الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ: فَإِذَا تَمَّ اللِّعَانُ بَينَهُمَا، ثَبَتَ أَرْبَعَةُ أَحْكَامٍ؛ أَحَدُهَا، سُقُوطُ الْحَدِّ عَنْهُ أَو التَّعْزِيرِ. وَلَوْ قَذَفَهَا بِرَجُل بِعَينِهِ، سَقَطَ الحَدُّ عَنْهُ لَهُمَا.
ــ
ولأنَّ نَفْيَ النَّسَبِ الباطلِ حَقٌّ له، فلا يَسْقُطُ برِضَاها به، كما لو طالبَتْ باللِّعانِ ورَضِيَتْ بالوَلَدِ. ويَحْتَمِلُ أن لا يُشْرَعَ اللِّعانُ ههُنا، كما لو قَذَفَها فَصَدَّقَتْه، وهو قولُ أصحابِ الرَّأْي؛ لأنَّه أحَدُ مُوجَبَيِ القَذفِ، فلا يُشْرَعُ مع عَدَم المُطالبةِ، كالحَدِّ.
3812 - مسألة: (فَإِذَا تَمَّ اللِّعَانُ بَينَهُمَا، ثَبَتَ أَرْبَعَةُ أَحْكَامٍ؛ أَحَدُهَا، سُقُوطُ الْحَدِّ عَنْهُ أَو التَّعْزِيرِ. وَلَوْ قَذَفَهَا بِرَجُلٍ بِعَينِهِ، سَقَطَ الحَدُّ عَنْهُ لَهُمَا)
وجملةُ ذلك، أنَّ اللِّعانَ إذا تَمَّ سَقَطَ الحَدُّ الَّذي أوْجَبَه القذفُ عن الزَّوْجِ، إذا كانتِ الزَّوْجَةُ مُحْصنةً، والتَّعْزيرُ إن لم تكُنْ مُحْصنةً؛ لأنَّ هِلال بنَ أُمَيَّةَ قال: واللهِ لا يُعَذِّبُنِي الله عليها، كما لمْ يجلدْنِي (1) عليها. ولأنَّ شَهادَتَه أُقِيمَتْ مُقامَ بَيِّنَتِه، وبَيِّنتُه تُسْقِطُ الحَدَّ، كذلك لِعانه، ويحْصُلُ هذا بمُجَرَّدِ لِعانِه لذلك. فإن نَكَلَ عن اللِّعانِ، أو عن إتْمامِه، فعليه الحَدُّ، وإن ضُرِبَ بَعْضَه (2)، فقال: أنا أُلاعِنُ. سُمِعَ ذلك منه؛
(1) في الأصل، تش:«يحدني» .
(2)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لأنَّ ما أُسْقِطَ كلُّه أُسْقِطَ بعضُه، كالبَيِّنةِ. ولو نَكَلَتِ المرْأةُ عن (1) المُلاعَنَةِ، ثم بَذَلَتْها، سُمِعَتْ منها كالرجلِ. فإن قَذَفَها برَجُلٍ بعَينِه، سَقَطَ الحَدُّ عنه لهما إذا تَمَّ اللِّعانُ، سَواءٌ ذَكَرَ الرجلَ في لِعَانِه أو لم يَذْكُرْه. وإن لم يُلاعِنْ، فلِكُلِّ واحِدٍ منهما المُطالبَةُ، وأيُّهما طالبَ حُدَّ له دونَ مَن لم يُطالِبْ، كما لو قَذَفَ رجلًا بالزِّنَى بامرأةٍ مُعَيَّنةٍ. وبهذا قال أبو حنيفةَ، ومَالِكٍ، إلا في أنَّه لا يَسْقُطُ حَدُّه بلِعانِها. وقال بعضُ أصحابِنا: القذْفُ للزَّوْجَةِ وحدَها، ولا يَتَعَلقُ بغيرِها حَقُّ في المُطالبَةِ ولا الحَدِّ؛ لأنَّ هِلَال بنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ زَوْجَتَه بشَرِيكِ بنِ السَّحْماءِ، فلم يَحُدَّه النبيُّ صلى الله عليه وسلم، ولا عَزَّره له. وقال بعضُ أصحابِ الشافعيِّ: يجبُ الحَدُّ لهما. وهل يَجِبُ حَدٌّ واحِدٌ أو حَدَّان؟ على وَجْهَين. وقال بعضُهم: لا يجبُ إلا حَدُّ واحِدٌ، [قولًا واحدًا](2). ولا خِلافَ بينَهم أنَّه إذا لاعَنَ، وذكَرَ الأجْنَبِيَّ في لِعانِه، أنَّه يَسْقُطُ حُكْمُه عنه، وإن لم يَذْكُرْه، فعلى وَجْهَين. ولَنا، أنَّ اللِّعانَ بَيِّنةٌ في أحَدِ الطَّرَفَين، فكان بَيِّنَةً في الطَّرَفِ الآخرِ، كالشَّهادةِ، ولأنَّ به حاجةً إلى قَذْفِ الزَّانِي، لِمَا أفْسَدَ عليه مِن فِراشِه، وربما يحْتاجُ إلى ذِكْرِه؛ ليَسْتَدِلَّ بشَبَهِ الوَلَدِ [للمَقْذُوفِ على صِدْقِ قاذِفِه، كما اسْتَدَلَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم على صِدْقِ هِلالِ بنِ أُمَيَّةَ بشَبَهِ](3)
(1) سقط من: الأصل، تش.
(2)
سقط من: الأصل، تش.
(3)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الوَلَدِ (1) لشَرِيكِ بنِ سَحْماءَ، فوَجَبَ أن يُسْقِطَ حُكْمَ قَذْفِه ما أسْقَطَ حُكْمَ قَذْفِها، قياسًا له عليها.
فصل: فإن قَذَفَ امرأتَه وأجْنَبِيَّةً وأجْنَبِيَّةً بكلمتَين، فعليه حَدَّان لهما، فيَخْرُجُ مِن حَدِّ الأجْنَبِيَّةِ بالبَيِّنَةِ (1) خاصَّةً، ومِن حَدِّ الزَّوجةِ بالبَيِّنةِ أو اللِّعانِ. وإن قَذَفَهما بكلمةٍ فكذلك، إلَّا أنَّه إذا لم يُلاعِنْ ولم تَقُمْ بَيِّنَةٌ، فهل يُحَدُّ لهما حَدًّا واحِدًا أو حَدَّين؟ على رِوايَتَينِ؛ إحْداهما، يُحَدُّ حَدًّا واحِدًا. وبه قال أبو حنيفةَ، والشافعيُّ في القديمِ. وزاد أبو حنيفةَ: سواءٌ كان بكلمةٍ أو كلماتٍ؛ لأنَّهما حُدُودٌ مِن جِنْسٍ، فوَجَبَ أن تَتَداخَلَ، كحَدِّ الزِّنَى. والثانيةُ، إن طالبُوا مُجْتَمِعين فحدٌّ واحدٌ، وإن طالبُوا مُتَفَرِّقِينَ فلكلِّ واحِدٍ حَدٌّ؛ لأنَّهم إذا اجْتمعُوا في الطَّلَبِ، أمْكَنَ إيفاؤُهم (2) بالحَدِّ الواحِدِ، وإذا تَفَرَّقُوا لم يُمْكِنْ جَعْلُ الحَدِّ الواحِدِ إيفاءً لمَن لم يُطالِبْ؛ لأنَّه لا يجوزُ إقامةُ الحَدِّ له قبلَ المُطالبَةِ منه. وقال الشافعيُّ، في الجديدِ: يُقامُ لكلِّ واحِدٍ حَدٌّ [بكلِّ حالٍ](3)؛ لأنَّها حُقوق لآدَمِيِّين، فلم تَتَداخَلْ، كالدُّيُونِ. ولَنا، أنَّه إذا قَذَفَهُما بكلمةٍ واحدةٍ يُجْزِئُ حَدٌّ واحِدٌ؛ لأنَّه يَظْهَرُ كَذِبُه في قَذْفِه، وبَراءَةُ عِرْضِهما مِن رَمْيِه (4) بحَدٍّ واحِدٍ، فأجْزَأ، كما لو كان القذفُ لواحِدٍ. وإذا قَذَفَهما
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في الأصل: «إبقاؤهم» . وفي م: «إلغاؤهم» .
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
في الأصل: «ذمته» .