الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ لَمْ يُقْطِعْهَا، فَلِمَنْ سَبَقَ إِلَيهَا الْجُلُوسُ فِيهَا، وَيَكُونُ أَحَقَّ بِهَا مَا لَمْ يَنْقُلْ قُمَاشَهُ عَنْهَا.
ــ
كإقْطاعِ مَقاعِدِ الأسْواقِ والطُّرُقِ الواسِعَةِ، ورِحابِ المَساجِدِ، فللإِمامِ إقْطاعُها لمَن يَجْلِسُ فيها؛ لأنَّ له في ذلك اجْتِهادًا، مِن حيث إنَّه لا يَجُوزُ الجُلُوسُ إلَّا فيما لا يَضُرُّ بالمارَّةِ، فكان للإِمامِ أن يُجْلِسَ فيها مَن لا يَرَى أنَّه يتَضَرَّرُ بجُلُوسِه. ولا يَمْلِكُها المُقْطَعُ بذلك، بل يكونُ أحَقَّ بالجُلُوسِ فيها مِن غيرِه، بمنْزِلَةِ السّابِقِ إليها مِن غيرِ إقْطاعٍ، إلَّا في أنَّ السّابِقَ إذا نَقَل مَتاعَه عنها، فلغيرِه الجُلُوسُ فيها؛ لأنَّ اسْتِحْقاقَه لها بسَبْقِه إليها ومُقامِه فيها، فإذا انْتَقَل عنها، زال اسْتِحْقاقُه؛ لزَوالِ المَعْنَى الذي اسْتَحَقَّ به، وهذا اسْتَحَقَّ بإقْطاعِ الإِمامِ، فلا يَزُولُ حَقُّه بنَقْلِ مَتاعِه، ولا لغيرِه الجُلُوسُ فيه. وحُكْمُه في التَّظْلِيلِ على نَفْسِه بما ليس بَيتًا، ومَنْعِه مِن البِناءِ، ومَنْعِه إذا طال مُقامُه، حُكْمُ السّابِقِ، على ما نَذْكُرُه.
2480 - مسألة: (فإن لم يُقْطِعْها، فلمَن يَسْبِقُ إليها الجُلُوسُ فيها، ويكونُ أحَقَّ بها ما لم يَنْقُلْ قُماشَه عنها)
ما كان مِن الشَّوارِعِ والطُّرُقاتِ والرِّحابِ بينَ العُمْرانِ، فليس لأحَدٍ إحْياؤُه، سَواءٌ كان واسِعًا أو ضَيِّقًا،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وسَواءٌ ضَيَّقَ على النّاسِ بذلك أو لم يُضَيِّقْ؛ لأنَّ ذلك يَشْتَرِكُ فيه المسلمونُ، وتتَعَلَّقُ به مَصْلَحَتُهم، أشْبَهَ مَساجِدَهم. ويَجُوزُ الارْتِفاقُ بالقُعُودِ في الواسِعِ مِن ذلك للبَيعِ والشِّراءِ على وَجْهٍ لا يُضَيِّقُ على أحَدٍ ولا يَضُرُّ بالمارَّةِ؛ لاتِّفاقِ أهْلِ الأمْصارِ في جَمِيعِ الأعْصارِ، على إقْرارِ النّاسِ على ذلك مِن غيرِ إنْكارٍ، ولأنَّه ارْتِفاقٌ بمُباحٍ مِن غيرِ إضْرارٍ، فلم يُمْنَعْ منه، كالاجْتِيازِ. قال أحمدُ، في السّابِقِ إلى دَكاكِينِ السُّوقِ غُدْوَةً: فهو له إلى اللَّيلِ. وكان هذا في سُوقِ المَدِينةِ فيما مَضَى، وقد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«مِنىً مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ» (1). وله أن يُظَلِّلَ على نَفْسِه بما لا ضَرَرَ فيه؛ مِن بارِيَّةٍ (2)، وكِساءٍ، ونحوه؛ لأنَّ الحاجَةَ تَدْعُو إليه مِن غيرِ مَضَرَّةٍ فيه. وليس له أن يَبْنِيَ دَكَّةً ولا غيرَها؛ لأنَّه يُضَيِّقُ على النّاسِ، وتَعْثُرُ به المارَّةُ باللَّيلِ، والضَّرِيرُ في اللَّيلِ والنَّهارِ، وتَبْقَى على الدَّوامِ، ورُبَّما ادَّعَى مِلْكَه بذلك. والسّابِقُ أحَقُّ به ما كان فيه؛ فإن قام وتَرَك مَتاعَه فيه، لم يَجُزْ لغيرِه إزالتُه؛ لأنَّ يَدَ الأوَّلِ عليه، وإن نَقَل مَتاعَه، كان لغيرِه أن يَقْعُدَ فيه؛ لأنَّ يَدَه قد زالت.
(1) تقدم تخريجه في 11/ 77.
(2)
البارية: الحصير.