الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يُجْزِئُ مِنَ الْبُرِّ اقَلُّ مِنْ مُدٍّ، وَلَا مِنْ غَيرِهِ أقَلُّ مِنْ مُدَّينِ،
ــ
الهَرِيسَةَ، فإنَّها تَفْسُدُ عن قَرِيبٍ، ولا يُمْكِنُ الانْتِفاعُ بها في غيرِ الأكْلِ في تلك الحالِ، بخلافِ مَسْأَلتِنا.
3782 - مسألة: (ولا يُجْزِئُ مِن البُرِّ أقَلُّ مِن مُدٍّ، ولا مِن غَيرِه أقَلُّ مِن مُدَّين)
وجملةُ ذلك، أنَّ قَدْرَ الطَّعامِ في الكفَّاراتِ مُدٌّ مِن بُرٍّ لكُلِّ مسكينٍ، أو نصفُ صاعِ تَمْرٍ أو شعيرٍ. ومِمَّن قال: مُدُّ بُرٍّ. زيدُ بنُ ثابتٍ، وابنُ عباسٍ، وابنُ عمرَ. حَكاه عنهم الإمامُ أحمدُ، ورواه عنهم الأثْرَمُ، وعن عطاءٍ، وسليمانَ بنِ موسى. وقال سليمانُ بنُ يَسارٍ: أدْرَكْتُ النَّاسَ إذا أعْطَوْا في كفَّارَةِ اليَمِينِ، أعْطَوْا مُدًّا مِن حِنْطَةٍ بالمُدِّ الأصْغَرِ، مُدِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم (1). وقال أبو هُرَيرَةَ: يُطْعِمُ مُدًّا مِن أيِّ الأنْواعِ كان. وبه قال عَطاء، والأوْزَاعِيُّ، والشافعيُّ؛ لِما روَى أبو داود (2) بإسْنادِه، عن أوْس أخِي (3) عُبادَةَ بنِ الصَّامِتِ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم
(1) أخرجه البيهقي، في: السنن الكبرى 10/ 55.
(2)
في: باب في الظهار، من كتاب الطلاق. سنن أبي داود 1/ 514.
(3)
في النسخ: «ابن أخي» ، والمثبت من سنن أبي داود 1/ 514، وانظر أسد الغابة 1/ 172.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أعْطاه -يَعني المُظاهِرَ- خمسةَ عَشَرَ صاعًا مِن شَعِيرٍ، إطْعامَ سِتِّينَ مسكينًا. وروَى الأثْرَمُ (1) بإسْنادِه، عن أبي هُرَيرَة، في حَدِيثِ المُجامِعِ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِىَ بِعَرَقٍ فيه خمسةَ عَشَرَ صاعًا، فقال:«خُذْه وَتَصَدَّقْ به» . وإذا ثَبَتَ هذا (2) في المُجامِعِ بالخَبَرِ، ثَبَتَ في المُظاهِرِ قِياسًا عليه، ولأنَّه إطْعامٌ واجبٌ، فلم يَخْتَلِفْ باخْتلافِ أنْواعِ المُخْرَجِ، كالفِطْرَةِ. وقال مالكٌ: لكُلِّ مِسكينٍ مُدَّان مِن جيعِ الأنْواعِ. وممَّن قال: مُدَّان مِن قَمْحٍ. مُجاهِدٌ، وعِكْرِمَةُ، والشَّعْبِيُّ، والنَّخَعِيُّ؛ لأنَّها كفَّارَةٌ تَشْتَمِلُ على صِيَام وإطْعامٍ، فكان لكُلِّ مِسكين نِصْفُ صاعٍ، كفِدْيَةِ الأذَى. وقال الثَّوْرِيُّ، وأصحابُ الرّأْيِ: مِن القمحِ مُدَّان، ومِن التَّمْرِ والشَّعِيرِ صاعٌ لكُلِّ مسْكِينٍ؛ لقوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في حَدِيثِ سَلَمَةَ بنِ صَخْرٍ:«فَأطْعِمْ وَسْقًا مِن تَمْرٍ» . رَواه الإِمامُ أحمدُ، وأبو داودَ، وغيرُهما (3). وروَى الخَلَّالُ (4) بإسْنادِه، عن يُوسفَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ سَلَامٍ، عن خُوَيلَةَ: فقال لي رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ» . وفي روايةِ أبي داودَ (5): والعَرَقُ سِتُّونَ صاعًا. وروَى
(1) وأخرجه أبو داود، في: باب كفارة من أتى أهله في رمضان، من كتاب الصيام. سنن أبي داود 1/ 558. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 208.
(2)
زيادة من: م.
(3)
تقدم تخريجه في 7/ 276.
(4)
وأخرجه الإمام أحمد، في: المسند 6/ 411.
(5)
في: باب في الظهار، من كتاب الطلاق. سنن أبي داود 1/ 514.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ابنُ ماجه (1) بإسْنادِه، عن ابنِ عباسٍ، قال: كَفَّرَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بصَاعٍ مِن تَمْرٍ، وأمَرَ النَّاسَ، فَمَن لم يَجِدْ فنِصْفُ صَاعٍ مِن بُرٍّ. [وروَى الأثْرَمُ بإسْنادِه، عن عمرَ، رضي الله عنه، قال: أطْعِمْ عَنِّي صَاعًا مِن تَمْرٍ أو شَعِيرٍ، أو نِصْفَ صاعٍ مِن بُرٍّ](2). ولأنَّه إطْعامٌ للمساكِينِ، فكان صاعًا مِن التَّمْرِ والشَّعِيرِ، أو نِصْفَ صاعٍ مِن بُرٍّ، كصَدَقَةِ الفِطْرِ. ولَنا، ما روَى الإِمامُ أحمدُ، ثنا إسماعيلُ، ثنا أيُّوبُ، عن أبي يَزِيدَ المَدَنِيِّ، قال: جاءتِ امْرَأةٌ مِن بني بَياضَةَ بنِصْفِ وَسْقِ شَعِيرٍ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم للمُظاهِرِ:«أطْعِمْ هذا؛ فَإنَّ مُدَّىْ شَعِيرٍ مَكَان مُدِّ بُرٍّ» (3). وهذا نَصٌّ. ولأنَّه قَوْلُ زَيدٍ، وابنِ عباسٍ، وابنِ عمرَ، وأبي هُرَيرَةَ، ولم نَعْرِفْ لهم في الصَّحابَةِ مُخَالِفًا، فكان إجْماعًا. وعلى أنَّه نِصْفُ صاع مِن التَّمْرِ والشَّعِيرِ، ما روَى عطاءُ بنُ يَسارٍ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لخَوْلَةَ (4) امْرَأةِ أوْسِ بنِ الصَّامِتِ:«اذْهَبِي إلى فُلانٍ الأنْصَارِيِّ، فإنَّ عِنْدَهُ شَطْرَ وَسْقٍ مِنْ تَمْرٍ، أخْبَرَنِي أنَّه يُرِيدُ أنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ، فَلْتَأْخُذِيه، فَلْيَتَصَدَّقْ بِهِ عَلَى سِتِّينَ مِسْكِينًا» (5). وفي حديثِ
(1) في: باب كم يطعم في كفارة اليمين، من كتاب الكفارات. سنن ابن ماجه 1/ 682.
(2)
سقط من: الأصل.
والأثر أخرجه عبد الرزاق، في: المصنف 8/ 507. والبيهقي، في: السنن الكبرى 10/ 55.
(3)
انظر ما تقدم في 7/ 471، 472.
(4)
في م: «لخويلة» . ويقال: خولة، وخويلة. انظر عون المعبود 2/ 334.
(5)
أخرجه سعيد، في: سننه 2/ 15. والبيهقي، في: السنن الكبرى 7/ 389، 390.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أوْسِ بنِ الصَّامِتِ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«إنِّي سَأُعِينُهُ بِعَرَقٍ مِنْ تَمْرٍ» . قلتُ: يا رسولَ اللهِ: فإنِّي سأُعِينُه بعَرَقٍ آخَرَ. قال: «أحْسَنْتِ، اذْهَبِي فَأطْعِمِي بِهَا عَنْهُ سِتِّينَ مِسْكِينًا، وَارْجِعِي إلَى ابْنِ عَمِّكِ» . وروَى أبو داودَ (1) بإسْنادِه، عن أبي سَلَمَةَ بنِ عبدِ الرحمنِ، أنَّه قال: العَرَقُ زِنْبِيلٌ يَأْخُذُ خمسةَ عَشَرَ صاعًا. فالعَرَقان ثلاثونَ صاعًا، لكُلِّ مِسْكينٍ نِصْف صاعٍ. ولأنَّها كفَّارَة تَشْتَمِلُ على صِيامٍ وإطْعامٍ، فكان لكُلِّ مِسْكينٍ نِصْفُ صاعٍ مِن التَّمْرِ (2) والشَّعِيرِ، كفِدْيَةِ الأذَى. فأمَّا رِوايَةُ أبي داودَ أنَّ الْعَرَقَ سِتُّون صاعًا. فقد ضَعَّفَها، وقال: غيرُها أصَحُّ منها. وفي الحديثِ ما يدُلُّ على الضَّعْفِ؛ لأنَّ ذلك في سياقِ قَوْلِه: «إنِّي سَأُعِينُهُ بِعَرَقٍ» . فقالتِ امْرأتُه: إنِّي سأُعِينُه بعَرَقٍ آخَرَ. قال: «فأَطْعِمِي بها عنه سِتِّينَ مِسْكِينًا» . فلو كان العَرَقُ سِتِّينَ صاعًا، لكانتِ الكفَّارَةُ مائةً وعشرين صاعًا، ولا قائِلَ به. وأمَّا حَدِيثُ المُجامِعِ الذي أعْطاه خمسةَ عَشَرَ صاعًا، فقال:«تَصَدَّقْ بِهِ» . فيَحْتَمِلُ أنَّه اقْتَصَرَ عليه إذ (3) لم يَجِدْ سِواه، ولذلك لمَّا أخْبَرَه بحاجَتِه إليه أمرَه بأكْلِه. وفي الحديثِ المُتَّفَقِ عليه (4):«قَرِيبٌ مِن عِشْرِينَ صاعًا» . وليس ذلك مَذْهَبًا لأحَدٍ، فيَدُلُّ
(1) في: باب في الظهار، من كتاب الطلاق. سنن أبي داود 1/ 514.
(2)
في الأصل، ق:«البر» .
(3)
في الأصل، م:«إذا» .
(4)
يعني به حديث أبي هريرة، الذي أخرجه البخاري، في: باب إذا جامع في رمضان ولم يكن له شيء فتصدق عليه فليكفر، من كتاب الصوم. صحيح البخاري 3/ 41. ومسلم، في: باب تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان على الصائم. . .، من كتاب الصيام. صحيح مسلم 2/ 781. ولم يرد فيه عندهما تعيين مقدار المكتل أنه قريب =