الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ لَاعَنَ وَنَكَلَتِ الزَّوْجَةُ عَنِ اللِّعَانِ، خُلِّيَ سَبِيلُهَا، وَلَحِقَهُ الْوَلَدُ. ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ. وَعَنْ أحْمَدَ أَنَّهَا تُحْبَسُ حَتَّى تُقِرَّ أَوْ تُلَاعِنَ.
ــ
منهما، فلم تَثْبُتْ، كما لو شَهِدَ أحَدُهما أنَّه تَزَوَّجَها يومَ الخميسِ، وشَهِدَ الآخَرُ أنَّه تزَوَّجَها يومَ الجُمُعَةِ، وفارَقَ الإِقْرارَ بالقَذْفِ؛ فإنَّه يجوزُ أن يكونَ المُقِرُّ به واحِدًا، أقَر به في وَقْتَين بلِسانَين.
3810 - مسألة: (وإن لاعَنَ ونَكَلَتِ الزَّوْجَةُ عن اللِّعانِ، خُلِّيَ سَبِيلُها، ولَحِقَه الوَلَدُ. ذَكَرَه الخِرَقِيُّ. وعن أحمدَ أنَّها تحْبَسُ حَتَّى تقِرَّ أو تُلاعِنَ)
إذا لاعَنَ امرأتَه، وامْتَنَعَتْ مِن المُلاعَنَةِ، فلا حَدَّ عليها، والزَّوْجِيَّةُ بحالِها. وبه قال الحسنُ، والأوْزاعِيُّ، وأصْحابُ الرَّأْي. ورُوِيَ ذلك عن الحارثِ العُكْلِيِّ، وعَطاءٍ الخُراسَانِيِّ. وذهَبَ مَكْحُولٌ، والشَّعْبِيُّ، ومالِكٍ، والشافعيِّ، وأبو عُبَيدٍ، وأبو ثَوْرٍ، وأبو إسْحاقَ الجُوزْجَانِيُّ، وابنُ المُنْذِرِ، إلى أنَّ عليها الحَدَّ؛ لقولِ اللهِ تعالى:{وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} (1). والعذابُ الَّذي يَدْرَؤُه عنها لِعانُها هو الحَدُّ المَذْكُورُ في قولِه تعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ} (2). ولأنَّه بلِعانِه
(1) سورة النور 8.
(2)
سورة النور 2.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
حَقَّقَ زِنَاها، فوَجَبَ عليها الحَدُّ، كما لو شَهِدَ عليها أرْبَعةٌ. ولَنا، أنَّه يتَحَقَّقْ زنَاها، فلا يَجبُ عليها الحَدُّ، كما لو لم يُلاعِنْ، ودَلِيلُ ذلك، أنَّ تَحَققَ زِنَاها لا يَخْلُو إمّا أن يكونَ بِلعانِ الزَّوجِ، أو (1) بِنُكُولِها، لا يجوزُ أن يكونَ بِلعانِ الزَّوجِ وحدَه (2)؛ لأنَّه لو ثبَتَ زِنَاها به (3)، لَما سُمِعَ لِعَانها (4)، ولا وجَبَ الحَدُّ على قاذِفِها، ولأنَّه إمَّا يَمِينٌ وإمَّا شَهادَةٌ، وكلاهما لا يُثْبِتُ له الحَقَّ على غيرِه، ولا يجوز أن يَثْبُتَ
(1) في الأصل «و» .
(2)
سقط من: م.
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
في تش: «إنكارها» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بِنُكُولها؛ لأنَّ الحَدَّ لا يَثْبُتُ بِالنُّكُولِ، فإنَّه يُدْرَأُ بالشُّبُهاتِ، فلا يَثْبُتُ بها؛ وذلك (1) لأنَّ النُّكُولَ يَحْتَمِلُ أن يكونَ لِشِدَّةِ خَفَرِها (2)، أو لثِقَلِه على لِسَانِها، أو غيرِ ذلك، فلا يجوزُ إثْباتُ الحَدِّ الَّذي اعْتُبِرَ في بَيِّنَتِه مِن العَدَدِ ضِعْفُ ما اعْتُبِرَ في صمائِرِ الحُدُودِ، واعْتُبِرَ في حَقِّهِم أن يَصِفُوا صُورةَ الفِعْلِ، وأن يُصَرِّحُوا بلَفْظِه، وغيرُ ذلك، مُبالغَةً في نَفْي الشُّبُهاتِ عنه، وتَوَسُّلًا إلى إسْقاطِه، ولا يجوزُ أن يُقْضَى فيه بِالنُّكُولِ الَّذي هو في نفسِه شُبْهَةٌ، لا يُقْضَى به في شيءٍ مِن الحُدُودِ ولا العُقُوباتِ، ولا ما عَدَا الأمْوال، مع أنَّ الشافعيَّ لا يَرَى القضاءَ بالنُّكُولِ في شيءٍ، فكيف يَقْضِي به في أعْظَمِ الأُمُورِ وأْبعَدِها ثُبُوتًا، وأسْرَعِها سُقُوطًا! ولأنَّها لو أقَرَّتْ بِلِسانِها، ثم رَجَعَتْ، لم يَجِبْ عليها الحَدُّ؛ فلَأن لا يَجِبَ بمُجَرَّدِ امْتِناعِها مِن اليَمِينِ على بَراءَتِها (3) أوْلَى، ولا يجوزُ أن يُقْضَى فيه بهما؛ لأنَّ ما لا يُقْضَى فيه باليَمِينِ المُفْرَدَةِ، لا يُقْضَى فيه باليَمِينِ مع النُّكُولِ، كسائِرِ
(1) سقط من: الأصل.
(2)
أي: حيائها.
(3)
في الأصل: «ميراثها» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الحُقُوقِ، ولأنَّ ما (1) في كُلِّ واحدٍ منهما مِن الشُّبْهَةِ لا يَنْتَفِي بضَمِّ أحدِهما إلى الآخَرِ، فإنَّ احْتِمال نُكُولِها لِفَرْطِ حَيائِها وعَجْزِها عن النُّطْقِ باللِّعانِ في مَجْمَعِ النَّاسِ، لا يَزُولُ بلِعانِ الزَّوْجِ، والعَذابُ يجوزُ أن يكونَ الحَبْسَ أو غيرَه، فلا يَتَعَيَّنُ في الحَدِّ، وإنِ احْتَمَلَ أن يكونَ هو المُرادَ، فلا يَثْبُتُ (2) الحَدُّ بالاحْتمالِ، وقد يُرَجَّحُ ما ذَكَرْناه بقولِ عمرَ، رضي الله عنه: إنَّ الرَّجْمَ (3) على مَن زَنى وقد أحْصَنَ، إذا كانت بَيِّنَةٍ، أو كان الحملُ، أو الاعْتِرافُ (4). فذَكَرَ مُوجِباتِ الحَدِّ، ولم يَذْكُرِ اللِّعانَ. واخْتَلَفَتِ الرِّواية فيما يُصْنَعُ بها، فرُوىَ أنَّها تحْبَسُ حتَّى تَلْتَعِنَ أو تُقِرَّ أرْبَعًا. قال أحمدُ: فإن أبَتِ المرْأةُ أن تَلْتَعِنَ بعدَ الْتِعانِ الرجلِ (5)، أجْبَرْتها عليه، وهِبْت أن أحْكمَ عليها بالرَّجْمِ؛ لأنَّها لو أقَرَّتْ بلِسانِها لم أرْجُمْهَا إذا رَجَعَتْ، فكيف إذا أَبَتِ اللِّعان! ولا يسْقُطُ النَّسَبُ إلا بالْتِعانِهِما جميعًا؛ لأنَّ الفِراشَ قائمٌ حتَّى تَلْتَعِنَ، والوَلَذ للفِرَايقِ. قال القاضي: هذه الرِّواية أصَحُّ. وهذا قولُ مَن وافَقَنا في أنَّه لا حَدَّ عليها؛ وذلك لقولِ
(1) سقط من: م.
(2)
في الأصل: «ينتف» .
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
تقدم تخريجه في صفحة 158.
(5)
في م: «الزوج» .