الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا حَقَّ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ فِي طَلَبِ الْفَيئَةِ وَالْعَفْو عَنْهَا، وَإنَّمَا ذَلِكَ إِلَيهَا.
فصلٌ: وإذَا صَحَّ الإيلَاءُ، ضُرِبَتْ لَهُ مُدَّةُ أربَعَةِ أشْهُرٍ.
ــ
3697 - مسألة: (ولا حَقَّ لسَيِّدِ الأمَةِ في طَلَبِ الفَيئَةِ والعفْو عنها، وإنَّما ذلك إليها)
وجملةُ ذلك، أنَّ الجُرَّةَ والأمَةَ سَواءٌ في اسْتِحْقاقِ المُطالبَةِ، سَواءٌ عفا السَّيِّدُ عن ذلك أو لم يَعْفُ؛ لأنَّ الحَقَّ لها، لأنَّ الاسْتِمْتاعَ يَحْصُلُ لها. فإن ترَكَتِ المطالبَةَ، لم يكنْ لمَوْلاها الطَّلَبُ، ولأنه لا حَقَّ له. فإن قِيلَ: حَقُّه في الولَدِ، ولهذا لم يَجُزِ العَزْلُ عتها إلَّا بإذْنِه. قُلْنا: لا يستَحِقُّ على الزَّوْجِ اسْتِيلادَ المرأةِ؛ ولذلك (1) لو حَلَفَ لَيَعْزِلَنَّ عنها، أو لا يَسْتَوْلِدُها، لم يكُنْ مُولِيًا. ولو أنَّ المُولِيَ وَطِيء بحيثُ يُوجَدُ (2) التِقاءُ الخِتانَين، حَصَلتِ (3) الفَيئَةُ، وزالتْ عنه المُطالبَةُ، وإن لم يُنْزِلْ، وإنَّما اسْتُؤْذِنَ السَّيِّدُ في العَزْلِ؛ لأنَّه يَضُرُّ بالأمَةِ، فرُبَّمَا نَقَصَ قِيمَتَها. ولَنا في وُجُوبِ اسْتِئْذانِه مَنْعٌ.
فصل: قال الشَّيخُ، رحمه الله:(وإذا صَحَّ الإِيلاءُ، ضُرِبَتْ له مُدَّةُ أرْبَعَةِ أشْهُر) وجملَةُ ذلك، أنّ المُولِيَ يتربَّصُ أرْبعَةَ أشْهُر، كما أمَرَ الله تعالى، ولا يُطالبُ بالوَطْءِ فيهنَّ، فإذا مَضَتْ أرْبَعَةُ أشْهُر، وَرافَعَتْه امْرأتُه
(1) في تش: «كذلك» .
(2)
في م: «يوجب» .
(3)
في م: «وجبت» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إلى الحاكِمِ، أمَرَه بالفَيئَةِ، فإن أبَى أمَرَه بالطَّلاقِ، ولا تَطْلُق زَوْجَته بمُضِيِّ المُدَّةِ. قال أحمدُ في الإِيلاءِ: يوقَفُ، عن أكابِرَ (1) أصحابِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ عن عمرَ ما يدُلُّ على ذلك، وعن عُثْمانَ، وعليٍّ. وجَعَلَ يُثْبِتُ حَدِيثَ عليٍّ. وبه قال ابن عمرَ، وعائِشَةُ. ورُوِيَ ذلك عن أبي الدَّرْداء. وقال سليمانُ بنُ يَسارٍ: كان تِسعَةَ عَشَرَ رَجُلًا مِن أصحابِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم يُوقِفُون في الإِيلاءِ (2). وقال سُهَيلُ بن أبي صالح، [عن أبيه] (3): سَألْت اثْنَيْ عَشَرَ مِن أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فكلُّهم يقولُ: ليس عليه شيءٌ، حتى يَمْضِيَ أرْبعَةُ أشْهُر فيُوقَفُ فإن فاءَ وإلَّا طَلَّقَ. وبه قال سعيدُ بنُ المُسَيَّبِ، وعُرْوَةُ، ومُجاهِدٌ، وطاوسٌ، ومالكٌ، والشافعيُّ، وإسْحاقُ، وأبو عُبَيدٍ، وأبو ثَوْرٍ، وابن المُنْذِرِ. وقال ابن مَسْعودٍ، وابنُ عباس، وعِكْرِمَة، وجابِرُ بن زَيدٍ، وعطاءٌ، ومَسْروقٌ، والحسَنُ، وقَبِيصَةُ، والنَّخَعِي، والأوزاعِيُّ، وابن أبي لَيلَى، وأصحابُ الرَّأْي: إذا مَضَتْ أرْبعة أشْهُرٍ، فهي تَطْلِيقَة بائِنَةٌ. ورُوِيَ ذلك أيضًا عن عُثْمانَ، وعليٍّ، وزيدٍ، وابنِ عمرَ. ورُوِيَ عن أبي بَكْرِ بنِ عبدِ الرحمنِ، ومَكْحُولٍ،
(1) في م: «الأكابر من» .
(2)
أخرجه الإمام الشافعي، انظر: ترتيب المسند 2/ 42. وسعيد بن منصور، في: السنن 2/ 32. وابن أبي شيبة، في: المصنف 5/ 132. والدارقطني، في: سننه 4/ 61، 62. والبيهقي، في: السنن الكبرى 7/ 376.
(3)
سقط من: النسخ. والمثبت من مصادر التخريج. وقد أخرجه الدارقطني، في: سننه 4/ 61. والبيهقي، في: السنن الكبرى 7/ 377.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والزُّهْرِيِّ، تَطْلِيقَة رَجْعِيَّة. ويُحْكَى عن ابنِ مسعودٍ أنَّه كان يقْرأُ:(فإن فَاءُوا فِيهن فإن اللهَ غفورٌ رَحِيمٌ)(1). ولأن هذه مُدَّةٌ ضُرِبَتْ لاسْتِدْعاءِ الفِعْلِ منه، فكان ذلك في المُدَّةِ، كمُدَّةِ العُنَّةِ. ولَنا، قَوْلُ اللهِ تعالى:{لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} . [وظاهِرُ ذلك أنَّ الفَيئَةَ بعدَ أربعةِ أشهر](2)؛ لذِكْرِه الفَيئَةَ بعدَها بالفاءِ المُقْتَضِيَةِ للتَّعْقِيبِ، ثم قال:{وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} . ولو وَقَعَ بمُضِيِّ المدَّةِ لم يَحْتَجْ إلى عَزْم عليه، وقولُه:{سَمِيعٌ عَلِيمٌ} . يَقْتَضِي أنَّ الطَّلاقَ مَسْمُوعٌ، ولا يكونُ المَسْمُوعُ إلَّا كَلامًا، ولأنَّها مُدَّة ضُرِبَتْ له تأْجيلًا، فلم تُسْتَحَقَّ المُطالبَةُ فيها، كسائرِ الآجالِ، ولأنَّ هذه مُدَّةٌ لم يتَقَدَّمْها إيقاعٌ، فلم يتَقَدَّمْها وُقُوعٌ كَمُدَّةِ العُنَّةِ. ومُدَّةُ العُنَّةِ حُجَّةٌ لَنا؛ فإنَّ الطَّلاقَ لا يَقَعُ بمُضِيِّها، ولأنَّ مُدَّةَ العُنَّةِ ضُرِبَتْ له ليُخْتَبرَ فيها، ويُعْرَفَ عَجْزُه عن الوَطْءِ بتَرْكِه في مُدَّتِها، وهذه ضُرِبَتْ تَأْخِيرًا لها، وتأْجِيلًا، فلا يَسْتَحِقُّ المُطالبَةَ إلَّا بمُضِيِّ الأجَلَ، كالدَّيْنِ.
فصل: وابْتِداءُ المُدَّةِ مِن حينِ اليَمِينِ، ولا تَفْتَقِرُ إلى ضَرْبِ مُدَّةٍ؛ لأنَّها ثَبَتَتْ بالنَّصِّ والإِجْماعِ، فلا تَفْتَقِرُ إلى ضَرْبٍ، كمُدَّةِ العِدَّةِ، ولا يُطالبُ بالوَطْءِ فيها؛ لِمَا ذَكَرْنا.
(1) عزاه في الدر المنثور 2/ 271 لأبي عبيد، في: فضائله، وابن المنذر، من قراءة أبي بن كعب.
(2)
سقط من: م.