الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ تَسَاوَيَا وَتَشَاحَّا، أُقْرِعَ بَينَهُمَا.
ــ
2534 - مسألة
(1): (فإن تَساوَيا وتَشاحّا، أُقْرِعَ بينهما) إذا تَساوَيا في الأوْصافِ التي تَقتَضِي تَقديمَ أحَدِهما على الآخرِ، فرَضِيَ أحَدُهُما بتَسْليمِه إلى صاحِبِه، جازَ؛ لأنَّ الحَقَّ له، فلا يُمْنَعُ مِن الإِيثارِ به. وإن تَشاحّا أُقْرِعَ بينهما؛ لقَوْلِه تعالى:{وَمَا كُنْتَ لَدَيهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} (2). ولأنَّه لا يُمْكِنُ كَوْنُه عندَهما في حالةٍ واحدةٍ. وإن تَهايَآهُ يومًا ويَوْمًا أو أكْثَرَ، أضَر بالطِّفْلِ؛ لاخْتِلافِ الأغْذِيَةِ عليه والأُنْسِ والإِلْفِ، ولا يُمْكِنُ دَفْعُهْ إلى أحَدِهما بغيرِ قُرْعَةٍ؛ لأنَّ حَقَّهُما مُتَساوٍ، فتَقْدِيمُ أحَدِهما بغيرِ قُرْعَةٍ تَحكُّم لا يجوزُ، فتَعَيَّنَ الإقْراعُ بينهما، كما يُقْرَعُ بينَ الشُّرَكاءِ في تَعْيِينِ السِّهام في القِسْمَةِ، وبينَ النِّساء في البِدايَةِ بالقِسْمَةِ، وبينَ العَبيدِ في الإعْتاقِ. والرَّجُلُ والمرأةُ سَوَاءٌ، ولا تُرَجَّحُ المرأة ههُنا كما تُرَجَّحُ في حَضانَةِ وَلَدِها على أبِيه؛ لأنَّها رُجِّحَتْ ثَمَّ لشَفَقَتِها على وَلَدِها، وتَوَلِّيها لحَضانَتِه بنَفْسِها والأبُ يَحْضُنُه بأجْنَبيَّةٍ، فكانت أُمُّه أحَظَّ له وأرْفَقَ به، أمّا ههُنا فهي أجْنَبِيَّةٌ مِن اللَّقِيطِ، والرَّجُلُ
(1) سقط من: م.
(2)
سورة آل عمران 44.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَحْضُنُه بأجْنَبِيَّةٍ، فاسْتَوَيا. ومَذْهَبُ الشافعيِّ [في هذا](1) على ما ذَكَرْنا. فإن كان أحَدُهُما مَسْتُورَ الحالِ والآخَرُ ظاهِرَ العَدَالةِ، احْتَمَل تَرجِيحُ ظاهِرِ العَدالةِ؛ لأنَّ المانِعَ مِن الالْتِقاطِ مُنْتَفٍ في حَقِّه بغيرِ شَكٍّ، والآخرَ مَشْكُوكٌ فيه، فيكونُ الحَظُّ للطِّفْلِ في تَسْلِيمِه إليه أتَمَّ. ويَحْتَمِلُ أن يتَساوَيا، لأنَّ احْتِمال وُجُودِ المانِعِ لا يؤَثِّرُ في المَنْعِ، فلا يُوثِّرُ في التَّرْجِيحِ.
فصل: وإن رَأياهُ جميعًا، فسَبَقَ (2) أحَدُهُما فأخَذَه، أو وَضَع يَدَه عليه، فهو أحَقُّ به؛ لقولِه، عليه السلام:«مَنْ سَبَقَ إلَى مَا لَمْ يَسْبِقْ إلَيهِ مُسْلِمٌ، فَهُوَ أحَقُّ بِهِ» (3). فإن رَآه أحَدُهما قبلَ صاحِبِه، فسَبَقَ إلى أخْذِه الآخَرُ، فالسّابِقُ إلى أخْذِه أحَقُّ؛ لأنَّ الالْتِقاطَ هو الأخْذُ دُونَ الرُّؤْيَةِ. فإن قال أحَدُهُما لصاحِبِه: نَاولْنِيه. فأخَذَه الآخَرُ، نَظَرْنا إلى نِيَّتِه؛ فإن نَوَى أخْذَه لنَفْسِه، فهو أحَقُّ به، كا لو لم يَأْمُرْه الآخَرُ بمُناولَتِهِ إيّاه، وإن نَوَى مُناوَلَتَه فهو للآخَرِ؛ لأنَّه فَعَل ذلك بِنيَّةِ النِّيابَةِ عنه، فأشْبَهَ ما لو تَوَكَّلَ له في تَحْصِيلِ مُباحٍ.
(1) سقط من: م.
(2)
بعده في م: «إليه» .
(3)
تقدم تخريجه في 5/ 291.