الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ وَلَدَتْ تَوأَمَينِ، فَأَقَرَّ بِأَحَدِهِمَا وَنَفَى الْآخَرَ، لَحِقَهُ نَسَبُهُمَا، وَيُلَاعِنُ لِنَفْي الْحَدِّ. وَقَال الْقَاضِي: يُحَدُّ.
ــ
بالولادَةِ مَقبُولة؛ لأنَّها مِمَّا لا يَطَّلِعُ عليها الرِّجال.
3807 - مسألة: (وإن وَلَدَتْ تَوْأمَين، فأقَرَّ بأحَدِهما ونَفَى الآخَرَ، لَحِقَه نَسَبُهُما، ويُلاعِنُ لِنَفْي الحَدِّ)
عنه (وقال القاضي: يُحَدُّ) إذا وَلَدَت تَوْأمَين، بينَهما أقَلُّ مِن سِتَّةِ أشْهُر، فاسْتَلْحَقَ أحَدَهُما ونَفَى الآخَرَ، لَحِقا به؛ لأنَّ الحَمْلَ الواحدَ لا يجوزُ أن يكونَ بعضُه منه وبعضُه مِن غيرِه، فإذا ثَبَت نَسَبُ أحَدِهما منه، ثَبَتَ نسبُ الآخَرِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ضَرُورةً، فجَعَلْنا ما نَفَاه تابِعًا لِما اسْتَلْحَقَه، ولم يُجْعَلْ ما أقَرَّ به تابِعًا لِما نَفَاه؛ لأنَّ النَّسَبَ يُحْتاطُ لإِثْباتِه لا لِنَفْيه، ولهذا لو أتَتِ امرأتُه بوَلَدٍ يُمْكِنُ كونُه منه، ويُمْكِنُ كونُه مِن غيرِه، أَلْحَقْناه به احْتِياطًا، ولم نَقْطَعْه عنه احْتِياطًا لِنَفْيه. فعلى هذا، إن كان قد قَذَفَ أُمَّهما (1) فطالبَتْه بالحَدِّ، فله إسْقاطُه باللِّعانِ. وحُكِيَ عن القاضي، أنَّه يُحَدُّ، ولا يَمْلِكُ إسْقاطَه باللِّعانِ. وهو مذهبُ الشافعيِّ؛ لأنَّه باسْتِلْحاقِه اعْتَرَفَ بكَذِبِهِ في قَذْفِه، فلم يُسْمَع إنْكارُه بعدَ ذلك. ووَجْهُ الأوَّلِ، أنَّه لا يَلْزَمُ مِن كونِ الوَلَدِ منه انْتِفاءُ الزِّنَى عنها، كما لا يَلْزَمُ مِن وُجُودِ الزِّنَى كونُ الوَلَدِ منه، ولذلك لو أقَرَّتْ بالزِّنَى، أو قامت به (2) بَيِّنَة، لم يَنْتَفِ الوَلَدُ عنه، فلا تَنافِيَ بينِ لِعانِه وبينَ اسْتَلْحَاقَه للولَدِ. فإنِ اسْتَلْحَقَ أحَدَ التَّوْأمَينِ وسَكَتَ عن الآخرِ، لَحِقَه؛ لأنَّه لو نَفَاه لَلَحِقَه، فإذا سَكَتَ عنه كان أَوْلَى، ولأنَّ امْرَأتَه متى أتَتْ بوَلَدٍ، لَحِقَه ما لم يَنْفِه عنه باللِّعانِ. وإن نَفَى أحَدَهما، وسَكَتَ عن الآخَرِ، لَحِقَاهُ جميعًا. فإن قيل: ألَا نَفَيتُم المَسْكُوتَ عنه؛ لأنَّه قد نَفَى أخاه، وهما حَمْلٌ واحدٌ؟ قُلْنا: لُحُوقُ النَّسَبِ مَبْنِيٌّ على التَّغلِيبِ، وهو يَثْبُتُ بمُجَرَّدِ الإمكانِ وإن لم يَثْبُتِ الوَطْءُ، ولا يَنْتَفِي لإِمْكانِ النَّفْي،
(1) في الأصل: «أمها» .
(2)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فافْتَرَقا. فإِن أتَتْ بوَلَدٍ، فنَفَاه، ولاعَنَ لِنَفْيه، ثم ولدَتْ آخَرَ لأقَلَّ مِن سِتَّةِ أشْهُرٍ، لم يَنْتَفِ الثاني باللِّعانِ الأولِ؛ لأنَّ اللِّعان يتناوَلُ الأَوَّلَ وحدَه، ويَحْتاجُ (1) في نَفْي الثَّانِي إلى لِعانٍ ثانٍ. ويَحْتَمِلُ أنَّه يَنْتَفِي بِنَفْيِه مِن غيرِ حاجةٍ إلى لِعانٍ ثَانٍ؛ لأنَّهما حَمْلٌ واحِدٌ، وقد لاعَنَ لِنَفْيِه مَرَّةً، فلا يَحْتاجُ إلى لِعانٍ ثانٍ (2). ذَكَرَه القاضي. فإن أقَرَّ بالثاني لَحِقَه هو والأولُ؛ لِما ذكَرْناه، وإدْ سَكَت عن نَفْيه، لَحِقاه أيضًا. فأمَّا إن نَفَى الوَلَدَ باللعانِ، ثم [أتَتْ بوَلَدٍ](3) آخَرَ بعدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فهو مِن حَمْلٍ آخَرَ، فإنَّه لا يجوزُ أن يكونَ بمنَ وَلَدَين مِن حَمْلٍ واحِدٍ مُدَّةُ الحَمْلِ، ولو أمْكَنَ لم تَكُنْ هذه مُدَّةَ حَمْلٍ كاملٍ. فإن نَفَى هذا الولد باللِّعانِ، انْتَفَى، ولا يَنْتَفِي بغيرِ اللِّعانِ؛ لأنَّه حَمْل مُنْفَرِد، وإنِ اسْتَلْحَقَه أو تَرَك نَفْيَه، لَحِقَه وإن كانَتْ قد بانتْ باللِّعَانِ؛ لأنَّه يُمكِنُ أن يكونَ قد وَطِئَها بعدَ وضْعِ الأوَّلِ. وإن لَاعَنَها قبلَ وَضْعِ الأوَّلٍ، فَأَتَتْ بولَدٍ، ثم ولَدَتْ آخرَ بعدَ سِتَّةِ أشْهُرٍ، لم يَلْحَقْه الثاني؛ لأنَّها بانتْ باللِّعانِ، وانْقَضَتْ عِدَّتُها بوَضْعِ الأوَّلِ، وكان حَمْلُها الثاني بعدَ انْقِضاءِ عِدَّتِها في غيرِ نكاحٍ، فلم يَحْتَجْ إلى نَفْيِه.
(1) في م: «لا يحتاج» .
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
في م: «ولد» .
فَصْلٌ: الثَّالِثُ: أن تُكَذِّبَهُ الزَّوْجَةُ وَيَسْتَمِرّ ذَلِكَ إلَى انْقِضَاءِ اللِّعَانِ، فَإِنْ صَدَّقَتْهُ أو سَكَتَتْ، لَحِقَهُ النَّسَبُ،
ــ
فصل: فإن مات أحَدُ التَّوْأمَين، أو ماتا معًا، فله أن يُلاعِنَ لنَفْي نَسَبِهما. وبهذا قال الشافعيُّ. وقال أبو حنيفةَ: يَلْزَمُه نَسَبُ الحَيٍّ، ولا يُلاعِنُ إلَّا (1) لِنَفْي الحَدِّ، لأنَّ المَيِّتَ لا يَصِحُّ نَفْيُه باللِّعانِ، فإنَّ نسَبَه قد انْقَطَعَ بمَوْتِه، ولا حاجَةَ إلى نَفْيِه باللِّعانِ، كما لو ماتتِ امرأتُه، فإنَّه لا يُلاعِنُها بعدَ مَوْتِها لِقَطْعِ النِّكاحِ؛ لكَوْنِه قد انْقَطَعَ، وإذا لم يَنْتَفِ المَيِّتُ لم يَنْتَفِ الحَيُّ؛ لأنَّهما حَمْل واحِدٌ. ولَنا، أنَّ المَيِّتَ يُنْسَبُ إليه، فيقالُ: ابنُ فلانٍ. ويَلْزَمُه تَجْهِيزُه وتَكْفِينُه، فكان له نَفْيُ نَسَبِه، وإسْقاطُ مُؤنَتِه، كالحَيِّ، وكما لو كان للمَيِّتِ وَلَدٌ.
فصل: قال المُصَنِّفُ، رحمه الله:(الثَّالثُ، أن تُكَذِّبَه الزَّوْجَةُ ويَسْتَمِرَّ ذلك إلى انْقِضاءِ اللِّعانِ) لأنَّ المُلاعَنَةَ إنَّما تَنْتَظِمُ مِن الزَّوْجَينِ، وإذا لم تُكَذِّبْه، لم تُلاعِنْه، فلا يَصِحُّ اللِّعانُ (فإن صَدَّقَتْه أو سَكَتَتْ، لَحِقَه النَّسَبُ) لأنَّ الولَدَ للفِراشِ، وإنَّما يَنْتَفِي عنه باللِّعانِ، ولم يُوجَدِ
(1) سقط من: م.
وَلَا لِعَانَ في قِيَاسِ الْمَذْهَبِ.
ــ
اللِّعانُ؛ لانْتِفاءِ شَرْطِه، فبَقِيَ (1) النَّسَبُ لاحِقًا به (ولا لِعانَ في قِياسِ المذهبِ) ثم إن كان تَصْديقُها له قبلَ لِعانِه، فلا لِعانَ بينَهما؛ لأنَّ اللِّعانَ كالبَيِّنَةِ، إنَّما تُقامُ مع الإِنْكارِ، فإن كان بعدَ لِعانِه، لم تُلاعِنْ هي؛ لأنَّها لا تَحْلِفُ مع الإقْرارِ، وحُكْمُها حُكْمُ ما لو امْتَنَعَتْ مِن غيرِ إقْرارٍ. وبهذا قال أبو حنيفةَ. وقال الشافعيُّ: إن صَدَّقَتْه قبلَ لِعَانِه، فعليها الحَدُّ، وليس له أن يُلاعِنَ، إلَّا أن يكونَ له نسَبٌ يَنْفِيه، فيُلاعِنُ وحدَه، ويَنْتَفِي النَّسَبُ بمُجَرَّدِ لِعَانِه، وإن كان بعدَ لِعَانِه، فقد انْتَفَى النَّسَبُ، ولَزِمَها الحَدُّ. بِناءً على أنَّ النَّسَبَ يَنْتَفِي بمُجَرَّدِ لِعانِه، وتَقَعُ الفُرْقَةُ، ويَجِبُ الحَدُّ، [فإنَّ الحَدَّ يَجِبُ](2) بإقْرارِه مَرَّةً. وهذه الأُصُولُ تُذْكَرُ في مَوْضِعِها إن شاءَ اللهُ تَعالى. ولو أقَرَّتْ أرْبَعًا، وَجَبَ الحَدُّ، ولا لِعَانَ بَينَهما إذا لم يَكُنْ ثَمَّ نَسَبٌ يُنْفَى. وإن رجَعَتْ سَقَطَ الحَدُّ عنها، بغيرِ خِلافٍ عَلِمْناه.
(1) في م: «فنفى» .
(2)
سقط من: الأصل.