الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُجْزِئُ الْأعْرَجُ يَسِيرًا، وَالْمُجَدَّعُ الْأنفِ وَالأذُنِ، وَالْمَجْبُوبُ
ــ
بمالِه، فأشْبَهَ ما لو اشْتَراه ووَكَّلَ البائِعَ في إعْتاقِه عنه. وإن لم يَشْتَرِطْ عِوَضًا، ففيه رِوايتان؛ إحْداهما، يَقَعُ العِتْقُ عن المُعْتَقِ عنه، ويُجْزِيء عن كفَّارَته. وهو قول مالكٍ، والشافعي؛ لأنَّه أعْتَقَ عنه بأمْرِه، فصَحَّ، كما لو شَرَطَ عِوَضًا. والأخْرَى، لا يُجْزِئُ، ووَلاؤُه للمُعْتِقِ. وهو قولُ أبي حنيفةَ؛ لأنَّ العِتْقَ بعِوَضٍ كالبَيعِ، وبغيرِ عِوَضٍ كالهِبَةِ، ومِن شَرْطِ الهبَةِ القَبْضُ، ولم يَحْصُلْ، فلم يَقعْ عن المَوْهُوب له، ويُفارِقُ البَيعَ؛ لأَنَّه لا يُشْتَرَطُ فيه القَبْضُ. فإن كان المُعْتَقُ عنه مَيِّتًا، وكان قد وَصَّى بالعِتْقِ عنه، صَحَّ؛ لأنَّه بأمْرِه، وإن لم يُوصِ فأعْتَقَ عنه أجْنَبِيٌّ، لم يَصِحَّ؛ لأنَّه ليس بنائِبٍ عنه. وإن أعْتَقَ عنه وارِثُه؛ فإن لم يكُنْ عليه واجِبٌ، لم يصِحَّ العِتْقُ عنه، ووَقَعَ عن المُعْتِقِ، وإن كان عليه عِتْقٌ واجِبٌ، صَحَّ العِتْقُ عنه؛ لأنَّه نائِبٌ عنه في مالِه وأداءِ واجِباتِه. فإن كانت عليه كفَّارَةُ يَمِين فأطْعَمَ عنه، جاز، وإن أعْتَقَ عنه، ففيه وَجْهانِ؛ أحَدُهما، ليس له ذلك؛ لأنَّه غيرُ مُتَعَيِّن، فجَرَى مَجْرَى التَّطَوُّعِ. والثَّاني، يُجْزِئُ؛ لأنَّ العِتْقَ يَقَعُ واجِبًا؛ لأنَّ الوُجُوبَ يتَعَيَّنُ فيه بالفِعْلِ، فأشْبَهَ المُعَيَّنَ، ولأنَّه أحَدُ خِصالِ كفَّارَةِ اليَمِينِ، فجازَ أنَّ يَفْعَلَه عنه، كالإطْعامِ والكُسْوَةِ. ولو قال مَن عليه الكفَّارَةُ: أطْعِمْ عن كفَّارَتِي. أو: اكْسُ. صَحَّ إذا فَعَلَ، رِوايةً واحِدَةً، سواء ضَمِنَ له عِوَضًا أو لا.
3760 - مسألة: (ويُجْزِيء الأعْرَجُ يَسِيرًا)
لأنَّه قَلِيلُ الضَّرَرِ
وَالْخَصِيُّ، وَمَنْ يُخْنَقُ فِي الأحْيَانِ، وَالْأَصَمُّ وَالأخْرَسُ الَّذِي يَفْهَمُ الْإشَارَةَ وَتُفْهَمُ إِشَارَتُهُ،
ــ
بالعَمَلِ، فإن كان فاحِشًا كثيرًا، لم يُجْزِئْ؛ لأنَّه يَضُرُّ بالعَمَلِ، فهو كقَطعَ الرِّجْل. (و) يجزِيء (المُجَدَّعُ الأنْفِ والأذُنِ) وفي مُجدَّعِ الأذُنين خِلاف ذَكَرْناه. (و) يُجْزِئُ (المَجْبُوبُ، والخَصِيُّ، ومَنْ يُخْنَقُ في الأحْيانِ، والأصَمُّ) لأنَّ هذا لا يَضُرُّ بالعملِ، وتُجْزِئُ الرَّتْقاءُ، والكبيرةُ التي تَقْدِرُ على العملِ؛ لأنَّ ما لا يَضُرُّ بالعملِ لا يَمْنَعُ تَمْلِيكَ العَبْدِ مَنافِعَه، وتَكْمِيلَ أحْكامِه، فحصَلَ الإجْزاءُ به، كالسَّالِم مِن العُيُوبِ.
فصل: ويُجْزِئُ عتْقُ الجانِي، وإن قُتِل قِصاصًا، والمَرْهُونِ، وعِتْقُ المُفْلِسِ عبدَه، إذا قُلْنا بصِحَّةِ عِتْقِه.
فصل: ويُجْزِئُ الأعْوَرُ في قولِهم جيعًا. وقال أبو بكرٍ: فيه قولٌ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
آخَرُ، لا يُجْزِئُ؛ لأنَّه نَقْصٌ يَمْنَعُ التَّضْحِيَةَ والإجْزاءَ في الهَدْي، فأشْبَهَ العَمَى. والصَّحِيحُ ما ذَكَرْناه؛ فإنَّ المقْصُودَ تَمْلِيكُ العبدِ المنافِعَ، وتَكْمِيلُ الأحْكامِ، والعَوَرُ لا يَمْنَعُ ذلك، ولأنَّه لا يَضُرُّ بالعملِ، أشْبَهَ قَطْعَ إحْدَى الأُذُنَين. ويُفارِقُ العَمَى، فإنَّه يَضُرُّ بالعَمَلِ ضَرَرًا بَيِّنَّا، ويَمْنَعُ كثيرًا مِن الصَّنائِعِ، ويَذْهَبُ بمَنْفَعَةِ الجِنْسِ. ويُفارِقُ قَطْعَ إحْدَى اليَدَينِ أو الرِّجْلَين؛ فإنَّه لا يَعْمَلُ بإحْداهما ما يَعْمَلُ بهما، والأعْوَرُ يُدْرِكُ بإحْدَى العَينَين ما يُدْرِكُ بهما. وأمَّا الأضْحِيَةُ والهَدْيُ، فإنَّه لا يَمْنَعُ منهما مُجَرَّدُ العَوَرِ، وإنَّما يَمْنَعُ انْخِسافُ العَينِ؛ لأنَّها عُضْوٌ مُسْتَطابٌ، ولأنَّ الأضْحِيَةَ يَمْنَعُ فيها قَطْعُ الأُذُنِ والقَرْنِ، والعِتْقُ لا يَمْنَعُ فيه إلَّا ما يَضُرُّ بالعَمَلِ.