الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِرَجْعَتِهَا، لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ، لَكِنْ إِنْ صَدَّقَهُ الزَّوْجُ الثَّانِي بَانَتْ مِنْهُ، وَإِنْ صَدَّقَتْهُ الْمَرْأةُ، لَمْ يُقْبَلْ تَصْدِيقُهَا، لَكِنْ مَتَى بَانَتْ مِنْهُ، عَادَتْ إِلَى الأوَّلِ بِغَيرِ عَقْدٍ جَدِيدٍ.
ــ
فإن كان أقامَ البَيِّنَةَ قبلَ دُخولِ الثَّانِي بها، رُدَّتْ إلى الأوَّلِ، بِغَيرِ خِلافٍ في المذْهَبِ. وهي إحْدَى الرِّوايَتَين عن مالكٍ. وأمَّا إن تَزَوَّجَها مع عِلْمِها بالرَّجْعَةِ، أو عِلْمِ أحَدِهما، فالنِّكاحُ باطِلٌ بغَيرِ خِلافٍ، والوَطْءُ مُحَرَّم على مَن عَلِمَ، وحُكْمُه حُكْمُ الزَّانِي في الحَدِّ وغيرِه؛ لأنَّه وَطِئَ امْرأةَ غيرِه مع عِلْمِه.
3658 - مسألة: (وإن لم يَكُنْ للمُدَّعِي بَيِّنةٌ بالرَّجْعةِ)
فأنْكَرَه أحَدُهما، لم يُقْبَلْ قَوْلُه، فإن أنْكَراه جيعًا، فالنِّكاحُ صَحِيحٌ في حَقِّهِما، وإنِ اعْتَرَفا له بالرَّجْعَةِ، ثَبَتتْ، والحُكْمُ فيه كالحُكْمِ فيما إذا قامَت به البَيِّنةُ سَواءً، في أنَّها تُرَدُّ إليه. وإن أقَرَّ له الزَّوْجُ وحدَه، فقد اعْتَرَفَ بفسادِ نِكاحِه، فتَبينُ منه، وعليه مَهْرُها إن كان دَخَلَ بها، أو نِصْفُه إن كان لم يَدْخُلْ بها؛ لأنَّه لا يُصَدَّقُ على المرْأةِ في إسْقاطِ حَقِّها عنه، ولا تُسَلَّمُ المرْأة إلى المُدَّعِي؛ لأنَّه لا يُقْبَلُ قَوْلُ الزَّوْجِ الثَّانِي عليها، وإنَّما يُقْبَلُ في حَقِّه،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ويَكُونُ القَوْلُ قولَها. وهل هو مع يَمِينِها أو لا؟ على وَجْهَينِ. قال شيخُنا (1): ولا تُسْتَحْلَفُ؛ لأنّها لو أقَرَّتْ لم يُقْبَلْ إقْرارُها، فإذا أنْكَرَتْ لم تَجِبِ اليَمِينُ. وفيه وَجْهٌ آخَرُ، أنَّها تَجِبُ عليها. وإنِ اعْتَرَفَتِ المرْأةُ وأنْكَرَ الزَّوْجُ، لم يُقْبَلِ اعْتِرافُها على الزَّوْجِ في فَسْخ نِكاحِه؛ لأنَّ قَوْلَها إنَّما يُقْبَلُ على نَفْسِها في حَقِّها. وهل يُسْتَحْلَفُ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَينِ؛ أحَدُهما، لا يُسْتحْلَفُ. اخْتارَه القاضي؛ لأنَّه دَعْوَى في النِّكاحِ، فلم يُسْتَحْلَفْ، كما لو ادَّعَى زَوْجِيَّةَ امْرَأةٍ فأنْكَرَتْه. والثَّاني، يُسْتَحْلَف. قال القاضي: وهو قَوْلُ الخِرَقِيِّ؛ لعُمُومِ قَوْلِه عليه السلام: «ولَكِنَّ اليَمِينَ علَى المُدَّعَى عَلَيهِ» (2). ولأنَّه دَعْوَى في حَقِّ آدَمِيٍّ، فيُسْتَحْلَفُ فيه كالمالِ. فإن حَلَفَ فيَمِينُه على نَفْي العِلْمِ؛ لأنَّه على نفي فِعْلِ الغَيرِ. فإن زال نِكاحُه بطَلاقٍ، أو فَسْخٍ، أو مَوْتٍ، رُدَّتْ إلى الأوَّلِ مِن غَيرِ عَقْدٍ؛ لأنَّ المَنْعَ مِن رَدِّها إنَّما كان لحَقِّ الثَّانِي، فإذا زال زال المَنْعُ، وحُكِمَ بأنَّها زَوْجَةُ الأوَّلِ، كما لو شَهِدَ بحُرِّيَّةِ عَبْدٍ ثم اشْتَراه، عَتَقَ عليه. ولا يَلْزَمُها للأوَّلِ مَهْرٌ بحَالٍ. وذَكَرَ القاضي أنَّ له عليها مَهْرًا.
(1) في: المغني 10/ 575.
(2)
تقدم تخريجه في 12/ 478.