الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ قَال: إِنِّي كَافِرٌ. لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُرْتَدِّ. وَقِيلَ: يُقْبَلُ قَوْلُه إلا أنْ يَكُونَ قَدْ نَطَقَ بِالإسْلَامِ وَهُوَ يَعْقِلُهُ.
ــ
قَوْلُه فيه. وقيلَ: تَجِبُ الزِّيادَةُ في بَيتِ المالِ؛ لأنَّ ذلك كان واجِبًا للمَجْنِيِّ عليه، فلا يُقْبَلُ قَوْلُه في إسْقاطِه. وإن جُنِيَ عليه جِنايَةٌ مُوجِبَةٌ للقَوَدِ، وكان الجانِي حُرًّا، سَقَط؛ لأنَّ الحُرَّ لا يُقادُ بالعَبْدِ، وقد أقَرَّ المَجْنِيُّ عليه بما يُسْقِطُ القِصَاصَ. وإن كانت مُوجِبَةً للمالِ تَقِلُّ بالرِّقِّ، وَجَب أقَلُّ الأمْرَينِ. وإن كان مُساويًا للواجِبِ قَبْلَ الإِقْرارِ، وَجَب، ويَدْفَعُ الواجِبَ إلى سَيِّدِه. وإن كان الواجِبُ يَكْثُرُ؛ لكَوْنِ قِيمَتِه عَبْدًا أكْثَرَ مِن دِيَتِه حُرًّا، لم يَجِبْ إلَّا أرْشُ الجِنايَةِ على الحُرِّ. وإن قُلْنا: يُقْبَلُ قَوْلُه في جميعِ الأحْكامِ. وَجَب أرْشُ الجِنايةِ على العَبْدِ. وإن كل الأرْشُ تَحْمِلُه العاقِلَةُ إذا كان حُرًّا، سَقَط عن العاقِلَةِ، ولم يَجِبْ على الجانِي؛ لأنَّ إقْرارَه بالرِّقِّ يتَضَمَّنُ إقْرارَه بالسُّقُوطِ عن العاقِلَةِ، ولم يُقْبَلْ إقْرارُه على الجانِي، فسَقَطَ. وقيلَ: لا يَتَحَوَّلُ عن العاقِلَةِ. وعلى قولِ مَن قال: يُقْبَلُ إقْرارُه في الأحْكامِ كلِّها. يُوجِبُ الأرْشَ على الجانِي. واللهُ أعْلَمُ.
2544 - مسألة: (وإن قال: إنِّي كافِرٌ. لم يُقْبَلْ قَوْلُه، وحُكْمُه حُكْمُ المُرْتَدِّ. وقيل: يُقْبَلُ، إلَّا أن يكونَ قد نَطَق بالإسْلامِ وهو يَعْقِلُه)
وجُمْلَةُ ذلك، أنّا في المَوْضِعِ الذي حَكَمْنا بإسْلامِ اللَّقِيطِ، إنَّما ذلك
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ظاهِرًا لا يَقِينًا؛ لاحْتمالِ أن يكونَ وَلَدَ كافِرَين، ولهذا لو أقامَ كافِرٌ بَيِّنَةً أنَّه وَلَدُه وُلِدَ على فِراشِه، حَكَمْنا له به. وسَنَذْكُرُ ذلك. ومَتَى بَلَغ اللَّقِيطُ حَدًّا يَصِحُّ فيه إسْلامُه ورِدَّتُه فوَصَفَ الإسْلامَ، فهو مُسْلِمٌ، سواءٌ كان مِمَّن حُكِمَ بإسْلامِه أو كُفْرِه، ولا يُقْبَلُ إقْرارُه بالكُفْرِ بعدَ ذلك؛ لأنَّه إنْكارٌ بعدَ إقْرارِه، فلا يُقْبَلُ، كغَيرِه. وإن وَصَفَ الكُفْرَ وهو مِمَّنْ حُكِمَ بإسْلامِه بالدّارِ، فهو مُرْتَدٌّ لا يُقَرُّ على كُفْرِه. وبهذا قال أبو حنيفةَ. وذَكَرَ القاضِي وَجْهًا، أنَّه يُقَرُّ على كُفْرِه. وهو مَنْصُوصُ الشافعيِّ؛ لأنَّ قَوْلَه أقْوَى مِن ظاهِرِ الدّارِ. وهذا وَجْهٌ بَعِيدٌ؛ لأنَّ دَلِيلَ الإسْلامِ وُجِدَ عَرِيًّا عن المُعَارِضِ، فثَبَتَ حُكْمُه واسْتَقَرَّ، فلا يَجُوزُ
فصْلٌ: وَإنْ أقَرَّ إنْسَانٌ أَنَّهُ وَلَدُهُ، أُلحِقَ بِهِ، مُسْلِمًا كَانَ أوْ كَافِرًا، رَجُلًا كَانَ أَو امْرَأةً، حَيًّا كَانَ اللَّقِيطُ أوْ مَيِّتًا.
ــ
إزالةُ حُكْمِه، كما لو كان ابْنَ مُسْلِمٍ. ولأنَّ قَوْلَه لا دَلالةَ فيه أصْلًا؛ لأنَّه لا يَعْرِفُ في الحالِ مَن كان أبُوه، ولا ما كان دِينُه، وإنَّما يَقُولُ هذا مِن تِلْقاءِ نَفْسِه. فعلى هذا، إذا بَلَغ اسْتُتِيبَ ثَلاثًا، فإن تاب وإلَّا قُتِلَ. فأمّا على قَوْلِهم، فقال القاضِي: إن وَصَف كُفْرًا يُقَرُّ عليه بالجِزْيَةِ، عُقِدَتْ له الذِّمَّةُ، فإنِ امْتَنَعَ مِن التِزامِها، ووصَفَ كُفْرًا لا يُقَرُّ أهْلُه عليه، أُلْحِقَ بمَأْمَنِه. قال شيَخُنا (1): وهذا بَعِيدٌ جِدًّا؛ فإنَّ هذا اللَّقِيطَ لا يَخْلُو إمّا أن يكونَ ابْنَ حَرْبِيٍّ، فهو حاصِلٌ في أيدِي المُسْلِمِينَ بغيرِ عَهْدٍ ولا عَقْدٍ، فيكونُ لواجِدِه، ويَصِيرُ مُسْلِمًا بإسْلامِ سابِيه، أو يكونَ ابْنَ ذِمِّيَّين، أو أحَدُهما ذِمِّيٌّ، فلا يُقَرُّ على الانْتِقالِ إلى غيرِ دِينِ أهْلِ الكِتَاب، أو يكونَ ابْنَ مُسْلم أو مُسْلِمَين، فيكونَ مُسْلِمًا. وقد قال أحمدُ، في أَمَةٍ نَصْرانِيَّةٍ وَلَدَتْ مِن فُجُورٍ: وَلَدُها مُسْلِمٌ؛ لأنَّ أبَوَيه يُهَوِّدانِه ويُنَصِّرانِه، وهذا ليس معه إلَّا أُمُّهُ. وإذا لم يَكُنْ لهذا الوَلَدِ حالٌ يَحْتَمِلُ أن يُقَرَّ فيها على دِينٍ لا يُقَرُّ أهْلُه عليه، فكَيفَ يُرَدُّ إلى دارِ الحَرْبِ!
فصل: قال الشيخُ، رحمه الله:(وإن أقَرَّ إنْسانٌ أنَّه وَلَدُه، أُلْحِقَ به، مُسْلِمًا كان أو كافِرًا، رَجُلًا أو امْرَأةً، حيًّا كان اللَّقِيطُ أو مَيِّتًا) وجملةُ
(1) في: المغني 8/ 352.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ذلك، أنَّه إذا ادَّعَى مدَّعٍ نَسَبَ اللَّقِيطِ، لم يَخْلُ مِن قِسْمَينِ؛ أحدُهما، أن يَدَّعِيَه واحدٌ يَنْفرِدُ بدَعْوَتِه، فإن كان المدَّعِي حُرًّا مُسْلِمًا، لَحِقَه نَسَبُه إذا أمْكَنَ أن يكُونَ منه، بغيرِ خِلافٍ بينَ أهْلِ العِلْمِ؛ لأنَّ الإِقْرارَ مَحْضُ نَفْعٍ للطِّفْلِ لاتِّصالِ نَسَبِه، ولا ضَرَرَ على غيرِه فيه، فَقُبِلَ، كما لو أقَرَّ له بمالٍ. فإن كان المُقِرُّ به مُلْتَقِطَه أُقِرَّ في يَدِه. وإن كان غيرَه، فله أن يَنْتَزِعَه مِن المُلْتَقِطِ؛ لأنَّه قد ثَبَت أنَّه أبُوه، فيكونُ أحَقَّ به، كما لو قامَتْ به بَيِّنَةٌ.
فصل: فإن كان المُدَّعِي عَبْدًا، أُلْحِقَ به؛ لأنَّ لمَائِهِ حُرْمَةً، فلَحِقَ به نَسَبُهُ، كالحُرِّ. وهذا قولُ الشافعيِّ، وغيرِه، غيرَ أنَّه لا تَثْبُتُ له حَضانَةٌ؛ لأنَّه مَشْغولٌ بخِدْمَةِ سَيِّدِه، ولا تَجِبُ عليه نَفَقَتُه؛ لأنَّه لا مال له، ولا تَجِبُ على سَيِّدِه؛ لأنَّ الطِّفْلَ مَحْكُوم بحُرِّيَّتِه. فعلى