الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْ ذِمِّيٌّ وهِيَ ذِمِّيَّةٌ، أَحَلَّهَا،
ــ
عن الحسنِ؛ لأنَّه وَطْءٌ مِن غَيرِ بالِغٍ، فأشْبَهَ وَطْءَ الصَّغِيرِ. ولَنا، ظاهِرُ النَّصِّ، وأنَّه وَطْءٌ مِن زَوْجٍ في نِكاحٍ صَحِيحٍ، فأشْبَهَ البالِغ، ويُخالِفُ الصَّغِيرَ؛ فإنَّه لا يُمْكِنُ الوَطْءُ منه، ولا تُذاقُ عُسَيلته. قال القاضي: يُشْتَرَطُ أن يكونَ له اثْنَتا عَشْرَةَ سَنَةً؛ لأنَّ مَن دُونَ ذلك لا يُمْكِنُه المُجامَعَة. ولا مَعْنى لهذا؛ فإنَّ الخِلافَ في المُجَامِعِ (1)، ومتى أمْكَنَه الجِماعُ، فقد وُجِدَ منه المقْصُودُ، فلا مَعْنَى لاعْتِبارِ سِنٍّ ما ورَد (2) الشَّرْعُ باعْتِبارِها، وتَقْدِيرٍ بمُجَرَّدِ الرَّأْي والتَّحَكُّمِ.
3665 - مسألة: فإن كانت ذِمِّيَّةً، فوَطِئَها زَوْجُها الذِّمِّيُّ، أحَلَّها لمُطَلِّقِها المُسلمِ
. نَصَّ عليه أحمدُ. وقال: هو زَوْجٌ، وبه تَجِبُ المُلاعَنَةُ والقَسَمُ. وبه قال الحسَنُ، والزُّهْرِيُّ، والثَّوْرِيُّ، والشافعيُّ، وأبو عُبَيدٍ، وأصحابُ الرَّأْي، وابنُ المُنْذِرِ. وقال رَبِيعَةُ، ومالكٌ: لا يُحِلُّها. ولَنا، ظاهِرُ الآيَةِ، ولأنَّه وَطْءٌ مِن زَوْجٍ في نِكاحٍ صَحِيحٍ تَامٍّ، أشْبَهَ وَطْءَ المُسْلِمِ.
(1) في م: «المجامعة» .
(2)
بعده في الأصل: «به» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن كانا مَجْنُونَين، أو أحَدُهما، فوَطِئها، أحَلَّها. وقال أبو عبدِ الله بنُ حامِدٍ: لا يُحِلُّها؛ لأنَّه لا يَذُوقُ العُسَيلَةَ. ولَنا، ظاهِرُ الآيَةِ، ولأنَّه وَطْءٌ مُباحٌ في نِكاحٍ صَحِيحٍ، أشْبَهَ العاقِلَ. وقَوْلُه: لا يَذوقُ العُسَيلَةَ. لا يَصِحُّ، فإنَّ الجُنُونَ إنَّما هو تَغْطِيَةُ العَقْلِ، وليس العَقْلُ شَرْطًا في الشَّهْوَةِ وحُصُولِ اللَّذَّةِ، بدَلِيلِ [البَهائِمِ، لكن إن كان المجْنُونُ ذاهِبَ الحِسِّ، كالمصْرُوعِ والمُغْمَى عليه، لم يَحْصُلِ الحِلُّ بوَطْئِه، ولا بوَطْءِ مَجْنُونَةٍ في هذه](1) الحَالِ؛ لأنَّها لا تَذُوقُ العُسيلَةَ، ولا تَحْصُلُ لها لَذَّةٌ. ولعلَّ ابنَ حامِدٍ إنَّما أَرادَ المجْنُونَ الذي هذا حالُه، فلا يكونُ ههُنا اخْتِلافٌ. [ولو وَطِئَ](2) مُغْمًى عليها، أو نائِمَةً لا تُحِسُّ بوَطْئِه، فيَنْبَغِي أن لا تَحِلَّ بهذا؛ لِما ذَكَرْنا. وحَكاه ابنُ المُنْذِرِ. ويَحْتَمِلُ حُصُولُ الحِلِّ في ذلك كُلِّه؛ لعُمُومِ النَّصِّ. فإن وَجَدَ على فِراشِه امْرَأةً، فَظَنَّها أجْنَبِيَّةً، أو ظَنَّها جارِيَتَه، فوَطِئَها، فإذا هي امْرَأتُه، أحلَّها؛ لأنَّه صادَفَ نِكاحًا صَحِيحًا. ولو وَطِئها فأفْضاها، أو وَطِئَها وهي مَرِيضَةٌ تَتَضَرَّرُ بوَطْئِه، أحَلَّها؛ لأنَّ التَّحْرِيمَ ههُنا لِحَقِّها. وإنِ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَه وهو نَائِمٌ، أو مُغْمًى عليه، لم تَحِلَّ؛ لأنَّه لم يَذُقْ عُسَيلَتَها. ويَحْتَمِلُ أن تَحِلَّ؛ لعُمُومَ الآيَةِ.
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في م: «وكوطء» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن كان خَصِيًّا، أو مَسْلُولًا، أو مَوْجُوءًا، حَلَّتْ بوَطْئِه؛ لأنَّه يَطَأ كالفَحْلِ، ولم يَفْقِدْ إلَّا الإِنْزال، وهو غَيرُ مُعْتَبَرٍ في الإِحْلالِ. وهذا قَوْلُ الشافعيِّ. قال أبو بكرٍ: وقد رُوِيَ عن أحمدَ في الخَصِيِّ، أنّه لا يُحِلُّها؛ فإنَّ أَبا طالِبٍ سألَه عن المرْأةِ تَتَزَوَّجُ الخَصِيَّ، تُسْتَحَلُّ به؟ قال: لا [خَصِيَّ يَذُوقُ](1) العُسَيلَةَ. قال أبو بكرٍ: والعَمَلُ على ما رَواه مُهَنَّا، أنَّها تَحِلُّ. ووَجْهُ الأوَّلِ، أنَّ الخَصِيَّ لا يَحْصُلُ منه الإِنْزالُ، فلا تَنالُ لَذَّةَ الوَطْءِ، فلا تَذُوقُ العُسَيلَةَ. ويَحْتَمِلُ أنَّ أحمدَ قال ذلك؛ لأنَّ الخَصِيَّ في الغَالِبِ لا يَحْصُلُ منه الوَطْءُ، أو ليس مَظِنَّةَ الإِنْزالِ، فلا يَحْصُلُ الإِحْلالُ بوَطْئِه، كالوَطْءِ مِن غيرِ انْتِشارٍ. والأولى، إن شاءَ اللهُ، حُصُولُ الإِحْلالِ به؛ لأنَّه يَحْصُلُ بوَطْءِ المُراهِقِ الذي لا يَحْصُلُ منه الإِنْزالُ، ولذلك تَحِلُّ المُرَاهِقَةُ التي لا يُتَصَوَّرُ منها الإِنْزَالُ قبلَ البُلُوغِ، كذلك هذا. وعلى هذا، يُمْنَعُ أنَّه (2) لا يَذُوقُ (3) العُسَيلَةَ إذا حَصَلَ منه الانْتِشارُ كغيرِ البالغِ، ولدُخُولِه في عُمُومِ الآيَةِ.
(1) في م: «حتَّى تذوق» .
(2)
في م: «أن» .
(3)
في م: «تذوق» .