الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا مُكَاتَبٌ قَدْ أَدَّى مِنْ كِتَابَتِهِ شَيئًا، فِي اخْتِيَارِ شُيُوخِنَا. وَعَنْهُ، يُجْزِئُ. وَعَنْهُ، لَا يُجْزِئُ مُكَاتَبٌ بِحَالٍ.
ــ
عن الحسَنِ، وطاوُسٍ، والنَّخَعِيِّ، وعثمانَ البَتِّيِّ؛ لقَوْلِ اللهِ تعالى:(فتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ). ومُعْتِقُها قد حَرّرَها. ولَنا، أنَّ عِتْقَها مُسْتَحَقٌّ بسَبَبٍ آخَرَ، فلم تُجْزِئْ عنه، كما لو اشْتَرَى قَرِيبَه، أو عَبْدًا يشَرْطِ العِتْقِ، فأعْتَقَه، وكما لو قال لعَبْدِه: أنتَ حُرُّ إن دَخَلْتَ الدَّارَ. ونَوَى عِتْقَه عن كفَّارَته عندَ دُخُولِه. والآيَةُ مَخْصُوصَة بما ذَكَرْنا، فنَقِيسُ عليه ما اخْتَلفْنا فيه. ووَلَدُ أُمِّ الوَلَدِ الذي وَلَدَتْه بعدَ كَوْنِها أُمَّ وَلَدٍ، حُكْمُه حُكْمُها فيما ذَكَرْناه؛ لأنَّ حُكْمَه حُكْمُها في العِتْقِ بمَوْتِ سَيِّدِها.
3759 - مسألة: (ولا)
يُجْزِىُ (مُكاتَبٌ قد أدَّى مِن كِتابَتِه شَيئًا، فِي اخْتِيارِ شُيُوخِنَا. وعنه، يُجْزِيءُ. وعنه، لا يُجْزِئُ مُكاتَب بِحَالٍ) رُوِيَ عن أحمدَ، رحمه الله، في المُكَاتَبِ ثَلاث رِواياتٍ؛ إحْداهُن، يُجْزِئُ مُطْلَقًا. اخْتارَه أبو بكرٍ. وهو مذهبُ أبي ثَورٍ؛ لأنَّ المُكاتَبَ عَبْدٌ يَجُوزُ بَيعُه، فأجْزَأ عِتْقُه، كالمُدَبَّرِ، ولأنَّه رَقَبَةٌ، فيَدْخُلُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في (1) مُطْلَقِ قَوْلِه سبحانَه: (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ). والثَّانِيَةُ، لا يُجْزِئُ مُطْلَقًا. وهو قولُ مالكٍ، والشافعيِّ، وأبي عُبَيدٍ؛ لأنَّ عِتْقَه مُسْتَحَقٌّ بسَبَبٍ آخَرَ، ولهذا لا يَمْلِكُ إبْطال كِتالته، فأشْبَهَ أُمَّ الوَلَدِ. والثَّالِثَةُ، إن كان أدَّى شيئًا مِن كِتابَتِه، لم يُجْزِئْه، وإلَّا أجْزَأه. وبه قال اللَّيثُ، والأوْزَاعِيُّ، وإسْحاقُ، وأصحابُ الرَّأْي. قال القاضي: هو الصَّحِيحُ؛ لأنَّه إذا أدَّى شيئًا فقد حصل العِوَضُ عن بعضِه، فلم يُجْزِئ، كما لو أعْتَقَ بعْضَ رَقَبَةٍ، وإذا لم يُؤَدِّ، فقد أعْتَقَ رَقَبَةٌ كامِلَةً، مُؤْمِنَةً، سالمَةَ الخَلْقِ، تامَّةَ المِلْكِ، لم يحْصُلْ عن شيءٍ منها عِوَضٌ، فأجْزَأ عِتْقُها، كالمُدَبَّرِ. ولو أعْتَقَ عَبْدًا على (2) مالٍ يَأْخُذُه من العبدِ، لم يُجْزِيء عن كفَّارَتِه، في قولِهم جميعًا.
فصل: ولا يُجْزِيء؛ إعْتاقُ الجَنِينِ، في قولِ أكثرِ أهلِ العلمِ. وبه يقولُ أبو حنيفةَ، والشافعيُّ. وقال أبو ثَوْرٍ: يُجْزِئُ؛ لأنَّه آدَمِيٌّ مَمْلُوكٌ،
(1) بعده في م: «عموم» .
(2)
في م: «عن» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَصِحُّ إعْتاقُه، فصَحَّ عن الرَّقَبَةِ، كالمَوْلُودِ. ولَنا، أنَّه لم يَثْبُتْ له أحْكامُ الدُّنْيا بعدُ؛ فإنَّه لا يَمْلِكُ إلَّا بالإرْثِ والوَصِيَّةِ، ولا يُشْتَرَطُ لهما كَوْنُه آدمِيًّا؛ لكَوْنِه يثْبُتُ له ذلك وهو نُطْفَةٌ أو عَلَقَةٌ، وليس بآدَمِيٍّ في تلك الحالِ.
فصل: فإن أعْتَقَ غيرُه عنه عبدًا بغيرِ أمْرِه، لم يَقَعْ عن المُعْتَقِ عنه إذا كان حَيًّا، ووَلاوه للمُعْتِقِ، ولا يُجْزِئُ عن كفَّارَتِه وإن نَوَى ذلك. وبهذا قال أبو حنيفةَ، والشافعيُّ. وحُكِيَ عن مالكٍ، أنَّه يُجْزِئُ إذا أعْتَقَ عن وَاجِبٍ على غيرِه بغيرِ إذْنِه؛ لأنَّه قَضَى عنه واجِبًا، فصَحَّ، كما لو قَضَى عنه دَينًا. ولَنا، أنَّه عِبادَةٌ مِن شَرْطِها النِّيَّةُ، فلم يصِحَّ أداؤُها عمَّن وجَبَتْ عليه بغيرِ أمْرِه، مع كَوْنِه مِن أهلِ الأمْرِ، كالحَجِّ، ولأنَّه أحَدُ خِصالِ الكفَّارَةِ، فلم يَصِحَّ عن [المُكَفَّرِ عنه](1) بغيرِ أمْرِه، كالصيامِ. وهكذا الخِلافُ [في مَن](2) كُفِّرَ عنه بالاطْعامِ. فأمَّا الصيامُ، فلا يجوزُ أنَّ يَنُوبَ عنه بإذْنِه ولا بغيرِ إذْنِه؛ لأنَّه عِبادَة بدَنِيَّة، فلا تَدْخُلُها النِّيابَة. فأمَّا إن أعْتَقَ عنه بأمْرِه، نَظَرْتَ؛ فإن جَعَلَ له (3) عِوَضًا، صَحَّ العِتْقُ عن المُعْتَقِ عنه، وله وَلاؤُه، وأجْزَأ عن كفَّارَتِه، بغيرِ خلافٍ عَلِمْناه. وبه يقولُ أبو حنيفةَ (4)، والشافعي، وغيرُهما (5)؛ لأنَّه حَصَلَ العِتْقُ عنه
(1) في الأصل، تش:«المكفِّر» .
(2)
في الأصل، تش:«فيما» .
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
بعده في المغني 13/ 521: «ومالك» .
(5)
في الأصل، تش:«غيرهم» .