الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِذَا قُلْنَا: تَحِلُّ لَهُ الزَّوْجَةُ بِإِكْذَابِ نَفْسِهِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وُجِدَ مِنْهُ طَلَاقٌ، فَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى النِّكَاحِ، وَإنْ وُجِدَ مِنْهُ طَلَاقٌ دُونَ الثَّلَاثِ، فَلَهُ رَجْعَتُهَا. الرَّابِعُ، انْتِفَاءُ الْوَلَدِ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ اللِّعَانِ. ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَيَنْتَفِي عَنْهُ حمْلُهَا وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ. وَقَال الْخِرَقِيُّ: لَا يَنْتَفِي عَنْهُ حَتَّى يَذْكُرَهُ في اللِّعَانِ.
ــ
3816 - مسألة: (وإذا قُلْنا: تَحِلُّ لَهُ بإِكْذابِ نَفْسِه. فإن لم يَكُنْ وُجِدَ منه طَلاقٌ، فهي باقِيَةٌ عَلَى النِّكاحِ)
لأنَّ اللِّعانَ على هذا القول لا يُحَرِّمُ على التَّأْبِيدِ، وإنَّما يُؤْمَرُ بالطَّلاقِ، كما يُؤْمَرُ المُولِي به إذا لم يأْتِ بالفَيئَةِ، فإذا لم يَأْتِ بالطَّلاقِ، بَقِيَ النِّكاحُ بحالِه، وزال الإِخبارُ على الطَّلاقِ، لِتَكْذِيبِه نَفْسَه، كما لو امْتَنَعَ المُولِي مِن الفَيئَةِ، فأُمِرَ بالطَّلاقِ، فعادَ فأجاب إلى الفَيئَةِ (وإن وُجِدَ منه طَلاقٌ دونَ الثَّلاثِ، فله رَجْعَتُها) كالمُطَلَّقَةِ دونَ الثَّلاثِ بغيرِ عِوَضٍ.
3817 - مسألة: (الرَّابِعُ، انْتِفَاءُ الْوَلَدِ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ اللِّعَانِ. ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَيَنْتَفِي عَنْهُ حمْلُهَا وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ. وَقَال الْخِرَقِيُّ: لَا يَنْتَفِي حَتَّى يَذْكُرَهُ في اللِّعَانِ)
وجملَةُ ذلك، أنَّ الزَّوْجَ إِذا ولَدتِ امْرأتُه ولَدًا يُمْكِنُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أن يكونَ منه، فهو ولدُه في الحُكْمِ؛ لقولِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، ولِلْعَاهِرِ الحَجَرُ» (1). ولا يَنْتَفِي عنه إلَّا أن يَنْفِيَه باللِّعانِ التَّامِّ، الذي اجْتَمَعَتْ شُرُوطُه، وهي أرْبعةٌ؛ أحدُها، أن يُوجَدَ اللِّعانُ منهما جميعًا. وهذا قولُ عامةِ أهلِ العلمِ. وقال الشافعيُّ: يَنْتَفِي بلِعانِ الزَّوجِ وحدَه؛ لأنَّ نَفْيَ الولدِ إنَّما كان بيَمِينِه والْتِعانِه، لا بيَمِينِ المرأةِ على تَكْذِيبِه، ولا مَعْنَى ليَمِينِ المرْأةِ في نَفْي النَّسَبِ، وهي تُثْبِتُه وتُكَذِّبُ قولَ مَن يَنْفِيه، وإنَّما لِعانُها لِدَرْءِ الحَدِّ عنها (2)، كما قال الله تَعالى:{وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} (3). ولَنا، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم إنَّما نَفَى الولَدَ عنه بعدَ تَلَاعُنِهِما، فلا يجوزُ النَّفْيُ ببعضِه، كبعضِ (4) لِعانِ الزَّوجِ. الثاني، أن يَكْمُلَ اللِّعانُ منهما جميعًا.
(1) تقدم تخريجه في 16/ 338، 339 من حديث:«احتجبي منه يا سودة» .
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
سورة النور 8.
(4)
في تش: «كنقض» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الثالثُ، أن يَبدَأَ الزَّوْجُ باللِّعانِ قبلَ المرأةِ، فإن بَدَأت باللِّعانِ قبلَه لم (1) يُعْتَدَّ به. وبه قال أبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ. وقال مالِكٌ، وأصْحابُ الرَّأْي: إن فعَل أخْطأَ السُّنَّةَ، والفُرْقَةُ جائِزَةٌ، ويَنتفِي الولَدُ عنه (1)؛ لأنَّ اللهَ تعالى عَطَفَ لِعانَها على لِعانِه بالواو، وهي لا تَقْتَضِي تَرْتِيبًا، ولأن اللِّعانَ قد وُجدَ منهما جميعًا، فأشْبَه ما لو رُتِّبَ. وعندَ الشافِعِيِّ، لا يَتِمُّ اللِّعانُ إلَّا بالتَّرْتِيبِ، إلَّا أنَّه يَكْفِي عندَه لِعانُ الرجُلِ وحدَه لنَفْي الوَلَدِ، وذلك حاصِلٌ مع إخْلالِه بالتَّرْتِيبِ، وعَدَم كَمالِ ألفاظِ اللِّعانِ مِن المرأةِ. ولَنا، أنَّه أتَى باللِّعانِ على غيرِ ما وَرَدَ به القُرَآنُ والسُّنَّةُ، فلم يَصِحَّ، كما لو اقْتَصَرَ على لَفْظَةٍ واحِدَةٍ، ولأنَّ لِعانَ الرَّجُلِ بَيِّنَةُ الإِثْباتِ زِنَاها ونفْي وَلَدِها، ولِعانَ المرأةِ للإنْكارِ، فقُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الإِثْباتِ، كتَقْدِيمِ (2) الشُّهودِ على الأيمانِ، ولأنَّ لِعانَ المرأةِ لدَرْءِ العَذابِ عنها، ولا يَتَوجَّهُ عليها ذلك إلَّا بلِعانِ الرَّجُلِ، فإذا قَدَّمَتْ لِعانَها على لِعانِه، فقد قَدَّمَتْه على وقتِه، فلم يَصِحَّ، كما لو قدَّمَتْه على القَذْفِ. الرابعُ، أن يَذْكُرَ نَفْيَ الولدِ في اللِّعانِ، فإن لم يَذْكُرْه، لم يَنْتَفِ، إلَّا أن يُعِيدَ اللِّعانَ ويذكرَ نفْيَه. وهذا ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ، واخْتِيارُ القاضي، ومذهبُ الشافغيِّ. فإذا قال: أشْهَدُ
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في ق، م:«لتقديم» .
فَإِذَا قَال: أَشْهَدُ بِاللهِ لَقَدْ زَنَتْ. يَقُولُ: وَمَا هَذَا الْوَلَدُ وَلَدِي. وَتَقُولُ هِيَ: أَشْهَدُ بِاللهِ لَقَدْ كَذَبَ، وَهَذَا الْوَلَدُ وَلَدُهُ.
ــ
باللهِ إنِّي لَمِنَ الصَّادِقينَ فيما رَمَيتُها به مِن الزِّنى (يقولُ: وما هذا الولَدُ ولَدِي. وتقولُ هي: أشْهَدُ باللهِ لقد كَذَبَ) فيما رَمانِي به مِن الزِّنَى (وهذا الولدُ ولَدُه) في كلِّ لَفْظَةٍ. وقال الشافعيُّ: لا تحْتاجُ المرأةُ إلى ذِكْرِه؛ لأنَّها لا تَنْفِيه. ولَنا، أنَّها أحَدُ الزَّوْجَين، فكان ذِكْرُ الولدِ شَرْطًا في لِعانِه، كالزَّوْجِ. وقال أبو بكر: لا يُحْتاجُ إلى ذكرُ الولَدِ ونَفْيِه، ويَنتفِي بزوالِ الفِراشِ؛ لأن حَدِيثَ سَهْلِ بنِ سعدٍ، الذي وَصَفَ فيه اللِّعانَ، لم يذكُرْ فيه الولدَ، وقال فيه: ففَرَّقَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بينَهما، وقَضَى أن لا يُدْعَى ولَدُها لأبٍ، [ولا تُرْمَى](1) ولا يُرْمَى ولَدُها. رواه أبو داودَ (2). وفي حَدِيثٍ رواه مُسْلِمٌ (3)، عن عبدِ الله (4)، أنَّ رَجُلًا لَا عَنَ امرأةً على عهدِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ففَرَّقَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بينَهما، والحَقَ الوَلَدَ بأُمِّه. ولَنا، أنَّ مَن
(1) سقط من الأصل، تش، م.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 370 من حديث ابن عباس في قصة هلال بن أمية، ولم نجد هذا اللفظ من حديث سهل بن سعد.
(3)
تقدم تخريجه في صفحة 440.
(4)
أي عبد الله بن عمر.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
سَقَطَ حَقُّه باللِّعانِ، كان ذِكْرُه شَرْطًا، كالمرأةِ، ولأنَّ غايةَ ما في اللِّعانِ أن يَثْبُتَ زِنَاها، وذلك لا يُوجِبُ نَفْيَ الوَلَدِ، كما لو (1) أقَرَّتْ به، أو قامَتْ به بَيِّنَةٌ، فأمَّا حَدِيثُ سَهْلِ بنِ سعدٍ، فقد رُوِيَ فيه: وكانت حامِلًا، فأنْكَرَ حَمْلَها. مِن روايةِ البُخَارِيِّ (2). وروَى ابنُ عمرَ، أنَّ رَجُلًا لاعَنَ امرأتَه في زمنِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وانْتَفَى مِن وَلَدِها، ففَرَّقَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَينَهما، وألْحَقَ الولدَ بالمرأةِ (3). والزِّيادَةُ مِن الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ. فعلى هذا، لا بُدَّ مِن ذِكْرِ الولدِ في كلِّ لَفْظَةٍ، ومعِ اللَّعْنِ في الخامسةِ؛ لأنَّها مِن لَفَظاتِ اللِّعانِ. وذكرَ الخِرَقِي شرْطًا خامسًا، وهو تَفْرِيقُ الحاكمِ بَينَهما. وهذا على الرِّوايةِ التي تَشْتَرِطُ تَفْرِيقَ الحاكمِ بَينَهما لوُقُوعِ الأُخْرَى، فَأمَّا على الرِّوايةِ الأُخْرَى، فلا يُشْتَرَطُ تَفْريقُ الحاكمِ
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في: باب التلاعن في المسجد، من كتاب الطلاق. صحيح البخاري 7/ 69. كما أخرجه أبو داود، في: باب في اللعان، من كتاب الطلاق. سنن أبي داود 1/ 525.
(3)
أخرجه البخاري، في: تفسير سورة النور، من كتاب التفسير، وفي: باب يلحق الولد بالملاعنة، من كتاب الطلاق، وفي: باب ميراث الملاعنة، من كتاب الفرائض. صحيح البخاري 6/ 127، 7/ 72، 8/ 191. وأبو داود، في: باب في اللعان، من كتاب الطلاق. سنن أبي داود 1/ 524، 525. وابن ماجه، في: باب اللعان، من كناب الطلاق. سنن ابن ماجه 1/ 669. والإمام مالك، في: باب ما جاء في اللعان، من كتاب الطلاق. الموطأ 2/ 567. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 7، 64، 71، 126.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لنَفْي الوَلَدِ، كما لا يُشْتَرَطُ لدَرْءِ الحَدِّ عنه، ولا لفَسْخِ النِّكاحِ. وشَرَطَ أيضًا شَرْطًا سادِسًا، وهو أن يكونَ قد قَذَفَها. وهذا مِن شُرُوطِ اللِّعانِ. وقد ذَكَرْناه.
فصل: متى كان اللِّعانُ لِنَفْي الوَلَدِ اشْتُرِطَ ذِكْرُه [في لعانِهما. وقال الشافعيُّ: لا تحتاجُ المرأةُ إلى ذكرِه؛ لأنَّها لا تَنْفِيه. ولَنا، أنَّ مَن سَقَط حَقُّه باللعانِ، اشْتُرِطَ ذِكْرُه فيه، كالمرأةِ، وهي أحدُ الزوجينِ، فكان ذِكْرُ الولدِ شرطًا في لعانِها كالزوجِ. وظاهرُ كلامِ الخِرَقيِّ أنَّه يُكْتَفَى بقولِ الزوجِ: وما هذا الولدُ ولدي. ومِن المرأةِ بقولِها: وهذا الولدُ ولدُه. وقال القاضي](1): يُشْتَرَطُ أن يقولَ: هذا الوَلَدُ مِن زِنًى، وليس هو مِنِّي. وهو مذهبُ الشافعيِّ؛ لأنَّه قد يُرِيدُ بقوله: ليس هو مِنِّي. يَعْنِي خَلْقًا وخُلُقًا، ولم يَقْتَصِر على قولِه: هو مِن زِنًى؛ لأنَّه قد يَعْتَقِدُ أنَّ الوَطْءَ في النِّكاحِ الفاسِدِ زِنّى، فأكَّدْنا بذِكْرِهما جَمِيعًا. ولَنا، أنَّه نَفَى الولدَ في اللِّعانِ، فاكْتُفِيَ (2) به، كما لو ذكَر اللَّفْظَين، وما ذَكَرُوه مِن