الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ وَقَفَ عَلَى عَقِبِهِ، أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ، أَوْ ذُرِّيَّتِهِ، دَخَلَ فِيهِ وَلَدُ الْبَنِينَ. وَنُقِلَ عَنْهُ، لَا يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ الْبَنَاتِ. وَنُقِلَ عَنْهُ في الْوَصِيَّةِ، يَدْخُلُونَ فِيهِ. وَذَهَبَ إِلَيهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَهَذَا مِثْلُهُ.
ــ
2582 - مسألة: (وإن وَقَف على عَقِبِه، أو وَلَدِ وَلَدِه، أو ذُرِّيَّتِه)
أو نَسْلِه (دَخَلَ فيه وَلَدُ البَنِين) بغيرِ خِلافٍ عَلِمْناه. وأمّا وَلَدُ البَناتِ، فقال الخِرَقِيُّ: لا يَدْخلُون فيه. وقد قال أحمدُ، في مَن وَقَف على وَلَدِه: ما كان مِن وَلَدِ البَناتِ، فليس لهم فيه شيءٌ. فهذا النَّصُّ يَحْتَمِلُ أن يُعَدَّى إلى هذه المسْألةِ، ويَحْتَمِلُ أن يكونَ مَقْصُورًا (1) في مَن وَقَف على وَلَدِه ولم يَذْكُر وَلَدَ وَلَدِه. وممَّن قال: لا يَدْخُلُ وَلَدُ البَناتِ في الوَقْفِ الذي على أوْلادِه وأوْلادِ أولادِه؛ مالكٌ، ومحمدُ بنُ الحَسَنِ. وكذلك إذا قال: على ذُرِّيَّتِه ونَسْلِه. ورُوِيَ عن أحمدَ أنَّهم يَدْخُلُون في الوَصِيَّةِ،
(1) في م: «مقصودًا» .
وَقَال أَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ حَامِدٍ، رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالى: يَدْخُلُونَ في الْوَقْفِ.
ــ
وذَهَب إليه بعضُ أصْحابِنا. وهذا مثلُه (وقال أبو بكر، وابنُ حامدٍ) يَدْخُلُ فيه وَلَدُ البَناتِ. وهو مَذْهَبُ الشافعيِّ، وأبي يُوسُفَ؛ لأنَّ البَناتِ أوْلادُه، فأوْلادُهُنَّ أوْلادُ أوْلادِه حَقِيقَةً، فيَجِبُ أن يَدْخُلُوا في اللَّفْظِ؛ لتَناوُلِه لهم، بدَلِيلِ قولِه تعالى:{وَنُوحًا هَدَينَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيمَانَ} . إلى قوله: {وَعِيسَى} (1). وهو وَلَدُ بِنْتِه، فجَعَلَه مِن ذُرِّيَّتِه، ولذلك ذَكَر اللهُ تعالى قِصَّةَ إبراهيمَ وعيسى وموسى وإسماعيلَ وإدْرِيسَ، ثم قال:{أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ} (2). وعيسى معهم، ولَمّا قال اللهُ تعالى:{وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ} (3). دَخَل في التَّحْرِيمِ حَلائِلُ أبناءِ البَناتِ، وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم للحَسَنِ: «إنَّ ابْنِي هذا
(1) سورة الأنعام 84، 85.
(2)
سورة مريم 58.
(3)
سورة النساء 23.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
سَيِّدٌ» (1). ووَجْهُ الرِّوايةِ الأُولَى، أنَّهم لم يَدْخُلُوا في قولِ اللهِ تعالى:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} (2). ولأنَّه لو وَقَف على وَلَدِ فُلانٍ وقد صاروا قَبِيلةً، دَخَل فيه ولَدُ البَنِين دُونَ ولَدِ البَناتِ، وكذلك قبلَ أن يَصِيرُوا قَبِيلَةً؛ لأنَّ وَلَدَ البَناتِ مَنْسُوبُونَ إلى آبائِهم دُونَ أُمَّهاتِهم، قال الشاعرُ:
بَنُونا بَنُو أبْنائِنا وبَناتُنا
…
بَنُوهنَّ أبْناءُ الرِّجالِ الأباعِدِ
(1) تقدم تخريجه في 7/ 288.
(2)
سورة النساء 11.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقولُهم: إنَّهم أوْلادُ أوْلادِه حَقِيقَةً. قُلْنا: [إنَّهم لا](1) يَنْتَسِبُونَ إلى الواقِفِ عُرْفًا، وكذلك لو قال: أوْلاد أوْلادِي المُنْتَسِبِين إليَّ. لم يَدْخُلُوا في الوَقْفِ. ولأنَّ وَلَدَ الهاشِمِيَّةِ مِن غيرِ الهاشِمِيِّ ليس بهاشِمِيٍّ، ولا يَنْتَسِبُ إلى أبيها. وأمّا عيسى عليه السلام، فلم يَكُنْ له نَسَبٌ يَنْتَسِبُ إليه، فنُسِبَ إلى أُمِّه (2). وقولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم للحَسَنِ:«إنَّ ابْنِي هذا سَيِّدٌ» . مجازٌ بالاتِّفاقِ، بدَلِيلِ قول الله تعالى:{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} (3). والقولُ بأنَّهم يَدْخَلُون أصحُّ وأقْوَى دَلِيلًا؛ لأنَّهم أوْلادُ أوْلادِه حَقِيقةً. فأمّا قِياسُهم على ما إذا كانُوا قَبِيلَةً، فيُفارِقُ ما إذا وَقَف على وَلَدِ فُلانٍ وليسُوا قَبِيلَةً؛ لأنَّه لو وَقَف على بَنِي فُلانٍ وهم قبيلةٌ، دَخَل فيه البَناتُ، بخِلافِ ما إذا وَقَف على بَنِي إنْسانٍ حَيٍّ أو مَيِّتٍ، وليسُوا قَبِيلَةً. وقِياسُهم على ما إذا قال: وَقَفْتُ على وَلَدِ ولَدِي المُنْتَسِبِين إليَّ. لا يَصِحُّ؛ لأنَّهم خَرَجُوا مِن الوَقْفِ لكَوْنِهم لا يَنْتَسِبُون. وباقِي الأدِلَّةِ ضَعِيفةٌ جِدًّا.
(1) في م: «لأنهم» .
(2)
في م: «الله» .
(3)
سورة الأحزاب 40.