الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ تَلِفَتْ أَوْ نَقَصَتْ قَبْلَ الْحَوْلِ، لَمْ يَضْمَنْهَا، وَإنْ كَانَ بَعْدَهُ ضَمِنَهَا.
ــ
أبُوه ما وَهَبَه له بعدَ زِيادَتِه المُنْفَصِلَةِ. والصَّحِيحُ أنَّ الزِّيادَةَ للمُلْتَقِطِ؛ لِما ذَكَرْناه، وكذلك الصَّحِيحُ في المَوْضِعَين اللَّذَين ذكَرَهما أنَّ الزِّيادَةَ لمن حَدَثَتْ في مِلْكِه. ثم الفَرْقُ بينَهما أنَّه في مَسألَتِنا يَضْمَنُ النَّقْصَ، فتكونُ الزِّيادَةُ له؛ ليكونَ الخَرَاجُ بالضَّمانِ، وثَمَّ لا ضَمانَ عليه، فأمْكَنَ أن لا يكونَ الخَرَاجُ له (1). ومتى اخْتَلَفَا في القِيمَةِ أو المِثْلِ، فالقَوْلُ قولُ المُلْتَقِطِ مع يَمِينه، إذا كانتِ اللُّقَطَةُ قد اسْتُهْلِكَت في يَدِ المُلْتَقِطِ؛ لأنَّه غارِمٌ.
2513 - مسألة: (وإن تَلِفَتْ أو نَقَصَتْ قبلَ الحَوْلِ، لم يَضْمَنْها، وبعدَه يضْمَنُها)
لأنَّها أمانةٌ في يَدِه، إلَّا أن تكونَ تَلِفَتْ أو نَقَصَتْ
(1) سقط من: الأصل، م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بتَفْرِيطِه، كالوديعَةِ. وإن أتْلَفَهَا المُلْتَقِطُ أو تَلِفَتْ بتَفْرِيطِه، ضَمِنَها بمِثْلِها إن كانت مِن ذواتِ الأمْثالِ، أو بقِيمَتِها إن لم تكُنْ مِثْلِيَّةً. قال شَيخُنا (1): لا أعْلَمُ فيه خِلافًا. وإن تَلِفَتْ بعدَ الحَوْلِ، ثَبَت في ذِمَّتِه مِثْلُها أو قِيمَتُها بكلِّ حالٍ؛ لأنَّها دَخَلَتْ في مِلْكِه، وتَلِفَتْ من مالِه، وسواءٌ فَرَّطَ أو لم يُفَرِّطْ. وإن وَجَد العَينَ ناقِصَةً بعدَ الحَوْل، أخَذَ العَينَ وأَرْشَ النَّقْصِ؛ لأنَّ جَمِيعَها مَضْمُونٌ إذا تَلِف، فكذلك أَرْشُ نَقْصِها. وهذا قولُ أكْثَرِ العُلَماءِ الَّذِين حَكَمُوا بمِلْكِه لها بمُضِيِّ حَوْلِ التَّعْرِيفِ. فأمّا مَن قال: لا يَمْلِكُها إلَّا باخْتِيارِه. لم يُضَمِّنْه إيّاها حتى يَتَمَلَّكَها، وحُكْمُها قبلَ ذلك كَحُكْمِها قبلَ مُضِيِّ حَوْلِ التَّعْرِيفِ. ومَن قال: لا يَمْلِكُ اللُّقَطَةَ بحالٍ. لم يُضَمِّنْه إيّاها. وبهذا قال الحَسَنُ، والنَّخَعِيُّ، وأبو مِجْلَزٍ، والحارِثُ العُكْلِيُّ، [ومالِكٌ](2)، وأبو يُوسُفَ، قالوا: لا يَضْمَنُ، وإن ضاعتْ بعدَ الحَوْلِ. وقد ذَكَرْنا فيما تَقَدَّمَ دَلِيلَ دُخُولِها في مِلْكِه. وقال داوُدُ: إذا تَمَلَّكَ العَينَ وأتْلَفَها، لم يَضْمَنْها. وحَكَى ابنُ أبي مُوسَى،
(1) في: المغني 8/ 313.
(2)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عن أحمدَ، أنَّه لَوَّحَ إلى مِثْلِ هذا القولِ؛ لحَدِيثِ عِياض، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:«فَإِنْ جَاءَ رَبُّها، وَإلَّا فَهُوَ مَالُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ» (1). وقولِه في حَدِيثِ أُبَيِّ بنِ كعْبٍ: «فَإِنْ جَاءَ مَنْ يَعْرِفُها، وَإلَّا فَهِيَ كَسَبِيلِ مالِكَ» (2). وفي حَديثِ زَيدٍ: «فإنْ جَاءَ صَاحِبُها، وإِلَّا فَشَأنَكَ بِهَا» (3). ورُوِيَ «فَهِيَ لَكَ» . ولم يَأْمُرْهُ بِرَدِّ بَدَلِها. ولَنا، قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«فَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ فَاسْتَنْفِقْها، وَلْتَكُنْ وَدِيعَةً عِنْدَكَ، فَإن جَاء طَالِبُها يَوْمَا مِنَ الدَّهْرِ فَادفَعْهَا إلَيهِ» (4). قال الأثْرَمُ: قال أحمدُ: أذْهَبُ إلى حَدِيثِ الضَّحّاكِ بنِ عُثْمَانَ. جَوَّدَه، ولم يَروه أحَدٌ مثلَ ما رَوَاهُ:«إنْ جَاءَ صَاحِبُها بَعدَ سَنةٍ وَقَد أَنفَقَهَا، رَدَّها اليهِ» (5). ولأنَّها عَينٌ يَلْزَمُه رَدُّها لو كانت باقِيةً، فيَلْزَمُه ضَمانُها إذا أتْلَفَها، كما قَبْلَ الحَوْلِ، ولأنَّه مالُ مَعْصُومٍ، فلم يَجُزْ إسْقاطُ حَقِّه منه مُطْلَقًا، كما لو اضْطُرَّ إلى مالِ غيرِه.
(1) تقدم تخريجه في صفحة 235.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 227.
(3)
تقدم تخريجه في صفحة 186.
(4)
تقدم تخريجه في صفحة 186.
(5)
تقدم تخريجه في صفحة 186.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن وَجَد العَينَ بعدَ خرُوجِها مِن مِلْكِ المُلْتَقِطِ ببَيعٍ أو هِبَةٍ أو نحوهما، لم يكُنْ له أخْذُها، وله أخْذُ بَدَلِها؛ لأنَّ تَصرُّفَ المُلْتَقِطِ وَقَع صَحيحًا؛ لأنَّه مَلَكَها. فإن صَادَفَها وقد عادَتْ إلى المُلْتَقِطِ بفَسْخٍ أو شِراءٍ أو غيرِ ذلك، فله أخْذُها؛ لأنَّه وَجَد عَينَ مالِه في يَدِ مُلْتَقِطِه، فكان له أخْذُها، كالزَّوْجِ إذا طَلَّقَ قبلَ الدُّخُولِ فوَجَدَ الصَّداقَ قد رَجَع إلى المَرْأةِ. وسائِرُ أحْكامِ (1) الرُّجُوعِ ههُنا كَحُكْمِ رُجُوعِ الزَّوْجِ، على ما نَذْكُرُه، إن شاء الله تعالى.
(1) سقط من: م.