الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُنْفَقُ عَلَيهِ مِنْ بَيتِ الْمَالِ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَا يُنْفَقُ عَلَيهِ.
ــ
والثَّورِيُّ، والشافعيُّ، وإسحاقُ، وأصحابُ الرَّأْي، ومَن تَبِعَهُم. وقال النَّخَعِيُّ: إنِ الْتَقَطَه للْحِسْبَةِ، فهو حُرٌّ، وإن كان أرادَ أن يَسْتَرِقَّه، فذلك له. وهذا قولٌ شَذَّ فيه عن الخُلَفاء والعُلَماءِ، ولا يَصِحُّ في النَّظرَ، فإنَّ الأصْلَ في الآدَمِيِّينَ الحُرِّيَّةُ، فإنَّ الله تعالى خَلَق آدمَ وذُرِّيَّتَهَ أحْرارًا، وإنَّما الرِّقُّ لعارِض، فإذا لم يُعْلَمْ ذلك العارِضُ، فله حُكْمُ الأصْلَ.
2521 - مسألة: (يُنْفَقُ عليه مِن بَيتِ المالِ إن لم)
يُوجَدْ (معه ما يُنْفَقُ عليه) إذا لم يُوجَدْ مع اللَّقِيطِ شيءٌ، لم يَلْزَمِ المُلْتَقِطَ الإِنْفاقُ عليه، في قولِ عامَّةِ أهْلِ العِلْمِ. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمعَ كلُّ مَنْ نَحْفَظُ عنه مِن أهْلِ العِلْمِ على أنَّ نَفَقَةَ اللَّقِيطِ غيرُ واجبَةٍ على المُلْتَقِطِ كوُجُوبِ نَفَقةِ الوَلَدِ. وذلك لأن أسْبابَ وُجُوبِ النَّفَقَةِ مِن القَرابةِ، والزَّوْجِيَّة،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والمِلْكِ، والوَلاءِ، مُنْتَفِيَةٌ، فالالْتِقاطُ إنَّما هو تَخْلِيصٌ له مِن الهلاكِ، وتَبَرُّعٌ بحِفْظِه، فلا يُوجِبُ ذلك النَّفَقَةَ، كما لو فَعَلَه بغيرِ اللَّقِيطِ. وتَجِبُ نفقَتُه في بَيتِ المالِ، لقولِ عُمَرَ، رضي الله عنه، في حَدِيثِ أبي جَميلةَ: اذْهَبْ فهو حُرٌّ، ولك وَلاؤُه، وعلينا نَفَقَتُه. وفي روايةٍ: مِن بيتِ المالِ. ولأنَّ بيتَ المالِ وارِثُه، ومالُه مَصْرُوفٌ إليه، فكانت نَفَقَتُه عليه، كَقرابَتِه ومَولاه. فإن تَعَذَّرَ الإِنْفاقُ عليه مِن بَيتِ المالِ، لكَوْنِه لا مال فيه، أو كان في مكانٍ لا إمامَ فيه، أو لم يُعْطَ شيئًا، فعَلَى من عَلِمَ حاله مِن المُسْلِمِينَ الإِنْفاقُ عليه؛ لقَوْلِ الله تِعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} . ولأنَّ في تَركِ الإِنْفاقِ عليه هَلاكَه، وحِفْظُه مِن ذلك واجِبٌ، كإنقاذِه مِن الغَرَقِ. وهو فَرْضُ كِفايةٍ، ومن أنْفَقَ عليه مُتَبَرِّعًا، فلا شيءَ له، سواءٌ كان المُلْتَقِطَ أو غيرَه، وإن لم يَتَبرَّعْ أحَدٌ بالإنْفاقِ عليه، فأنْفَقَ عليه المُلْتَقِطُ أو غيرُه مُحْتَسِبًا بالرُّجُوعِ عليه إذا أيسَرَ، وكان ذلك بأمْرِ الحاكِمِ، لَزِم اللَّقِيطَ ذلك إذا كانتِ النَّفَقَةُ قَصْدًا بالمَعْرُوفِ. وبهذا قال الثَّوْرِيُّ، وأصحابُ الرَّأْي، والشافعيُّ. فإن أنْفَقَ بغيرِ أمْرِ الحاكِمِ مُحْتَسِبًا بالرُّجُوعِ عليه، فقال أحمدُ: تُؤَدَّى النَّفَقَةُ مِن بيتِ المالِ. وقال شُرَيحٌ، والنَّخَعِيُّ: يَرْجِعُ عليه بالنَّفَقَةِ إذا أشْهَدَ عليه، يحْلِفُ ما أنْفَقَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
احْتِسابًا، فإن حَلَف اسْتُسْعِيَ (1). وقال الشَّعْبِيُّ، ومالكٌ، والثَّوْرِيُّ، والأوْزاعِيُّ، وأبو حنيفةَ، ومحمدُ بنُ الحَسَنِ، والشافعيُّ، وابنُ المُنْذِرِ: لا يَرْجِعُ بشيءٍ؛ لأنَّه أنْفَقَ عليه مِن غيرِ إذْنِه، ولا إذْنِ وَلِيِّه، ولا إذْنِ الحاكِمِ، فلم يَرْجِعْ بشيءٍ، كما لو تَبَرَّعَ به. ولَنا، أنَّه أدَّى مالًا وَجَب على غيرِه، فكان له الرُّجُوعُ على مَن كان الوُجُوبُ عليه، كالضّامِنِ إذا قَضَى عن المَضْمُونِ عنه.
(1) أي اللقيط.