الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنِ ارْتَجَعَهَا في عِدَّتِهَا، وَأَشْهَدَ عَلَى رَجْعَتِهَا مِنْ حَيثُ لَا تَعْلَمُ، فَاعْتَدَّتْ، وَتَزَوَّجَتْ مَنْ أصَابَهَا، رُدَّتْ إِلَيهِ، وَلَا يَطَؤُهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا. وَعَنْهُ، أَنَّهَا زَوْجَةُ الثَّانِي.
ــ
للحِلِّ أصلًا، وإنَّما هو في الطَّلاقِ الثَّلاثِ غايةُ التَّحْريمِ، بدليلِ قولِه تعالى:{فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيرَهُ} (1). وحتَّى للغَايَةِ، وإنَّما سَمَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم الزَّوْجَ الذي قَصَدَ الحِيلَةَ مُحَلِّلًا تَجَوُّزًا، بدليلِ أنَّه لَعَنَه، ومَن أثْبَتَ حَلالًا لم (2) يَسْتَحِقَّ لَعْنًا. والثاني، أنَّ الحِلَّ إنّما يَثْبُتُ في مَحَلٍّ فيه تَحْرِيمٌ، وهي المُطَلَّقةُ ثلَاثًا، وههُنا هي حَلالٌ له، فلا يَثْبُتُ فيها حِلٌّ. وقولُهم: إنه يَهْدِمُ الطَّلاقَ. قُلْنا: بل هو غايةٌ لتَحْرِيمِه، وما دُونَ الثَّلاثِ لا تَحْرِيمَ فيها، فلا يَكُون غايةً له.
3657 - مسألة: (وإنِ ارْتَجَعَها في عِدَّتِهَا، وأشْهَدَ على رَجْعَتِها مِن حَيثُ لا تَعْلَمُ، فاعْتَدَّتْ، ثم تَزَوَّجَتْ مَن أصابها، رُدَّتْ إليه، ولا يَطَؤُها حتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُها)
في إحْدَى الرِّوايَتَينِ. والأخْرَى، هي زَوْجَةُ الثَّانِي. وجملةُ ذلك، أنَّ زَوْجَ الرَّجْعِيَّةِ إذا رَاجَعها مِن حيثُ لا تَعْلَمُ،
(1) سورة البقرة 230.
(2)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
صَحَّتِ المُرَاجَعَةُ؛ لأنَّها لا تَفْتَقِرُ إلى رِضاها، فلم تَفْتَقِرْ إلى عِلْمِها، كطلاقِها. فإذا راجَعَها ولم تَعْلَمْ، فانْقَضَتْ عِدَّتُها، وتَزَوَّجَت، ثم جاء وادَّعَى أنَّه كان راجعَهَا قبلَ انْقِضاءِ عِدَّتِها، وأقامَ البَيِّنةَ على ذلك، ثَبَتَ أنَّها زَوْجَتُه، وأنَّ نِكاحَ الثَّاني فاسِدٌ؛ لأنَّه تَزَوَّجَ امْرَأةَ غيرِه، وتُرَدُّ إلى الأوَّلِ، سَواءٌ دَخَلَ بها الثَّاني (1) أو لم يَدْخُلْ. وهذا هو الصَّحِيحُ. وهو قَوْلُ أكثَرِ الفُقَهاءِ؛ منهم الثَّوْرِيُّ، والشافعيُّ، وأبو عُبَيدٍ، وأصحابُ الرَّأْي. ورُوِيَ ذلك عن عليٍّ، رضي الله عنه. ورُوِيَ عن أبي عبدِ اللهِ، رحمه الله، رِوايَةٌ ثانِيَةٌ، إن دَخَلَ بها الثَّانِي، فهي امْرأتُه، ويَبْطُلُ نِكاحُ الأوَّلِ. رُويَ ذلك عن عمرَ بنِ الخَطَّابِ، رضي الله عنه. وهو قول مالكٍ. ورُوِيَ مَعْناه عن سعيدِ بنِ المُسَيَّبِ، وعبدِ الرَّحمنِ بنِ القاسمِ، ونافعٍ؛ لأنَّ كُلَّ واحدٍ منهما عَقَدَ عليها وهي ممَّن يَجوزُ العَقْدُ عليها في الظَّاهِرِ، ومع الثَّانِي مَزِيَّةُ الدُّخول، فقُدِّمَ بها. ولَنا، أنَّ الرَّجْعَةَ قد صَحَّتْ، وتَزَوَّجَتْ وهي زَوْجَةُ الأوَّلِ، فلم يَصِحَّ نِكاحُها، كما لو لم يُطَلِّقْها. إذا ثَبَتَ هذا، فإن كان الثَّانِي ما دَخَلَ بها، فُرِّقَ بينَهما، ورُدَّت إلى الأوَّلِ، ولا شيءَ على الثَّانِي. وإن كان دَخَلَ بها، فلها عليه مَهْرُ المِثْلِ؛ لأنَّ هذا وَطْءُ شُبْهَةٍ، وتَعْتَدُّ، ولا تَحِلُّ للأوَّلِ حتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُها منه.
(1) سقط من: م.