الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يُشْتَرطُ إِخْرَاجُ الْوَقْفِ عَنْ يَدِهِ، فِي إحْدَى الرِّوَايَتَينِ.
ــ
2570 - مسألة: (ولا يُشْتَرَطُ إخْراجُ الوَقْفِ عن يَدِه، في إحْدَى الرِّوايَتَين)
ظاهِرُ المَذْهَبِ أنَّ الوَقْفَ يَزُولُ به مِلْكُ الواقِفِ، ويَلْزَمُ بمُجَرَّدِ اللَّفْظِ؛ لأنَّ الوَقْفَ يَحْصُلُ به. وعن أحمدَ، أنَّه لا يَلْزَمُ إلَّا بالقَبْضِ وإخْراجِ الوَقْفِ عن يَدِه؛ فإنَّه قال: الوَقْفُ المَعْرُوفُ أن يُخْرِجَه مِن يَدِه إلى غيرِه، يُوَكِّلَ فيه مَن يَقُومُ به. اخْتارَه ابنُ أبي موسى، وهو قولُ محمدِ بنِ الحَسَنِ؛ لأنَّه تَبَرُّع بمالٍ لم يُخرِجْه عن المالِيَّةِ، فلم يَلْزَمْ بمُجَرَّدِه، كالهِبَةِ، والوَصِيَّةِ. ولَنا، ما رَوَيناه مِن حَدِيثِ عُمَرَ، ولأنه تَبَرُّع يَمْنَعُ البَيعَ والهِبَةَ والمِيراثَ، فيَلْزَمُ (1) بمُجَرَّدِه، كالعِتْقِ، ويُفارِقُ الهِبَةَ؛ فإنَّها تَمْلِيك مُطْلَق، والوَقْفُ تَحْبِيسُ الأصْلِ وتَسْبِيلُ المَنْفَعَةِ، فهو بالعِتْقِ أشْبَهُ، وإلْحاقُه به أوْلَى.
(1) في الأصل: «فلم يلزم» .
فَصْلٌ: وَيَمْلِكُ الْمَوْقُوفُ عَلَيهِ الْوَقْف. وَعَنْهُ لَا يَمْلِكُهُ.
ــ
فصل: قال، رضي الله عنه:(ويَمْلِكُ المَوْقُوفُ عليه الوَقْفَ. وعنه، لا يَمْلِكُه) ظاهِرُ المَذْهَبِ، أنَّ المِلْكَ يَنْتَقِلُ في المَوْقُوفِ إلى المَوْقُوفِ عليه. قال أحمدُ: إذا وَقَف دارَه على وَلَدِ أخِيه، صارت لهم. وهذا يَدُلُّ على أنَّهم مَلَكُوه. ورُوِيَ عن أحمدَ، أنَّه لا يُمْلَكُ، فإنَّ جَماعَةً نَقَلُوا عنه، في مَن وَقَف على وَرَثَتِه في مَرَضه: يجوزُ؛ لأنَّه لا يُباعُ ولا يُورَثُ، ولا يَصِيرُ مِلْكًا للوَرَثَةِ، وإنَّما يَنْتَفِعُون بغَلَّتِها. وهذا يَدُلُّ بظاهِرِه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
على أنَّهمِ لا يَمْلِكُون. ويحْتَمِلُ أن يُرِيدَ بقَوْلِه: لا يَمْلِكُون. أي لا يَمْلِكُون التَّصَرُّف في الرَّقَبَةِ، فإن فائِدَةَ المِلْلص وآثارَه ثابِتَة في الوَقفِ. وعن الشافعيِّ مِن الاخْتِلافِ نحوُ ما حَكَيناه. وقال أبو حنيفةَ: لا يَنتقِلُ المِلْكُ في الوَقْفِ اللَّازِمِ، بل يكونُ حَقًّا للهِ تعالى؛ لأَنه إزالةُ مِلْك عن العَينِ والمَنْفَعَةِ على وَجْهِ القُرْبَةِ بتَمْلِيكِ المَنْفَعَةِ، فانْتقَلَ إلى اللهِ تعالى، كالعِتْقِ. ولَنا، أنَّه سَبَب يُزِيلُ مِلْكَ الواقِفِ، وُجدَ (1) إلى مَن يَصِحُّ تَمْلِيكُه على وَجْهٍ لم يُخْرِجِ المال عن مالِيَّته، فوَجَب أَن يَنْقُلَ المِلْكَ إليه، كالهِبَةِ والبَيعِ، ولأنَّه لو كان تَمْلِيك المَنْفَعَةِ المُجَردَةِ، لم يَلْزَمْ، كالعارِيَّةِ والسُّكْنَى، ولم يَزُلْ مِلْكُ الواقِفِ عنه، كالعارِيَّةِ، ويُفارِقُ العِتْقَ، فإنَّه أخْرَجَه عن المالِيَّةِ، وامْتِناعُ التصَرُّفِ في الرّقَبةِ لا يَمْنَعُ المِلْكَ، كأمِّ الوَلَدِ.
(1) في م: «وجه» .