الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ قَالتِ الْمَرأة لِزَوْجِهَا: أنت عَلَيَّ كَظَهْرِ أبي. لَمْ تَكُنْ مُظَاهِرَةً،
ــ
عليَّ كظَهْرِ أبي. لا يَلْزَمُها شيءٌ. فإن قال لأمَتِه: أنتِ عليَّ حرامٌ. فعليه كفَّارَةُ يَمِين؛ لقَوْلِ الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} إلى قوْلِه: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيمَانِكُمْ} . نزَلَتْ في تَحْريمِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لجارِيته في قَوْلِ بعْضِهم. ويُخَرَّجُ على الرِّوايَةِ الأخْرى أن تَلْزَمَه كفَّارَةُ ظِهارٍ؛ لأنَّ التَّحْرِيمَ ظِهارٌ. والأوَّلُ هو الصحِيحُ، إن شاءَ اللهُ تعالى.
3726 - مسألة: (وإن قالتِ المرأةُ لزَوْجِها: أنتَ عَلَيَّ كظَهْرِ أبي. لم تَكُنْ مُظاهِرَةً)
وجملةُ ذلك، أنَّ المرأةَ إذا قالت لزَوْجِها (1): أنتَ عليَّ كظَهْرِ أبي. أو قالت: إن تَزَوَّجْتُ فُلانًا فهو عَلَيَّ كظَهْرِ أبي. فليس ذلك بظِهارٍ. قال القاضي: لا تكونُ مُظاهِرَةً، رِوايةً واحِدَةً. وهو قولُ أكثَرِ أهلِ العلمِ؛ منهم مالكٍ، والشافعيُّ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وأصحابُ الرَّأي. وقال الزُّهْرِيُّ والأوْزَاعِيُّ: هو ظِهارٌ. ورُوِيَ ذلك
(1) سقط من: الأصل.
وَعَلَيهَا كَفَّارَةُ ظِهَارٍ. وَعَنْهُ، كَفَّارَةُ يَمِينٍ. وَهُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ، لَا شَيْءَ عَلَيهَا.
ــ
عن الحسَنِ، والنَّخَعِيِّ، إلَّا أنَّ النَّخَعِيَّ قال: إذا قالت ذلك بعدَ ما تُزَوَّجُ (1) فليس بشيء (2). ولعَلَّهم يحْتَجُّونَ بأنها أحَدُ الزَّوْجَين ظاهَرَ مِن الآخرِ، فكان مُظاهِرًا كالرجل. ولَنا، قَوْلُ اللهِ تعالى:{وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ (3) مِنْ نِسَائِهِمْ} . فخصَّهُم بذلك، ولأنَّه قَوْل يُوجِبُ تَحْرِيمًا في الزَّوْجة، يملكُ الزَّوْجُ رَفْعَه، فاخْتَصَّ به الرجلُ، كالطلاقِ، ولأنَّ الحِلَّ في المرْأةِ حق للرّجُلِ، فلم تَمْلِكِ المرْأةُ إزالتَه، كسائِرِ حُقوقِه. إذا ثَبَتَ ذلك، فاخْتُلِفَ عن أحمدَ في الكفَّارَةِ، فنقَلَ عنه جماعَة: عليها كفَّارَةُ الظِّهارِ؛ لِما روَى الأثْرَمُ بإسْنادِه عن إبراهيمَ، أنَّ عائِشَةَ بِنْتَ طَلْحَةَ قالت: إن تَزَوَّجْتُ مُصْعَبَ بنَ الزُّبَيرِ، فهو عليَّ كظَهْرِ أبي. فسألتْ أهلَ المدينَةِ، فرَأوا أنَّ عليها الكفَّارَةَ. ورَوى عليُّ بنُ مُسْهِر، عن الشَّيبانِيِّ، قال: كنتُ جالِسًا في المسْجِدِ، أنا وعبدُ الله بنُ المُغَفَّلِ المُزَنِي (4)،
(1) في م: «تزوجت» .
(2)
أخرجه سعيد بن منصور، في: باب ما جاء في ظهار النساء، من كتاب الطلاق. السنن 2/ 20.
(3)
في تش: «يظهرون» . وانظر صفحة 225.
(4)
في م: «المرى» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فجاء رجل حتى جلَسَ إلينا، فسألْتُه: مَن أنْتَ؟ فقال: أنا مَوْلًى لعائِشَةَ بنتِ طَلْحَةَ، أعْتَقَتْنِي عن ظِهارِها، خَطَبَها مُصْعَبُ بنُ الزُّبَيرِ، فقالت: هو عليّ كظَهْرِ أبي إن تزَوَّجْتُه. ثم رَغِبَتْ فيه بَعْدُ، فاسْتَفْتَتْ أصحابَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وهم يومَئذٍ كثير، فأمَرُوها أن تُعْتِقَ رَقَبَةً وتَتَزَوَّجَه، فَتَزَوَّجَتْه وأعْتَقَتْني. ورَوى سعيدٌ (1) هذَينِ الخَبَرَين (2) مُخْتَصَرَين. ولأنَّها زَوْجٌ أتَى بالمُنْكَرِ مِن القَوْلِ والزورِ، فلَزِمَه كفّارَةُ الظِّهارِ كالآخَرِ، ولأنَّ الواجِبَ كفَّارَةُ يَمِين، فاسْتَوَى فيها الزَّوْجانِ، كاليَمِينِ باللهِ تعالى. والرِّوايَةُ الثَّانِيَةُ، عليها كفَّارَةُ يَمِينِ. قال أحمدُ: قد ذهبَ عَطاءٌ مذْهَبًا حَسَنًا، جَعَلَه بمَنْزِلَةِ مَن حَرَّمَ على نفْسِه شيئًا [مثلَ الطَّعامِ](3) وما أشْبَهَه. وهذا أقْيَسُ على مذهبِ أحمدَ وأشْبَهُ بأصُولِه؛ لأنه ليس بظِهارٍ، ومُجَرَّدُ المُنْكَرِ مِن القَوْلِ والزورِ لا يُوجبُ كفَّارَةَ الظهارِ، بدليلِ سائرِ الكَذِبِ، والظِّهارِ قبلَ العَوْدِ، والظِّهارِ مِن أمَتِه وأمِّ وَلَدِه، ولأنَّه تحْريمٌ لا يُثْبِتُ التَّحْريمَ في المَحَلِّ، فلم يُوجب كفَّارَةَ الظهارِ، كتَحْريمِ سائرِ الحَلالِ، ولأنَّه ظِهارٌ مِن غيرِ امْرأتِه، فأشْبَهَ الظِّهارَ مِن
(1) في: باب ما جاء في ظهار النساء، من كتاب الطلاق. السنن 2/ 19، 20.
كما أخرج الأول عبد الرزاق، في: باب ظهارها قبل نكاحها، من كتاب الطلاق. المصنف 6/ 444. والدارقطني، في: سننه 3/ 319.
(2)
في الأصل: «الحديثين» .
(3)
في م: «كالطعام» .