ، لم يَجُزِ الْتِقاطُها؛ لِما ذَكَرْناه، وقولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«البَيِّنةُ عَلَى المُدَّعِي» . يَعْنِي إذا كان ثَمَّ مُنْكِرٌ؛ لقولِه في سِيَاقِه: «وَاليَمِينُ عَلَى مَنْ أنْكَرَ» . ولا مُنْكِرَ ههُنا، على أنَّ البَيِّنَةَ تَخْتَلِفُ، وقد جَعَل النبيُّ صلى الله عليه وسلم بَيَّنَةَ مُدَّعِي اللُّقَطَةِ وصْفَها، فإذا وَصَفَها فقد أقامَ بَيِّنَتَه. وقِياسُ اللُّقَطَةِ على المَغْصُوبِ غيرُ صَحِيحٍ؛ فإنَّ النِّزاعَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ثَمَّ في كَوْنِه مَغْصُوبًا، في الأصْلُ عَدَمُه، وقولُ المُنْكِرِ يُعارِضُ دَعْوَاه، فاحْتِيجَ إلى البَيِّنَةِ، وههُنا قد ثَبَت كونُ هذا المالِ لُقَطةً، وأنَّ له صاحِبًا غيرَ مَن هو في يَدِه، ولا مُدَّعِيَ له إلَّا الواصِفُ، وقد تَرَجَّحَ صِدْقُه، فيَنْبَغِي أن يُدْفَعَ إليه.
فصل: ويَدْفَعُها إليه بزِيادَتِها المُتَّصِلةِ والمُنْفَصِلةِ، إذا كان قبلَ الحولِ؛ لأنَّها نماءُ (1) مِلْكِه، فإن وَجَدَها زائِدةً بعدَ الحَوْلِ، أخَذَها بزِيادَتِها المُتَّصِلَةِ؛ لأنَّها تَتْبَعُ في الرَّدِّ بالعَيبِ والإقَالةِ، فتَبعَتْ ههُنا. وإن حَدَث بعدَ الحَوْلِ لها نَماءٌ مُنْفَصِلٌ، فهو للمُلْتَقِطِ؛ لأَنَّه نَماءُ مِلْكِه مُتَمَيِّزٌ لا يَتْبَعُ في الفُسُوخِ، فكان له، كَنَماءِ المَبِيعِ إذا رُدَّ بعَيبٍ. وذكر أبو الخَطَّابِ فيه وَجْهًا آخَرَ، أنَّه يكونُ لصاحِبِ اللُّقَطَةِ، بِنَاءً على المُفْلِسِ إذا اسْتُرْجِعَتْ منه العَينُ بعدَ أن زادَتْ زِيادَةً مُتَمَيِّزةً، والوَلَدِ إذا اسْتَرْجَعَ
(1) سقط من: م.