الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ كَانَ مُظَاهِرًا، فَقَألَ: أَمْهِلُونِي حَتَّى أطْلُبَ رَقَبَةً أُعْتِقُهَا عَنْ ظِهَارِي. أُمْهِلَ ثَلَاثةَ أَيَّامٍ.
ــ
3704 - مسألة: (وإن كان مُظاهِرًا، فقال: أمْهِلُونِي حتى أطْلُبَ رَقَبَةً أُعْتِقُها عن ظِهارِي. أُمْهِلَ ثلاثةَ أيَّامٍ)
ذَكَرَ شَيخُنا (1) أنَّ الظِّهارَ كالمَرضِ في قِياسِ قَوْلِ الخِرَقِيِّ، وكذلك الاعْتِكافُ المَنْذُورُ. وقد ذَكَرَ أصحابُنا أنَّ المُظاهِرَ لا يُمْهَلُ، ويُؤْمَرُ بالطَّلاقِ. فيُخَرَّجُ مِن هذا أنَّ كُلَّ عُذْرٍ مِن فِعْلِه يَمْنَعُ الوَطْءَ لا يُمْهَلُ مِن أجْلِه. وهو مذهبُ الشافعيِّ؛ لأن الامْتِناعَ بسَبَبٍ منه، فلا يُسْقِطُ حُكْمًا واجِبًا. فعلى هذا، لا يُؤْمَرُ بالوَطْءِ؛ لأنَّه مُحَرَّمٌ عليه، ولكِن يُؤْمَرُ بالطَّلاقِ. وَوجْهُ القَوْلِ الأوَّلِ، أنَّه عاجِزٌ عن الوَطْءِ بأمْر لا يُمْكِنُه الخُرُوجُ منه، فأشْبَهَ المَرِيضَ. فأمَّا المُظاهِرُ فيُقالُ له: إمَّا أنَّ تُكَفِّرَ وتَفِئَ، وإمَّا أنْ تُطَلِّقَ. فإن قال: أمْهِلُونِي حتى أطْلُبَ رَقَبَةً، أو أُطْعِمَ. فإن عُلِمَ أنَّه قادِرٌ على التَّكْفِيرِ في الحال، وإنَّما يَقْصِدُ المُدافَعَةَ والتَّأْخِيرَ، لم يُمْهَلْ؛ لأنَّ الحَق حالٌّ عليه، وإنَّما يُمْهَل للحاجَةِ، [ولا حاجَةَ](2). وإن لم يُعْلَمْ أُمْهِلَ ثلاثةَ أيَّامٍ، فإنَّها قَرِيبَةٌ، ولا يُزادُ على ذلك. وإن كان فَرْضُه الصِّيامَ، فَطَلَبَ الإِمْهال ليصومَ شَهْرَين مُتَتابِعَين، لم يُمْهَلْ؛ لأنَّه كثيرٌ. ويتَخرَّجُ أنَّ يَفِئَ بلِسانِه فَيئَةَ
(1) في: المغني 11/ 43.
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المَعْذُورِ، ويُمْهَلَ حتى يصومَ، كقَوْلِنا في المُحْرِمِ. فإن وَطِئَها فقد عَصَى، وانْحَلَّ إيلاؤُه. ولها مَنْعُه؛ لأنَّه وَطْءٌ مُحَرَّمٌ عليهما. وقال القاضي: يَلْزَمُها التَّمْكِينُ، وإنِ امْتَنَعَتْ سَقَطَ حَقُّها؛ [لأنَّ حقَّها](1) في الوَطْءِ، وقد بَذَلَه لها، ومتى وَطِئَها فقد وَفَّاها حَقَّها، والتَّحْرِيمُ عليه دُونَها. ولَنا، أنَّه وَطْءٌ حرامٌ، فلا يَلْزَمُ التَّمْكِينُ منه، كالوَطْءِ في الحَيضِ والنِّفاسِ، وهذا يَنْقُضُ دَلِيلَه. ولا نُسَلِّمُ أنَّ التَّحْرِيمَ عليه دُونَها؛ فإنَّ الوَطْءَ متى حَرُمَ على أحَدِهما حَرُمَ على الآخَرِ؛ لكَوْنِه فِعْلًا واحدًا، ولو جازَ اخْتِصاصُ أحَدِهما بالتَّحْرِيمِ، لاخْتَصَّتِ المرأةُ بتَحْرِيم الوَطْءِ في الحَيضِ والنِّفاسِ وإحْرامِها وصِيَامِها؛ لاخْتِصاصِها بسَبَبِه.
فصل: وإنِ انْقَضَتِ المُدَّةُ وهو مَحْبُوسٌ بحَقِّ يُمْكِنُه أداؤُه، طُولِبَ بالفَيئَةِ؛ لأنَّه قادِرٌ عليها بأداءِ ما عليه، فإن لم يَفْعَلْ أُمِرَ بالطَّلاقِ. وإن كان عاجِزًا عن أدائِه، أو حُبِسَ ظُلْمًا، أُمِرَ بفَيئَةِ المَعْذُورِ. وإنِ انْقَضَتْ وهو غائِبٌ والطَّرِيقُ آمِنٌ، فلَها أنْ تُوَكِّلَ مَن يُطالِبُه بالمَسِيرِ إليها، أو حَمْلِها إليه، فإن لم يَفْعَلْ، أُخِذَ بالطَّلاقِ. وإن كان الطَّرِيقُ مَخُوفًا، أو له عُذرٌ يَمْنَعُه، فاءَ فَيئَةَ المَعْذُورِ.
فصل: فإن كان مَغْلُوبًا على عَقْلِه بجُنُونٍ أو إغْماءٍ، لم يُطالبْ؛ لأنَّه
(1) سقط من: م.