الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ قَال: وَالله لا أَطَؤكُنَّ. فَهِيَ كَالَّتِي قَبْلَهَا فِي أَحَدِ الْوَجْهَينِ. وَفِي الْآخَرِ، لَا يَصِيرُ مُوليًا حَتَّى يَطَأَ ثَلاثًا، فَيَصِيرَ مُوليًا مِنَ الرَّابِعَةِ. فَعَلَى هَذَا، لَوْ طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ، أَوْ مَاتَتِ، انْحَلَّتْ يَمِينُهُ هَهُنَا. وَفِي الْوَجْهِ الْآخَرِ، لَا تَنْحَلُّ فِي الْبَوَاقِي.
ــ
3691 - مسألة: (وإن قال: واللهِ لا أطَؤُكُنَّ. فهي كالتي قبْلَها في أحدِ الوَجْهَينِ)
وهذا يَنْبَنِي على أصْل، وهو الحِنْثُ بفِعْلِ بَعْض المَحْلُوفِ عليه أَوْ لَا؟ فإن قُلْنا: يَحْنَثُ. فهو مُولٍ مِنْهُنَّ كُلِّهنَّ في الحالِ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُه وَطْءُ (1) واحِدَةٍ بغيرِ حِنْثٍ، فصار مانِعًا لنَفْسِه مِن وَطْءِ كُلِّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ في الحالِ. فإن وَطِيء واحِدَةً مِنْهُنَّ، حَنِثَ، وانْحَلَّتْ يَمِينُه، وزال الإِيلاءُ مِن البواقي. وإن طَلَّقَ بعْضَهُنَّ أو ماتَتْ، لم يَنْحَلَّ الإِيلاءُ في البَواقِي. وإن قُلْنا: لا يَحْنَثُ بفِعْلِ البَعْضِ. لم يَكُنْ مُولِيًا مِنْهُنَّ في
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الحالِ؛ لأنَّه يُمْكِنُه وَطْءُ كلِّ (1) واحِدَةٍ منهُنَّ مِن غيرِ حِنْثٍ، فلم يَمْنَعْ نَفْسَه بيَمِينِه مِن وَطْئِها، فلم يَكُنْ مُولِيًا منها. فإن وَطِيء ثلاثًا، صار مُولِيًا مِن الرَّابِعَةِ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُه وَطْؤُها مِن غيرِ حِنْثٍ في يَمِينِه. وإن مات بعْضُهُنَّ، أو طَلَّقَها، انْحَلَّتْ يَمِينُه، وزال الإِيلاءُ؛ لأنَّه لا يَحْنَثُ إلَّا بوَطْءِ الأرْبَعِ (2). فإن راجَعَ المُطَلَّقَةَ، أو تَزَوَّجَها بعدَ بَينُونَتِها، عاد حُكْمُ يَمينه. وذَكَرَ القاضي، أنَّا إذا قُلْنا: يَحْنَث بفِعْلِ البعْضِ. فوَطِيء واحِدَةً، حَنِثَ، ولم يَنْحَلَّ الإِيلاءُ في البواقي؛ لأنَّ الإِيلاءَ مِن امْرَأةٍ لا يَنْحَلُّ بوَطْءِ غَيرِها. ولَنا، أنَّها يَمِينٌ واحِدَةٌ حَنِثَ فيها، فوَجَبَ أنَّ تَنْحَلَّ، كسَائِرِ الأيمانِ، ولأنَّه إذا وَطِيء واحِدَةً حَنِثَ، وَلَزِمَتْه الكَفَّارَةُ، فلا يَلْزَمُه بوَطْءِ الباقياتِ شيءٌ، فلم يَبْقَ مُمْتَنِعًا مِن وَطْئِهِنَّ بِحُكْمِ يَمِينه، فانْحَلَّ الإِيلاءُ، كما لو كَفَّرَها. واخْتَلَفَ أصحابُ الشافعيِّ، فقال بعْضُهُم: لا يكونُ مُولِيًا مِنْهُنَّ حتى يَطَأ ثَلاثًا، فيَصِيرُ مُولِيًا مِن الرَّابِعَةِ. وحَكَى المُزَنِيُّ عن الشافعيِّ، أنَّه يكونُ مُولِيًا مِنْهُنَّ كلِّهِنَّ، يُوقَفُ لكُلِّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ،
(1) سقط من: م.
(2)
في تش: «الرابعة» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فإذا أصابَ بَعْضَهُنَّ، خَرَجَتْ مِن حُكْمِ الإِيلاءِ، ويُوقَفُ لمَن بَقِيَ حَتَّى يَفِئَ أو يُطَلِّقَ، ولا يَحْنَثُ حتَّى يَطَأ الأرْبَعَ. وقال أصحابُ الرَّأْي: يكون مُولِيًا مِنْهُنَّ كُلّهِنَّ، فإن تَرَكَهُنَّ أرْبَعَةَ أشْهُرٍ، بِنَّ منه جَمِيعًا بالإِيلاءِ، وإن وَطِيء بَعْضَهُنَّ، سَقَطَ الإِيلاءُ في حَقِّها، ولا يَحْنَث إلَّا بوَطْئِهِنَّ جميعًا. ولَنا، أنَّ مَن لا يَحْنَثُ بوَطْئِها، لا يكونُ مُولِيًا منها، كالتي لم يَحْلِفْ عليها.
فصل: وفي هذه المواضِعِ التي قُلْنا: يكونُ مُولِيًا مِنْهُنَّ كُلِّهِنَّ. إذا طالبْنَ كُلُّهُنَّ بالفَيئَةِ، وُقِفَ لَهُنَّ كُلِّهِنَّ، وإن طالبْنَ في أوْقاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، ففيه روايتان؛ إحْداهما، يُوقَفُ للْجَميعِ وَقْتَ مُطالبةِ أُولَاهُنَّ. قال القاضي: وهو ظاهِرُ كلامِ أحمدَ. والثَّانِيَةُ، يُوقَفُ لكُلِّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ عندَ مُطالبَتِها. اختاره أبو بكرٍ. وهو مذْهبُ الشافعيِّ. وإذا وُقِفَ للأولَى، فَطَلَّقَها، وُقِفَ للثَّانِيَةِ، فإن طَلَّقَها، وُقِفَ للثَّالِثةِ، فإن طَلقَها،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وُقِفَ للرَّابِعَةِ. وكذلك مَن مات مِنْهُنَّ، لم يَمْنَعْ مِن وَقْفِه للأُخْرَى؛ لأنَّ يَمِينَه لم تَنْحَلَّ، وإيلاؤُه باقٍ؛ لعَدَمِ حِنْثِه فيهنَّ. فإن وَطِيء إحْداهُنَّ حِينَ وُقِفَ لها، أو قَبلَه (1)، انْحَلَّتْ يَمِينُه، وسَقَطَ حُكْمُ الإِيلاءِ في الباقياتِ، على ما قُلْناه. وعلى قَوْلِ القاضي ومَن وافَقَه، يُوقَفُ للباقياتِ، كما لو طَلَّقَ التي وُقِفَ لها.
فصل: فإن قال: كُلَّما وَطِئْتُ واحِدَةً مِنْكُنَّ فضَرائِرُها طَوالِقُ. فإن قُلْنا: ليس هذا بإيلاءٍ. فلا كلامَ. وإن قُلْنا: هو إيلاءٌ. فهو مُولٍ مِنْهُنَّ كلِّهِنَّ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُه وَطْءُ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ إلَّا بطَلاقِ ضَرائِرِها، فَيُوقَفُ لَهُنَّ. فإن فاء إلى واحِدَةٍ، طَلُقَ ضَرائِرُها، فإن كان الطَّلاقُ بائِنًا، انْحَلَّ الإِيلاءُ؛ لأنَّه لم يَبْقَ مَمْنُوعًا مِن وَطْئِهَا بحُكْمِ يَمِينه. فإن كان رَجْعِيًّا، فراجَعَهُنَّ، بَقِيَ حُكْمُ الإِيلاءِ في حَقِّهِنَّ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُه وَطْءُ واحِدَةٍ إلَّا بطَلاقِ ضَرائِرِها. وكذلك إن راجَعَ بعْضَهُنَّ لذلك، إلَّا أنَّ المُدَّةَ تُسْتأْنفُ مِن حِينِ الرَّجْعَةِ. ولو كانَ الطَّلاقُ بائنًا (2)، فعاد فَتَزَوجَهُنَّ، أو تَزَؤجَ بعْضَهُن، عاد حُكْمُ الإِيلاءِ، واسْتُؤْنِفَتِ المُدَّةُ مِن حِينِ النِّكاء. وسَواءٌ تَزَوجَها في العِدَّةِ أو بَعْدَها، أو بعدَ زَوْجٍ آخَرَ وإصابةٍ؛ لِما سَنذْكُرُه، إن شاء الله تعالى، فيما بعدُ. وإن قال: نوَيتُ واحِدَةً بعَينِها. قُبِلَ منه،
(1) في م: «قبلها» .
(2)
في م: «تامًّا» .