الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ وَقَفَ عَلَى قَرَابَتِهِ، أوْ قَرَابَةِ فُلَانٍ، فَهُوَ لِلذَّكَرِ وَالأُنْثَى مِنْ أوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أبِيهِ وَجَدِّهِ وَجَدِّ أَبِيهِ، لِأنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَتَجَاوَزْ بِسَهْمِ ذَوي الْقُرْبَى بَنِي هَاشِمٍ. وَعَنْهُ، إِنْ كَانَ يَصِلُ قَرَابَتَهُ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ في حَيَاتِهِ صُرِفَ إِلَيهِمْ، وَإلَّا فَلَا.
ــ
نحنُ جَوارٍ مِن بَنِي النَّجارِ
…
يا حَبَّذا محمدٌ مِن جارِ (1)
ويقال: امْرَأةٌ مِن بَنِي هاشِمٍ. ولا يَدْخُلُ ولَدُ البَناتِ فيهم؛ لأنَّهم لا يَنْتَسِبُون إلى القَبِيلةِ.
2586 - مسألة: (وَإنْ وَقَفَ عَلَى قَرَابَتِهِ، أوْ قَرَابَةِ فُلَانٍ، فَهُوَ لِلذَّكَرِ وَالأُنْثَى مِنْ أوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أبِيهِ وَجَدِّهِ وَجَدِّ أَبِيهِ، لِأنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَتَجَاوَزْ بِسَهْمِ ذَوي الْقُرْبَى)
وجُمْلة ذلك، أنَّ الرجل إذا وَقَف على قَرابَتِه أو قَرابَةِ فُلانٍ، صُرِف الوَقْفُ إلى الذَّكَرِ والأُنْثَى مِن أوْلادِه وأوْلادِ أبِيه وجَدِّه وجَدِّ أبِيه، ويَسْتَوي فيه الذَّكَرُ والأُنْثَى، ولا يَنْصَرِفُ
(1) انظر: سبل الهدى والرشاد 3/ 390.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إلى مَن هو أَبْعَدُ منهم شيءٌ؛ لأنَّ اللهَ تعالى لمّا قال: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} (1). يَعْنِي قُرْبَى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أعْطَى النبيُّ صلى الله عليه وسلم أوْلادَه وأوْلادَ عبدِ المُطَّلِبِ وأوْلادَ هاشِمٍ، ذكَرَهم وأُنْثاهم، ولم يُعْطِ مَن هو أَبعدُ منهم، كبَنِي عبدِ شَمسٍ وبَنِي نَوْفِلٍ شيئًا، إلَّا أنَّه أعْطَى بَنِي المُطَّلِبِ بنِ عبدِ مَنافٍ، وعَلَّلَ عَطِيَّتَهَم بأنَّهم لم يُفارِقُوا بَنِي هاشِم في جاهِلِيَّةٍ ولا إسْلَام (2). ولم يُعْطِ قَرابةَ أُمِّه، وهم بَنُو زُهْرَةَ شيئًا، ولم يُعْطِ منهم إلَّا مُسْلِمًا. فَحُمِل مُطْلَقُ كلامِ الواقِفِ على ما حُمِل عليه المُطْلَقُ مِن كلام الله تعالى، وفُسِّرَ بما فُسِّرَ به. ويُسَوَّى بينَ قَرِيبِهم وبعيدِهم، وذَكَرِهم وأُنْثاهم؛ لأنَّ اللَّفْظَ يَشْمَلُهم، وبينَ الكَبِيرِ والصَّغِيرِ، والغَنِيِّ والفَقِيرِ؛ لذلك. ولا يَدْخُلُ فيه الكُفّارُ؛ لأنَّهم لم يَدْخلوا في المُسْتَحِقِّ مِن قُرْبَى النبيِّ صلى الله عليه وسلم. وهذا اخْتِيارُ الخِرَقِيِّ.
(1) سورة الحشر 7.
(2)
انظر ما تقدم في 7/ 307.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقد نَقَل عبدُ اللهِ، وصالِحٌ، عن أبِيهما رِوايةً أُخْرَى، أنَّه يُصْرَفُ إلى قَرابَةِ أُمِّه، إن كان يَصِلُهم في حَياتِه؛ كإخْوَتِه مِن أُمِّه، وأخْوالِه، وخَالاتِه، وإن كان لا يَصِلُهم في حَياتِه، لم يُعْطَوْا شيئًا؛ لأنَّ صِلَتَه إيّاهم في حَياتِه قَرِينة دالَّة على إرادَتِهم بصِلَتِه هذه. وعنه رِواية ثالثةٌ، أنَّه يُجاوزُ بها أرْبعةَ آباءٍ. ذَكَرَها ابنُ أبي موسى في «الإِرْشادِ» ، وهي تَدُلُّ على أنَّ لَفْظَه لا يَتَقَيَّدُ بالقَيدِ الَّذي ذكَرْناه. فعلى هذا، يُعْطَي كلُّ مَن يُعْرَفُ بقَرَابَتِه مِن قِبَلِ أبيه وأُمِّهِ، الذين يَنْتَسِبُون إلى الأبِ الأدْنى. وهذا مَذْهَبُ الشافعيِّ؛ لأنَّهم قَرابَة، فيَتَناوَلُهم الاسْمُ، ويَدْخُلُون في عُمُومِه. وإعطاءُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بعضَ قَرابَتِه تَخْصِيصًا لا يَمْنَع مِن العَمَلِ بالعُمُومِ في غيرِ هذا الموضِعِ. وقال أبو حنيفةَ: قَرابَتُه كلّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَم، فيُعْطَى مِن أدْناهم اثْنان فصاعِدًا، فإذا كان له عَمٌّ وخالان، أُعْطِي عَمُّه النِّصْفَ وخالاه النِّصْفَ. هكذا رُوِيَ عنه فيما إذا أوْصَى لقَرابَتِه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقال قَتادَةُ: للأعْمامِ الثُّلُثان، وللأخْوالِ الثُّلُثُ. وهو قولُ الحَسَنِ. قال: ويُزادُ الأقْرَبُ بعضَ الزِّيادَة. وقال مالِكٌ: يُقْسَمُ على الأقْرَبِ فالأقْرَبِ بالاجْتِهادِ. ولَنا، أنَّ هذا لَه عُرْفٌ في الشَّرْعِ، وهو ما ذَكَرْناه، فيَجِبُ حَمْلُه عليه وتَقْدِيمُه على العُرْفِ اللُّغَويِّ، كالوضوءِ والصلاةِ والصوْمِ والحَجِّ، ولا وَجْهَ لتَخْصِيصِه بذِي الرَّحِمِ المَحْرَمِ، فإنَّ اسْمَ القَرابَةِ يَقَعُ على غيرِهم عُرْفًا وشَرْعًا، وقد يُحَرَّمُ على الرجلِ رَبِيبَتُه وأُمَّهاتُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نِسائِه، ولا قَرَابةَ لهم، وتَحِلُّ له ابْنةُ عَمِّه وخالِه، وهُنَّ مِن أقارِبِه، وما ذَكَرُوه مِن التَّفْضِيلِ (1) لا يَقْتَضِيه اللَّفْظُ، ولا يَدُلُّ عليه دَلِيلٌ، فالمَصِيرُ إليه تَحَكُّمٌ. فأمّا إن كان في لَفْظِه ما يَدُلُّ على إرادَةِ قَرابَةِ أُمِّه، كقَوْلِه: وتُفَضَّلُ قَرابَتِي مِن جِهَةِ أبِي على قَرابَتِي مِن جِهَةِ أُمِّي. أو قولِه: إلَّا ابْنَ خالتِي فُلانًا. أو نحوَ ذلك، أو قَرِينةٍ تُخْرِجُ بعضَهم، عُمِل بما دَّلَّتْ عليه القَرِينَةُ، لأنَّها تَصْرِفُ اللَّفْظَ عن ظاهِرِه إلى غيرِه.
(1) في ر 1: «التفصيل» .